لهم الوطن ولنا المحن!


محمد علي محروس

 
ليس جزافاً ، بل حقيقة دامغة، لقد وقعنا في الفخ! ثلاث سنوات من إعلان عمليتي عاصفة الحزم وإعادة الأمل، ولا شيء تغيّر، سوى سيكولوجية الإنسان اليمني، وغرائزه الذاتية، حيث بات يفتقد لأدنى مقومات الحياة، على الرغم من تحرير أغنى المحافظات في البلد.
 
تحييد سلاح الجو، وقتل أكبر عدد ممكن من المليشيا الحوثية، كانت أبرز نتائج عاصفة الحزم، التي لم تخلو من غارات خاطئة استهدفت مدنيين عزّل في مناطق وأحياء سكنية عدة وأسواق شعبية على امتداد البلاد من صعدة إلى زبيد إلى البيضاء.
 
في أقل من شهر - مدة العملية- حققت السعودية وحلفاؤها ما يمكن اعتباره نصراً مؤقتاً؛ حيث قُرع الزهو العسكري لمليشيا الحوثي وحليفهم صالح، ويعود ذلك - بالإضافة إلى عدد الغارات المكثفة- إلى الصدمة التي أصابتهم جراء التدخل الجوي المفاجئ.
 
وانتهت العملية التي بدأت في السادس والعشرين من مارس 2015م ،بقائمة حوت مئات الأهداف التي تم استهدافها وتحييدها في إطار العملية التي أعلن عن توقفها في ال21من إبريل، لتنطلق عملية أخرى تحت مسمىً "رفيق"، ملفوف بالبناء ،وإعادة الإعمار ،وتحقيق تطلعات اليمنيين الرامية إلى إعادة الشرعية الدستورية، وبناء مؤسسات الدولة المتهالكة، وإعادة الأمل عموماً للملايين الذين عاشوا ظروفاً قاسية خلال مرحلة الانقلاب التي قضت على كافة التحولات السياسية المرسومة.
 
"عملية إعادة الأمل" تهدف بالأساس إلى إفساح المجال للجهود الدولية ؛من أجل بذل المزيد من المساعي نحو حل سياسي جامع، بالإضافة إلى أهداف فرعية على المستوى الإغاثي والعسكري، يتمثل في دعم اليمنيين وحمايتهم من المتمردين الحوثيين ،وذلك بعد الإعلان عن القضاء على كافة الأسلحة الاستراتيجية والصواريخ الباليستية المهددة لأمن الخليج والمنطقة كما في بيان إعلان انتهاء عاصفة الحزم وبدء إعادة الأمل.
 
في ضوء ما هو معلن، وفي سياق التطورات التي عشناها خلال ثلاث سنوات من التدخل العسكري للتحالف العربي بقيادة السعودية، هناك أسئلة لا تفارقنا نحن اليمنيين، ولا تبارح مجالسنا، وتقترن بكل ما نعايشه ونشاهده على  الواقع: ما الذي تحقق حتى الآن؟ هل تمكنت الشرعية على الأرض؟ من يدير مصالح البلاد " المحافظات المحررة"؟ ما مبررات الفجوات الحاصلة بين الأهداف المعلنة والممارسات الحقيقية التي نلمسها؟ إلى أين يريدون الذهاب بنا في معمعة الحسابات الضيقة، والمصالح الغبناء ،والصراع الإقليمي مع إيران؟ ما شأننا بذلك؟
 
فقد الخليجيون العراق، رغم أنهم من ضحوا لإسقاط نظام صدام حسين، وسلمتها أمريكا على طبق من ذهب لإيران ومليشياتها الطائفية؛ تعبث بها وتكوّنها بما يتلاءم مع مخطط صفقة القرن المزمع إبرامها كحل إقليمي وارد ينهي أزمات المنطقة إلى الأبد.
 
وفقدوا بعدها لبنان، ثم سوريا، وها هي اليمن بلادنا ،تخوض فيما يخوضونه دون تخطيط واضح ودون سياسة حقيقية، إلا من الأطماع والمصالح المبنية على إقصائنا من مراكز القرار المتعلقة بحقنا ، ومن مواقع الثروات التي نعلّق عليها آمالنا لإنقاذنا من موارد الهلاك التي أوردونا إياها بتخطيطهم الهش، وبأفكارهم الهوشلية، وبمآربهم الغامضة التي تعبر عنها مليشياتهم في حضرموت وشبوة وعدن، وسيطرتهم المحكمة على مصادر الثروة في مأرب وحضرموت وشبوة والجوف، والمنافذ البحرية الحيوية على طول ساحلي البحرين العربي والأحمر، بالإضافة إلى باب المندب وجزيرتي ميون وسقطرى ذاتي الأهمية الاستراتيجية للبلاد.
 
أنقذونَا كما يقولون؛ ليجثوا على منابع الثروة، ويتحكموا بمراكز القرار، من يريدون ومن لا يريدون، فيما نحن لنا أن نكابد جحيم مأساة حرب لعينة، عبثت باستقرار البلاد، وهوت بها إلى مستنقع الكوارث الإنسانية كملاذ للألم والمعاناة.. أوبئة متلاحقة، وفواجع متزاحمة، وحالات لا مثيل لها من البؤس والتذمر تنتشر طول البلاد وعرضها.
 
تدخلوا؛ من أجلهم، من أجل أن يعبثوا بنا حسب ما يتوافق مع سياساتهم، أما نحن فلا بأس، الرواتب منقطعة، والثروات مصادرة، والحرب مشتعلة، وكلٌ منهم يأخذ من كعكة اليمن ما يتوافق مع هواه، لهم الوطن وخيراته، ولنا الحرب وآلامها ونتائجها الكارثية، ومحنها التي لا تعد ولا تحصى.
 
حتى الشرعية وقياداتها، لا تستطيع فعل شيء، حتى الحلول السياسية عرجاء، لا تفاوض ولا دفع نحو حل ناجع يعيد لنا ما فقدناه بسبب الحرب، إنها عملية تأصيل الألم، لا إعادة الأمل.
 
ثلاث سنوات مرت ولا يزال الوضع مشتعلاً، ما أشبه الليلة بالبارحة ! نحن في معاناتنا، وهم في فرضيات سياستهم العقيمة، لا يقدّمون ولا يؤخرون، المهم أنهم يبقوا على الوضع كما هو، حسب مشيئتهم وإرادتهم، ونحن لنا أن نقاسي ونعاني المحن... فلا عون، ولا إنقاذ، ولا أمل!

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر