"الكلاب" في صنعاء كابوس مُرعب يهدد حياة السكان ويؤرق منامهم (تقرير خاص)

[ كلاب في إحدى أحياء العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيين من العام 2014 ]

لا يستقر هدوء الليل في العاصمة صنعاء بسبب "نباح الكلاب" المزعجة في الأحياء والشوارع والتي تنتشر بكثافة وتتكاثر بشكل مستمر، لم يقتصر الأمر على الإزعاج فقط بل تعدى ذلك إلى مخاطر كبيرة تهدد السكان وخاصة الأطفال والنساء الذين يتعرضون لعضات شرسة بالإضافة إلى الخوف والرعب من الخروج إلى الشارع في أوقات تواجدها.
 
"سما أحمد" (19 عام) تعرضت لهجوم عنيف وقاتل من كلب بأحد الأحياء الضيقة في "شارع الزراعة" (وسط صنعاء) وعضها في رجلها وأسقطها على الأرض بشكل مفاجئ ومزق ردائها (البالطو)، وهي تمشى برفقة أمها وشقيقتها الصغرى عائدة إلى المنزل بعد ساعة من غروب الشمس.
 
وزادت حوادث الكلاب التي تهاجم الناس في الشوارع خلال الأشهر الماضية في صنعاء، وبعضها مسعورة وخطيرة وتحمل "داء الكلاب" الذي له مضاعفات خطيرة على المصاب والذي يودي بحياة الشخص إذا لم يتلقى الإسعاف والعلاج بشكل فوري عقب تعرضه لعملية "العض" التي يتم من خلالها انتقال الفيروس.
 
أفواج من الكلاب العدوانية

وتتجمع الكلاب الضالة على شكل أفواج في الأزقة والأحياء، وتتواجد بشكل مكثف في الليل وساعات الصباح الأولى، وهو ما يهدد المارة في هذه الأوقات بشكل كبير، والتي هي في العادة أوقات لا يتواجد الناس فيها بشكل مُكثف، مما يجعل المارة أكثر عرضة للعض والهجوم من قبل الكلاب، بالإضافة إلى الطلاب والعمال الذين يستيقظون بوقت مبكر.
 
وقالت سما أحمد في حديث لـ "يمن شباب نت" إنها كانت تلحق أمها بشكل سريع والتي تبعدها بمسافة قصيرة وفجأة نبح كلب ولم تكترث لكنها تفاجئت أنه يلحق بها، وماهي إلا لمحة حتى عض رجلها واسقطها على الأرض، حينها انقطع صوتها وهي تحاول الصراخ للنجاة ودخلت في حالة إغماء.
 
وأضافت "لم يعرف بأمري سوى أشخاص كانوا يرون هجوم الكلب والذين بدورهم أنقذوني ولفتو انتباه أمي وشقيقتي، وتم اسعافي إلى المستشفى وتلقيت العلاج ومن حُسن حظي انني تجاوزت داء الكلب بسرعة، ولم أعد أتذكر ذلك الحادث الا كحلم ولا أعرف ماذا حصل وكيف تحملت".
 
ولايزال ضحايا الكلاب في تكاثر بشكل كبير وخاصة في أوساط النساء والأطفال، في ظل انعدام الوقاية من قبل السلطات والتي من المفترض ان تقوم بواجبها عبر وزارتي الزراعة والصحة، سواء في التعامل من الانتشار المخيف للكلاب الضالة أو علاج ضحايا العضّات من خلال التلقيح من الإصابات بـ "داء الكلاب".
 
هجوم على السيارة

"محمد الوصابي" (42 عام) -سائق سيارة أجرة- يعمل إلى وقت متأخر من الليل ويتعرض للخوف والرعب والمطاردة وتعرض لخسارة كبيرة بعد دهس أحد الكلاب اثناء اللحاق بسيارته مما تسبب بإتلاف إحدى الإطارات بشكل كامل، وهي الخسارة الأكبر التي تعرض لها من الكلاب حتى الآن.
 
وقال في حديث لـ "يمن شباب نت" ان الكلاب تهاجمه بشكل غريب عندما يخرج في مشوار بوقت متأخر من الليل وأنها تلاحق السيارة وهي تسير، فدائما يحاول أن يكون حذراً عندما يتحرك بسيارته من جوار المنزل في الليل أو حين يصل لإيقافها بعد سماعة قصص عن وفيات بسبب الكلاب.
 
وذكر الوصابي "ذات يوم واجهه فوج من الكلاب -في حي السنينة- بساعة متأخرة من الليل بشكل معاكس لسير السيارة في حي شعبي ضيق، وحاول الإسراع للتخلص من اعاقتهن لسيرة، لكنه دهس احداهن مما تسبب بإعطاب الإطار الأمامي للسيارة الأمامي مما كلفة 20 ألف ريال يمني (37دولار امريكي) لشراء إطار جديد".
 
وفيات وإصابات بداء الكلاب

وتقدر الإصابات بداء الكلاب بالآلاف كما أسفرت بعض العضّات عن وفيات معظمهم من الأطفال في عدد من المحافظات، ولا توجد إحصائية دقيقة، غير إن السلطات الصحية في صنعاء، أفادت بتسجيل 18 حالة وفاة بداء الكلب، وإصابة نحو 7 آلاف شخص آخرين بالداء خلال العام الماضي 2018، في ظل انهيار معظم القطاع الصحي الحكومي.
 
وخلال العام 2017 بلغت عدد الإصابات بداء الكلب 14 ألف شخص توفي منهم حوالي 50 شخصاً، وتعرض أكثر من 10 آلاف شخص لعض الكلاب في 11 محافظة مما تسبب في وفاة 49 شخصا، وفق تصريح صحفي سابق لمدير البرنامج الوطني لمكافحة داء الكلب التابع لوزارة الصحة.
 
وتشكل أدوية اللقاحات من "داء الكلاب" عبئ كبير على الموطنين في ظل عدم توفرها بشكل مجاني في المستشفيات الحكومية، ويبلغ قيمة الجرعة الواحدة سبعة ألف ريال يمني (13 دولار أمريكي) ويحتاج الشخص المصاب إلى خمس جرعات على الأقل تستمر شهر كامل بدء من لحظة الإصابة، وإلا فإن مضاعفات الداء تؤدي للوفاة، وهو ما يحدث للفقراء الذين لا يستطيعون توفير قيمة اللقاح وتكاليف العلاج والمستشفى.
 
ويعد "داء الكلب" مرض فيروسي ينتقل عادة معبر العضات أو أخداش عميقة من جانب كلب مُصاب ويتعرض 95% من الأشخاص المصابين للوفاة إذا لم يتلقوا العلاج بشكل فوري واللقاحات اللازمة، وتصيب أساساً الفئات السكانية الفقيرة والمستضعفة المقيمة في المناطق الريفية النائية، غالباً ما يكون الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 سنوات و14 سنة من ضحايا هذا المرض. بحسب منظمة الصحة العالمية.
 
يمكن القضاء على داء الكلب بتطعيم الكلاب والوقاية من عضّاتها، وفي حالة تم الإصابة فيجب الغسل الجيد والعلاج الموضعي للجرح في أسرع وقت ممكن، ومن ثم إعطاء سلسلة من جرعات لقاح فاعل وناجع مضاد لداء الكلب، ويتم أحياناً إعطاء دواء مناعي لداء الكلب في حال التوصية بذلك.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر