ميدل إيست آي: لماذا سيكون الفشل مصير الدعوة الامريكية لوقف إطلاق النار في اليمن؟ (ترجمة خاصة)

[ طفل مصاب بداء الخناق يكمن على سرير في مستشفى بالعاصمة صنعاء (أ ف ب) ]

سلط تقرير بريطاني في موقع "ميدل إيست آي" ترجمة "يمن شباب نت" الضوء على الدعوات الأمريكية الأخيرة لوقف الحرب في اليمن والبدء بمشاورات خلال شهر نوفمبر الجاري للوصول إلى تسوية سياسية بين الأطراف اليمنية تضمن إيقاف الحرب.
 
كسر بيان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الذي انتقى مفرداته بعناية ودعا فيه إلى "الحل السلمي" في اليمن، شهورا من صمت إدارة ترامب حول الصراع.
 
ويأتي الضغط الأمريكي في الوقت الذي ينشر فيه تحالف الإمارات والسعودية أكثر من 10 آلاف جندي باتجاه الساحل الغربي لليمن في محاولة أخرى لاستعادة السيطرة على مدينة الحديدة التي يسيطر عليها الحوثيون.
 
موعد نهائي متفائل

تعتبر دعوة بومبيو هامة لأنها تحث جميع أطراف النزاع على دعم مارتن غريفيث، مبعوث الأمم المتحدة الخاص لإحلال السلام في اليمن وتطالب الحوثيين أولاً بوقف هجماتهم العشوائية باستخدام الطائرات بدون طيار والصواريخ، ضد السعودية والإمارات العربية المتحدة، مشيرة ًالى انه "في وقت لاحق، يجب أن تتوقف الضربات الجوية للتحالف في جميع المناطق المأهولة بالسكان في اليمن".
 
جيمس ماتيس وزير الدفاع الأمريكي، قال إن على الأحزاب في اليمن الانضمام إلى محادثات السلام التي تقودها الأمم المتحدة "خلال الثلاثين يومًا القادمة" وهو موعد نهائي متفائل سيتم الاحتفاء به حال تحققه بالنظر الى أن المحاولات الأخيرة لبدء محادثات بين الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي والحوثيين في جنيف فشلت فشلاً ذريعا.
 
هنالك سببان رئيسيان لتغيير السياسة الأمريكية في اليمن. أولها ًتأثير ضغط الكونجرس والضغط السياسي في الولايات المتحدة على إدارة ترامب لإيجاد حل قبل الانتخابات النصفية.

ثانياً، يستخدم ماتيس وبومبيو رد فعل ما بعد تصفية خاشقجي الغير قانونية كأداة للسيطرة على سياسة محمد بن سلمان المتهورة في اليمن.
 
ومع تسليط الضوء على قابلية محمد بن سلمان للبقاء كأمير والمخاوف الوشيكة حول خلافة والده، فإن الولايات المتحدة لا تسعى إلى تحقيق الاستقرار في بلد يعد حليف رئيسي لها في الشرق الأوسط فحسب، بل انها تعمل على هندسة استراتيجية تسكين للديناميكيات السياسية المحلية حيث بات التحالف مع الرياض مسألة خطرة على نحو متزايد.
 
وبالإضافة إلى ذلك يبرز ضغط دبلوماسي أمريكي من جميع الجهات نحو إيقاف الحصار السياسي والاقتصادي للسعودية على قطر.
 
لكن وقبل كل شيء لم يعد دعم الولايات المتحدة للتحالف الذي تقوده السعودية كما كان، حيث بعد مضي أكثر من ثلاث سنوات، لا يزال الصراع في طريق مسدود في ظل فشل جميع المبعوثين السابقين للأمم المتحدة في محادثات السلام.
 
وتقول الأمم المتحدة إن التحالف الذي تقوده السعودية ربما ارتكب جرائم حرب، في حين أن الحصار السعودي على الموانئ أوصل جارتها الجنوبية الى حافة المجاعة، مما أثر على أكثر من 14 مليون يمني.
 
رسالة أقوى

تشهد استراتيجية الحرب الأمريكية على الإرهاب في اليمن تراجعاً مستمراً حيث تدخلت الولايات المتحدة في اليمن على نطاق واسع بهدف تحييد القاعدة في شبه الجزيرة العربية غير أنه تم ابرام "صفقات سرية" مع تنظيم القاعدة كجزء من الحرب الأهلية من قبل التحالف الذي تقوده السعودية، للتلاعب بالديناميكيات الإقليمية ضد الحوثيين وهو ما يناقض بشكل مباشر هدف مكافحة الإرهاب الأمريكي في مقابل الإستراتيجيات السعودية للانتصار في الحرب.
 
لابد من التساؤل حول سبب استمرار امريكا بتزويد طائرات التحالف بالوقود إذا كان بومبيو (فعلاً) يحاول إنهاء الحرب؟ وبلا شك فإن خطوة ملموسة مثل إنهاء إعادة التزود بالوقود سترسل رسالة أقوى لوقف قصف المناطق ذات الكثافة السكانية العالية في اليمن. إن رؤية بومبيو للأطراف "باستبدال الصراع بالحلول الوسط" تتجاوز الحالة في اليمن.
 
إذ أن التركيز فقط على التحالف بقيادة السعودية والحوثيين ليس بالضرورة امراً واقعياً في ظل وجود توترات في الصراع بين هادي وكلاً من المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات العربية المتحدة، والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح والمليشيات القبلية المنتشرة فيما بينهما.
 
بالنسبة للحوثيين تمثل الدعوات الأمريكية للسلام ذروة النفاق حيث أخبرني حسين البخيتي وهو صحفي يمني مؤيد للحوثي، أن تصريحات بومبيو هي "تغطية لعملية جديدة مقبلة في الحديدة". وأضاف "مطالبة الحوثيين بوقف الهجمات الصاروخية مقابل أن يقوم التحالف فقط بوقف قصف المناطق ذات الكثافة السكانية العالية ما هو الا مشروع أمريكي لاحتواء الحرب في اليمن".
 
واضاف "إذا ارادت الولايات المتحدة احلال السلام في اليمن، فيمكنهم البدء بوقف امدادات الاسلحة الى التحالف الذي تقوده السعودية".
 
وفي أغسطس / آب، زعم رئيس لجنة الحوثي الثورية العليا، محمد علي الحوثي بأن الولايات المتحدة تعرقل الحوار حول آفاق السلام في اليمن، وكان الحوثيون أطلقوا حملة مناهضة للولايات المتحدة أطلق عليها "أمريكا تقتل الشعب اليمني".
 
وبعد أن لاقت تلك الحملة قبولاً من القلوب والعقول في صف الحوثي مع العثور على قنابل أميركية في حطام حافلة المدرسة التي دمرتها ضربة سعودية أسفرت عن مقتل 40 طفلاً في أغسطس، فإن فكرة "التسامح والنسيان" التي يطرحها بومبيو لن تسير بشكل جيد في مناطق الحوثيين.
 
وبناء على انخراطي الشخصي مع الحوثيين، يبرز هناك خلاف واضح بين المكتب السياسي والجناح العسكري للجماعة، خاصة حول ما إذا كانت تجب المشاركة في محادثات السلام أو الاستمرار في قتال التحالف الذي تقوده السعودية.
 
عامل يغير اللعبة
 
ولدى حديثي إلى سالم ثابت العولقي يوم الخميس، أوضح المتحدث الرسمي باسم المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات العربية المتحدة أن "حيثيات الدعوة الأمريكية لوقف الحرب غير واضحة". وبرغم أن المجلس الانتقالي سيظل ملتزماً بعملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة، فإنه لن يتنازل عن "أهداف تقرير المصير" الخاصة به لرؤية الانفصال عن شمال اليمن.
 
وعلى الرغم من الضغط الأمريكي على اليمن، لم يبدر هناك رد رسمي من هذه الجماعات. وأيا ًكانت الحسابات فإنه يجب على جميع الأطراف في اليمن ان تمنح فرصة للسلام.
 
ويدور السؤال الابرز حول الكيفية التي ستبدو من خلالها ردة فعل الإيرانيين ازاء الضغط المتصاعد على الحوثيين حيث إن الانهاك الذي تعانيه إيران في سوريا والعراق وسط العقوبات الاقتصادية المستمرة لن يؤدي إلى استجابة سريعة.
 
أما سياسة الحوثيين غير المتوازنة التي أُعلن عنها العام الماضي فلن تتوقف في أي وقت قريب في ظل سعيها إلى استنزاف اقتصاد التحالف الذي تقوده السعودية ما من شأنه تغيير قواعد اللعبة في الصراع.
 
وقد أطلق الحوثيون عدة صواريخ صوب المملكة العربية السعودية وتم تأكيد تدمير طائرتين بدون طيار من قبل المملكة العربية السعودية في مطار أبها الدولي وجيزان حيث لا تزال مثل هذه الضربات تشكل تهديدًا فعليًا للتحالف الذي تقوده السعودية.
 
وتعتبر الصواريخ والطائرات الحوثية المسيرة هي الاستراتيجية الوحيدة التي يبدو أنها تعمل لصالحهم على الجبهة العسكرية. وبعد محاولة بومبيو الفاشلة للتصدي لذلك هذا الأسبوع، سيواصل الحوثيون استخدامها.
 
في هذه الأثناء يصعد السعوديون من هجماتهم ضد الحوثيين بما في ذلك العاصمة صنعاء. والوقت وحده فقط من سيحدد كيف سيستجيب الطرفان لذلك بحلول نهاية الشهر.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر