أوضاع مأساويه منسية و"مهن شاقة" يمارسها موظفو الدولة لمواجهة المعيشة (تقرير خاص)

[ مدرسات في صنعاء في وقفة احتجاجية للمطالبة برواتبهن امام بصنعاء 3أكتوبر 2017 (أ ف ب) ]

اتجه موظفو بدائل كثيرة لتوفير متطلبات معيشة اتجه إليها موظفي الدولة جراء انقطاع رواتبهم لأكثر من عام في مناطق سيطرة ميلشيات الحوثي الانقلابية، حيث عمل الكثيرون في مهن متعددة بعضها شاقة، غير أن العمل في سيارات الأجرة والدراجات النارية كانت ملاذاً لعدد كبير منهم والذين تدهورت حياتهم بشكل كبير.
 
"عبد السلام الصبري" 36 عام معلم في وزارة التربية منذ 10سنوات، يعمل حالياً سائق دراجة منذ ما يقارب عام بعد أشهر من انقطاع راتبه الحكومي من قبل الحوثيين، بعد نقل البنك المركزي من صنعاء إلى العاصمة المؤقتة عدن (جنوب اليمن) في أغسطس/آب 2016.
 
أدى انقطاع الرواتب عن مئات الآلاف من موظفي مؤسسات الدولة في عدد من المحافظات التي لازالت تحت سيطرة الحوثيين، إلى تفاقم الوضع الإنساني وانضمام فئة الموظفين إلى غالبية اليمنيين الذين وجدوا أنفسهم بلا أعمال بسبب اندلاع الحرب وتوقف الحياة بشكل عام.
 
مكافحة من أجل العيش

تحولت حياة المعلم "الصبري" كلياً في مشوار جديد مع مهنة مرهقة لم يكن يتوقع أن يعمل بها لكن الظروف السيئة أجبرته على العمل تحت حرارة الشمس وتقلب الأجواء في ساعات طويلة من النهار، ليوفر المعيشة لأبنائه الأربعة وأمه وشقيقته وتكاليف الحياة الباهظة مع الارتفاع الحاد للأسعار.

وقال الصبري في حديث لـ "يمن شباب نت" ان العمل شاق للغاية والحصول على أجرها بالتقطير بالإضافة إلى الأزمات التي تظهر ما بين الحين والآخر في البترول وارتفاع أسعاره بعكس ما كان في السابق قبل اندلاع الحرب.
 
وأشار "انه تقدم للتدريس في عدد من المدارس الخاصة لكن دون جدوى بسبب إقبال الكثير من المعلمين إلى اليها" مضيفاً "أنه لايزال يحضر إلى المدرسة الحكومية التي يعمل فيها لتسجيل الحضور وخوفاً من فصله درجته الوظيفية".
 
يكافح المعلم "الصبري" مع الآلاف من زملاءه من أجل توفير العيش لأسرته في انتظار أن يعود إلى وظيفته ويستلم راتبه بانتظام كما كان في السابق قبل أن تدخل البلاد في الحرب للعام الرابع على التوالي.
 
تحمل أعباء الحياة

توجه بعض الموظفين إلى العمل في القطاع الخاص فيما آخرين غادروا المدن إلى قراهم حيث تكلفة المعيشة أقل، وهناك قصص كثيرة لموظفين يعانون أمراض وتراكم ديون فاقمت معيشتهم وجلبت لهم أمراض وتدهورت حالتهم الصحية، بعضهم توفى على إثر تدهور حالتهم الصحية، كما أن آخرين يواجهون أوجاعهم بانتظار أمل انفراج الأوضاع في البلاد.
 
"أم ماريا" 32 عام تعمل ممرضة في مستشفى حكومي بصنعاء وزوجها موظف في وزارة السياحة كلاهما بلا راتب منذ أكثر من عام، أصيب زوجها بالسكر وأصبح يتضاعف يومياً بسبب تدهور حالته النفسية والتوتر الدائم خلال السنوات الماضية.
 
تقول "أم ماريا" في حديثها لـ "يمن شباب نت" انتقلت للعمل في مستشفى خاص بعد فقدان الأمل من تسليم الرواتب وزوجي غادر إلى القرية ليعيش في بيت والديه، وأنا هنا أعيش في منزل أختي وأعمل طول النهار لتوفير مصاريف الأبناء وعلاج زوجي.
 
وأضافت "لم يحتمل زوجي الباقي في شقة بسبب تضاعف ديون الإيجار لذا غادر إلى قريته وأنا مع الأبناء في صنعاء لمواصلة دراستهم، وفي الإجازة يغادرون إلى القرية للعيش مع والدهم بسبب عدم قدرتنا على تحمل المصاريف".
 
أزمة منسية

تحولت أزمة انقطاع رواتب الموظفين في المحافظات التي تسيطر عليها ميليشيات الحوثي إلى أزمة منسية، خلفت العديد من الأوجاع للكثير من المواطنين الذين كانوا يعتمدون كلياً على الراتب لمواجهة التزاماتهم المعيشية وتغطي جزء كبير من مصاريفهم بانتظام.
 
وتظهر ما بين الحين والآخر جانب من المأساة التي يعيشها الموظفين المنقطعة رواتبهم، حيث أعلن أمين عام نقابة الكتاب والأدباء اليمنيين محمد القعود خلال الأيام الماضية بيع مكتبته المكونة من أكثر من ثمانية ألف كتاب، لتسديد مديونة إيجار شقته خلال عام.
 
ومنذ انقطاع الرواتب أطلقت الحكومة الشرعية سلسلة وعود بقرب صرفها لموظفي الدولة في مناطق سيطرة الحوثيين لكن لم يتحقق شيء من تلك التصريحات التي لم تخرج من دائرة التصريحات الإعلامية، وتبرر الحكومة عجزها بسبب عدم تسليم إيرادات المحافظات التي يسيطر على الحوثيين إلى البنك المركزي في عدن العاصمة المؤقتة.
 
في المقابل يحمل الحوثيين الحكومة الشرعية المسؤولية عن صرف الرواتب في الوقت الذي يسيطرون عل جميع إيرادات الدولة في المحافظات التي يسيطرون عليها ويفرضون جمارك مضاعفة على التجار بالإضافة إلى جبايات أخرى تذهب كلها لثراء قيادتهم ولجبهات القتال، وأعلنت حكومتهم الغير معترف بها دوليا عن مشروع العملة الإلكترونية من خلالها يدفعون رواتب الموظفين، غير ان الفكرة غير قابلة للتنفيذ بحسب اقتصاديين.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر