هل غيرت الامارات من استراتيجيتها في جنوب اليمن؟ (تحليل)

[ المكتب السياسي للمقاومة الوطنية يفتتح فرعا له في محافظة شبوة- 27 فبراير 2022/ الصورة من وسائل التواصل الإجتماعي ]

 تدعم الامارات فصيلين في اليمن، على النقيض من بعضهما سياسيا واستراتيجيا. فقد بدى مؤخرا أن المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يهدف إلى انفصال جنوب اليمن، قد لا تتطابق أهدافه مع المكتب السياسي للمقاومة الوطنية، برئاسة طارق عفاش، الذي نشأ أساسا في الساحل الغربي لمقاتلة ميليشيات الحوثي وصولا إلى استعادة العاصمة صنعاء..
 
الأول، الانتقالي، يقدم نفسه وريثا شرعيا لحكم الجنوب، بعد انفصاله بالطبع. بينما الآخر، المقاومة الوطنية، الذي تم تأسيسه لتحرير شمال اليمن، كما يفترض؛ بات يقدم نفسه مؤخرا كفصيل وطني على مستوى كامل اليمن، شمالا وجنوبا..
 
وبما أن الامارات هي الرابط الأبرز، وربما الوحيد، بين الفصيلين، على المرء أن يتساءل: إلى أيهما تبدو الامارات أقرب؟ وأيّ المشروعين هو مشروعها الرئيس فعلا؟؛ هل الوصول مع الانتقالي إلى انفصال الجنوب؟، أم ايصال طارق عفاش الى حكم اليمن، أو حتى إلى الشراكة في حكم اليمن ككل؟!
 
بالنظر إلى المتغيرات الجديدة على الساحة الجنوبية، تحديدا؛ لا سيما مع تعيين المؤتمري عوض الوزير محافظا لشبوة، وما لحقه تاليا من افتتاح فرع للمكتب السياسي للمقاومة الوطنية، التابع لطارق عفاش، في المحافظة..؛ قد يمكن معها قراءة ما يعتبر ربما توجهات جديدة للأمارات؛ قد لا تكون على ما تشتهي سفن الانتقالي...!!
 
فالأمر قد يكون أكبر من مسألة تعيين محافظ بتوجهات سياسية معينة؛ أو افتتاح مكتب لقوة شمالية بحتة في محافظة جنوبية، لطالما رغب الانتقالي في احتكار تمثيلها. ذلك أنه ربما يعكس تفاهمات جديدة بين دولتي التحالف العربي، السعودية والامارات، تجاه اليمن، والجنوب خاصة.
 
برغبة اماراتية رحب الانتقالي بتعيين المؤتمري عوض الوزير محافظا لشبوة. وبرغبة اماراتية كذلك لم يتجرأ الانتقالي على ادانة افتتاح مكتب طارق عفاش فرعا له في شبوة- على الرغم من أن هذه الخطوة الأخيرة تحديدا عكست امتعاضا كبيرا لناشطي الانتقالي على وسائل التواصل الاجتماعي...!!
 
وعلى النسق ذاته؛ يمكن القول إنه وبرغبة اماراتية أيضا قد يجبر الانتقالي، الذي هو صنيعتها، على تقبل توجهاتها الجديدة في الجنوب، لاسيما وإن هذه التوجهات- كما أسلفنا- لا تبدو أنها بعيدة عن تفاهمات مع السعودية.
 
وفقا للمعطيات الجديدة؛ قد يُحَّجّم الانتقالي في الاقليم الغربي للجنوب، في إطار محافظات: عدن ولحج والضالع وأبين. فيما يُمَكّن فصيل طارق عفاش- وربما المؤتمر بمختلف فصائله ومسمياته- في الاقليم الشرقي للجنوب: حضرموت والمهرة وشبوة.
 
مؤخرا، الجمعة الماضية، زار المبعوث الأمريكي تيم ليندر كينج ومعه القائمة بأعمال السفارة الأمريكية، المحافظات الشرقية الثلاث (المهرة وحضرموت وشبوة)، تحت عنوان دعم السلطات المحلية لمكافحة الارهاب والتهريب...
 
ولعل اقتصار هذه الزيارة رفيعة المستوى على هذه المحافظات الشرقية الثلاث، يعطي انطباعا بأن الامريكيين على اطلاع- إن لم يكن لهم دورا رئيسيا بالفعل- بالتوجهات الجديدة لتكريس الاقليم الشرقي، والذي لطالما مثّل رغبة سعودية، تعارضت في بعض الاحيان مع دعم الامارات للانتقالي في الجنوب..
 
إذ تبدو فكرة الأقاليم أكثر قبولا وأريحية من فكرة الانفصال، وأكثر انسجاما مع فكرة تجزئة الحلول في مآلات الحرب الراهنة، والتي انتهت بالتحالف العربي إلى إدارة الحرب، بدلاً من حسمها.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر