باحث أمريكي متخصص: لماذا يجب إنهاء حرب اليمن دون التسبب بظهور "«حزب الله» جنوبي"؟ (تحليل مترجم)

[ باحث أمريكي يحذر بلاده من انهاء الحرب في اليمن بنشوء "حزب الله" جنوبي في اليمن كما في لبنان ]

 حذر باحث أمريكي، متخصص بالشؤون العسكرية والأمنية في الشرق الأوسط، من إنهاء حرب اليمن عبر الحل السياسي مع ظهور «حزب الله» جنوبي على البحر الأحمر مماثل لـ «حزب الله» الشمالي على البحر المتوسط.
 
وتطرق الباحث الأمريكي "مايكل نايتس"، في مقاله تحليلية نشرها في صحيفة "ذي هيل" الأمريكية، إلى فضاعة ما خلفته أربع سنوات من الحرب اليمنية، مستشهدا بآخر الإحصائيات للأمم المتحدة ومنظمات حقوقية دولية في هذا الجانب، في حين قارن بين الخسائر المالية لإيران التي اعتبرها "زهيدة"، مقارنة بما تخسره السعودية من مليارات الدولارات شهريا.  
 
واستعرض الكاتب، الذي أجرى ثلاث زيارات إلى اليمن هذا العام لدراسة التكتيكات الدفاعية الساحلية للحوثيين وأسلحتهم، ملخصا لما توصلت إليه أبحاثه الميدانية في اليمن بشأن تصاعد قوة الحوثيين العسكرية، مع الأدلة التي تثبت دعم إيران العسكري لهم، لا سيما مع هذه الحرب الأخيرة عام 2015.
 

[أقرأ للكاتب أيضا: تحليل أمريكي مطول يبحث كيف تحولت آلة الحرب الحوثية من حرب العصابات إلى الاستيلاء على الدولة؟/ ترجمة خاصة- يمن شباب نت]
 

 ومع تأييده لجهود المفاوضات السلمية، إلا أنه شدد على أهمية ألا يغضّ صانعوا السياسة الأمريكيون الطرف عن المخاوف الحقيقية من نشوء "«حزب الله» جنوبي" تموّله إيران في شبه الجزيرة العربية، ويحيط بمضيق باب المندب وقناة السويس، ويشكل تهديداً صاروخياً جديداً على السعودية وإسرائيل.
 

وينشر "يمن شباب نت" الترجمة العربية للمقال، كما نشر في موقع "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى"، الذي يعتبر الكاتب زميلا فيه ضمن برنامج الزمالة "ليفر":
 

هناك أسباب كافية تجعل الأمريكيين يشمئزّون من الحرب في اليمن. فمنذ آذار/مارس 2015، سجّل "مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة" ما لا يقل عن 17,062 إصابة مدنية، شملت 6,592 قتيلاً، ووفقاً لتقييمه للغارات الجوية للتحالف، يرى "المكتب" أنها "السبب الرئيسي" للإصابات الموثّقة في صفوف المدنيين. أما منظمة "هيومن رايتس ووتش"، فقد سلّطت الضوء على الاستخدام العشوائي للألغام الأرضية من قِبل المتمردين الحوثيين "في ست محافظات على الأقل"، مما خلّف إرثاً من الضحايا المدنيين سيطول عقوداً من الزمن بعد نهاية النزاع.
 
ويقوم "المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان"، بالتحقيق مع جميع الأطراف المتورطة في الحرب، حول الاعتقال التعسفي والتعذيب، بما فيها قوات صالح والحوثيين، والحكومة اليمنية، وقوات الإمارات العربية المتحدة، والقوات اليمنية التي تدعمها الإمارات.
 
لقد أدت ظروف الحرب وعمليات التفتيش البحري المرتبطة بالعقوبات، إلى تفاقم الأزمة الإنسانية القائمة أساساً في اليمن، مما دفع الأمم المتحدة إلى تصنيفها بالأزمة الإنسانية الأكبر في العالم. حيث قدّرت المنظمة الدولية في نيسان/أبريل 2018، أن 76 في المائة من اليمنيين بحاجة إلى مساعدات إنسانية.
 
وقد جلبت هذه الحرب، انتقادات شديدة على المملكة العربية السعودية ووتّرت العلاقات مع الولايات المتحدة. وفي المقابل، باستطاعة الحوثيين وحليفتهم إيران أن يتجاهلوا بسهولة الانتقاد الدولي الصامت حول دورهم الكامل في إطالة الحرب وتعظيم فظائعها. فالثمن الذي تدفعه إيران، مقابل هذه الحرب، زهيدٌ بشكل استثنائي- حيث لا يتعدّى 30 مليون دولار شهرياً مدعوماً بعدد قليل من المستشارين- ولكنه باهظ جداً بالنسبة للسعودية التي تنفق ما يقدر بـ 5 إلى 6 مليارات دولار شهرياً.
 
ولا أحد، سليم العقل، يعتقد أن إطالة الحرب، أكثر من الضروري، سيفيد السعودية أو الولايات المتحدة. وقد كانت الولايات المتحدة محقّةَ في إلقاء ثقلها وراء مفاوضات سلام بوساطة الأمم المتحدة، على الرغم من أن الحوثيين لم يكلفوا أنفسهم عناء الحضور إلى جولة المحادثات الأولى التي طال انتظارها، والتي بدأت في جنيف الأسبوع الماضي.
 
ومع ذلك، فعلى الرغم من فظاعة الحرب اليمنية، من المهم للغاية ألا يغضّ صانعو السياسات والمشرّعون الأمريكيون النظر عن الحصيلة الاستراتيجية التي كانت الحرب تهدف إلى تجنبها- وهي تحديداً نشوء "«حزب الله» جنوبي" تموّله إيران في شبه الجزيرة العربية، ويحيط بمضيق باب المندب وقناة السويس، ويشكل تهديداً صاروخياً جديداً على السعودية وإسرائيل.
 
خلال الزيارات البحثية الثلاث التي قمتُ بها إلى مواقع القتال في اليمن هذا العام، أجريتُ مقابلات مع عشرات من ضباط القوات اليمنية وقوات التحالف الخليجية، ومسؤولي الاستخبارات، والقادة والمدنيين، حيث سألتهم عمّا تعلّموه من الحوثيين كخصوم. وشمل ذلك يمنيون يعيشون تحت حكم الحوثيين، أو أطفال مجنّدون في الميليشيا الحوثية، إلى جانب مجموعة من الخبراء اليمنيين الذين تربطهم علاقات مباشرة ومستمرة مع القادة الحوثيين. ويرسم البحث الصادر عن "مركز مكافحة الإرهاب" في الأكاديمية العسكرية الأمريكية "ويست بوينت" صورةً بيانية لحركة أكثر طموحاً- وأكثر عداءً للمصالح الأمريكية- مما هو مفهوم على نطاق واسع.
 
إن الزيادة الحادة في القوة العسكرية للحوثيين وطموحاتهم، لم تأت نتيجة استيلائهم على ترسانة الدولة اليمنية في أعقاب "الربيع العربي" عام 2011 فحسب، بل أيضاً في أعقاب زيادة المساعدات العسكرية من إيران و«حزب الله» اللبناني. وقد انتقل الحوثيون، في أقل من خمس سنوات، من شن غارات [حرب] العصابات في محافظاتهم الجبلية إلى القيام بهجمات طويلة المدى تصل إلى 180 ميلاً واستهداف الرياض بصواريخ بالستية متوسطة المدى إيرانية الصنع. لكنهم لم يفعلوا ذلك بمفردهم: وصحيحٌ أن المقاتلين الحوثيين جيدين، ولكنهم ليسوا بارعين إلى هذا الحد وهم بالتأكيد ليسوا علماء صواريخ.
 
ولم يصبح الحوثيون، حتى الآن، وكلاء إيران الخاضعين لسيطرتها، إلّا أنّ مستوى النفوذ الإيراني الحالي على الحركة الحوثية قد يتعاظم بسهولة خلال السنوات المقبلة- خاصة إذا تمكّنت طهران من إرسال الأسلحة سراً عبر ساحل البحر الأحمر الخاضع لسيطرة الحوثيين أو عبر وسائل نقل جوية غير مراقبة. وفي هذا السياق ذكرت الأمم المتحدة أن الحوثيين يستخدمون صواريخ بالستية وطائرات بدون طيار زوّدتهم بها إيران؛ وتستمر التحقيقات للتثبت بأن إيران قد زوّدتهم أيضاً بأسلحة مضادة للسفن وصواريخ أرض-جو. وإذا تم تخفيف الحظر الدولي المفروض على الأسلحة، ستتمكّن إيران من توفير عدد من الصواريخ البالستية الكافية لسنوات والقادرة على ضرب الرياض بواسطة بضع شحنات بحرية تمر عبر أيّ من موانئ البحر الأحمر الثلاثة التي تخضع حالياً لسيطرة الحوثيين.
 
وبينما يسود الاعتقاد خارج اليمن بأن الحوثيين هم ضحايا الضربات الجوية السعودية، فلطالما ردّد الحوثيون في أي حدث ضخم، وعلى مدى 15 عاماً الشعار التالي: "الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام!". وفي الواقع، أن نظرتهم المناهضة لأمريكا، والمعادية لكل من الغرب وإسرائيل تتّسق إلى حدٍّ كبير مع الأطراف الأخرى في "محور المقاومة"، كإيران و«حزب الله» اللبناني، والمليشيات التي تدعمها إيران في العراق. ولم يتم دفع الحوثيين إلى هذا المحور بسبب الحرب الراهنة: فقد تبنّوا شعارهم في عام 2000 وبدأوا الحرب الحالية عام 2015، بعد أربع سنوات من التحضيرات المكثفة، وذلك بمساعدة وتشجيع من إيران و«حزب الله» اللبناني.
 
ويعني كل هذا، أنّ الحرب يجب أن تنتهي، لكن لا ينبغي أن تنتهي مع ظهور "«حزب الله» جنوبي" على البحر الأحمر مماثل لـ «حزب الله» الشمالي على البحر المتوسط. وبالطبع يجب على الولايات المتحدة بذل قصارى جهدها لإنهاء الحرب، وفي غضون ذلك إرغام شركاء التحالف الخليجي على الالتزام بالقتال النظيف. بيد أن، المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة تقتضي ألا ينتهي أي اتفاق سلام برعاية الأمم المتحدة إلى خط ساحلي على البحر الأحمر خاضع لسيطرة الحوثيين، أو رحلات جوية مباشرة غير خاضعة للتفتيش تهبط في المناطق الحوثية.
 
ينبغي على الولايات المتحدة أن تلتزم بتقديم الدعم غير المحدود للاعتراض البحري لشحنات الأسلحة الإيرانية إلى اليمن، على غرار الأسلحة التي اعترضتها المدمّرة التابعة للبحرية الأمريكية في 28 آب/أغسطس. وإذا تمكنت الولايات المتحدة وإسرائيل وأوروبا من العودة إلى الماضي ومنع «حزب الله» من أن يصبح مركز نفوذ، لفعلت ذلك بلمحة عين. وهذه هي الفرصة الخاطفة التي لا تزال متاحةً في اليمن.
 
  
* مايكل نايتس هو زميل أقدم في معهد واشنطن، قام بزيارة اليمن ومنطقة الخليج ثلاث مرات هذا العام لدراسة التكتيكات الدفاعية الساحلية للحوثيين وأسلحتهم.


 
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر