جبهة المناطق الوسطى: ما المانع أن تكون بديلا لجبهة الساحل الغربي؟ (تحليل خاص)

[ جبال مطلة على "مدينة دمت" سيطر عليها الجيش في 16 نوفمبر 2018 (يمن شباب نت) ]

في الوقت الذي تشهد فيه جبهات القتال في الساحل الغربي توفقا إجباريا، وتحوُّل المواجهة بين الطرفين إلى نمط قتالي غير تقليدي منخفض الحدة، يراوح بين الكر والفر، لا شك أن المستفيد الأكبر، الطرف الحوثي؛ لأن وضعه القتالي السابق كان دفاعيا منهكا؛ حيث مكنه هذا التوقف من كسب المزيد من الوقت ?¹???? ?§???°???¨والفرص لالتقاط أنفاسه، وإعادة ترتيب صفوفه، وإخضاع مناطق التهديد في العمق؛ وذلك كما حدث في كُشَر-حجور، والحُشاء، وما يحدث، الآن، في قعطبة، ودمت، والعود.

ولا ننسى، كذلك، مضاعفة تركيز الحوثيين على الحدود السعودية، التي تشهد عمليات استهداف صاروخية، وإغارات برية متواصلة، يوثقها الإعلام الحربي للحوثيين، توثيقا حياً من داخل العمق السعودي.
 

تقريبا، تسود أهم الجبهات حالة جمود مفروضة، قياسا مع ما كان سائدا قبل 18 ديسمبر/ كانون الأول 2018، باستثناء ما سبق ذكره، فضلاً عن جبهة صعدة وبعض مناطق حجة الغربية. لكنها ليست بذات القدر من الزخم والإنجاز، الذي كانت تحققه يومياً جبهة الساحل؛ فالهالة الإعلامية التي ترافق القوات المهاجمة المدعومة من قبل الجيش السعودي في صعدة وحجة، تجعل من أي عملية تقدم بسيطة، إنجازا عسكريا خارقا.
 

اتجاهات المعركة، التي ينبغي التركيز عليها من قبل قيادة الجيش الوطني، لتعويض التوقف الإجباري لمعركة تحرير الحديدة، وقبلها معركة تحرير صنعاء، من خلال جبهتي نهم وصرواح، تشير إلى أهمية القوس الممتد بين مديريات دمت، وقعطبة، الحشاء، وامتداداته إلى البيضاء وتعز؛ ذلك أن السيطرة على هذا القوس والامتداد، تتيح تحقيق الكثير من الإنجازات الداعمة لميزان القوة، مثل: استهلاك القوة البشرية والمادية، التي كدسها الحوثيون خلال الثلاثة الأشهر الماضية، وتخفيف الضغط على الجبهات الأخرى، وخلق جبهة ضغط بديلة لجبهة الساحل، أو رديفة لجبهتي صرواح، ونهم.
 

إضافة إلى ما سبق من الأهمية، تربط هذه المناطق بين أربع محافظات، هي: البيضاء، والضالع، وإب، وتعز. وهي مناطق يرتكز فيها الوجود الحوثي على قواعد هشة، قوامها القسر، وانتهازية مراكز القوى القبلية، والعصبيات السلالية. فيما تكمن في هذه المناطق روح ثورية ناقمة على هذا الوجود، تنتظر اللحظة المناسبة والمضمونة للانتفاض في وجوههم.
 

من الناحية العسكرية، تعد هذه المناطق نقاط اقتراب من العمق الغني بالموارد التجارية الداعمة لخزينة الحرب، التي لا تقل شأنا عن ما كانت تدرّه الحديدة من موارد؛ حيث تشكل الحركة التجارية الواسعة فيها، دافعا لفرض الضرائب المجحفة، والإتاوات الضريبية والجمركية، التي يوظف جانب كبير منها في دعم اقتصاد الحرب.
 

إلى جانب ذلك، فإن هذه المناطق تحقق بعض طرقها ومرتفعاتها الجبلية سيطرة نارية على ما تحتها من الطرق الرابطة بين المدن التجارية وبين وعواصم المحافظات الأربع، مما يجعل من السيطرة عليها إضعافا لمرتكزات عديدة من مرتكزات الحوثيين، عسكريا واقتصاديا. ومع أن معركة السيطرة على ما تبقى من هذه المحافظات قد يطول، إلا أنه لن يحول دون تحقيق ذلك؛ للأسباب السالف ذكرها، مع ما يتيحه فارق القوة، الذي لم يستطع الحوثيون التغلب عليه خلال أربع سنوات.
 

لذلك يستميت الحوثيون في تعزيز موقفهم في جبهات قتال هذا القوس، خاصة النقاط الملتهبة منه، في مسعى أقل غاياته تثبيت خطوط التقدم للطرفين، وأعلاها التوغل جنوبا إلى حدود ما قبل عام 1990. وبناء على ذلك يمكن تفسير نمط القتال الدائر في بعض هذه المناطق منذ أكثر من عام.
 

الحقيقة أنها فرصة بديلة أمام قوات الجيش الوطني، والقوات، التي كانت تقاتل في جبهات الساحل، ولديها هدف جوهري من مواجهة الحوثيين، ثم وجدت نفسها قوة معطلة؛ نتيجة لإرادة سياسية دولية مخاتلة. وعلى قيادة الجيش الوطني دراسة جدوى التقدم في هذه المناطق، لتحديد أنسبها، وتوجيه جزء من قوات الساحل إليها، أو الدفع بقوات أخرى يمكنها القيام بهذه المهمة.
 

لقد كانت هذه المناطق موردا للقادة والمقاتلين الجمهوريين إبّان حصار السبعين يوما، ومنها انطلقت قوافلها إلى تعز، فالحديدة، وصولا إلى صنعاء، في فبراير/ شباط 1968، بعد أن كسرت الحصار الكهنوتي على العاصمة. إن لم تكن هذه المناطق باباً للوصول إلى صنعاء، فإنها تفتح أبوابا أخرى عصية؛ فكلما تزايدت الضغوط في الجبهات، وتشتت قوات الحوثيين، قلّت فاعليتهم وكفاءتهم القتالية، لا سيما أنهم اليوم يعانون نقصاً حاداً في المقاتلين، بعد أن فقدوا الكثير من المغرر بهم، واتضح للجميع أن الدفع بالشباب إلى صفوهم، موت لا ريب فيه.

 
هذه ليست دعوة للحرب في مناطق يعتقد البعض أنها مستقرة، لكنها أقرب الخيارات المتاحة، بعد أن أوصدت الكثير من الأبواب، ولعل قيادة الجيش تدرك ما المناسب عن ما سواه، مع أن اتخاذ القرار، للأسف، لا يزال يهيمن عليه التحالف، لكن تظل الإرادة قائمة ما دامت القضية عادلة.


*محلل سياسي في الشئون الاستراتيجية والعسكرية
 

حقوق النشر محفوظة "يمن شباب نت" ©2019  

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر