فئران سفينة صالح


غمدان اليوسفي


كتب الدهر نهايته لصالح، وكما يعتقد كثيرون أن صالح نفسه كان يدرك أن نهايته لن تكون على فراش العجز، ختم حياته في محاولة تصحيح بعض أخطائه فكانت حساباته للزمن خاطئة.
 
في العام 2011 حين أعلن جمع كبير من الوزراء والسفراء والقادة العسكريين والمسؤولين انضمامهم لثورة الشباب تحدث صالح يومها عن مصطلح الفئران التي تقفز من السفينة عند أول موجة تهددها.
 
أولا لا شماتة في السياسة، ولا شماتة في التاريخ، الشماتة في المصائب الصغيرة، أما تلك التي يدفع ثمنها ملايين البشر فلابأس من تذكير الناس بها، ليس لغرض العقوبة، فنحن العرب تغلب علينا العاطفة، وذاكرتنا صغيرة لا تحتمل حتى الحديث عن القانون في ظل الظروف الصعبة.
 
كتبت ردا على تغريدة في تويتر تخص اللواء القوسي، وقلت بما معناه أن القوسي مكانه البيت، فلم يعد هناك ما يشفع له سوى كرم اليمنيين، أما عن تاريخه فيستحق عليه أكثر من التسامح، ومن غير اللائق أن يتم الاحتفاء به كبطل؛ وأيضا الأمر يتسبب بالقهر لأولئك الذين فتحت رؤوسهم وصدورهم قناصات صالح في حواري تعز وعدن وغيرها.
 
نتذكر جميعا متى أقال الرئيس هادي القوسي من منصبه كقائد لقوات الأمن الخاصة ا(لأمن المركزي سابقا)، كان ذلك أثناء كان الحوثيون يعتصمون بسلاحهم في الخط المؤدي لمطار صنعاء.
 
قال لي صديق يوم أمس أن القوسي كان صديقا شخصيا للرئيس هادي ويقضي كثير من الأيام في مقيله، فسألته هل هذه هي صداقة أمثال هؤلاء، أن انظم لعدو الشعب في أول يوم وجد فرصة لخيانة صديقه!
 
كثير من التفاصيل تشير إلى تورط الرجل مع الحوثيين من عمران وحتى عدن، وحين لم يجد ظهرا يحميه كانت الدولة التي تآمر على إسقاطها هي من احتضنته.
 
إلى هنا وكفاية، ومن يعتقد أن أمثال هؤلاء يصلحون لمستقبل البلاد فذلك تفكير موجع ومفزع عقب كل ما حدث.
 
متى لجأ القوسي للدولة؟
 
ما حدث للقوسي من الحوثيين يستحق التعاطف معه ومع عائلته، والتعاطف لايعني التكريم!
 
الحوثيون نهبوا كل منازل القوسي، ووصل لمرحلة استئجار منزل لنسائه.
 
قال لي شاهد عيان من صنعاء أن الحوثيون خلعوا حتى أبواب منازله بعد أن قتلوا حراساته، وحتى بلاط المنازل تم خلعه، والبيوت التي كانت فيها النساء أرسلوا لهن كتيبة زينبيات يفتشن كل شيء، حتى الوسائد قطعت، ونثروا كل مؤن البيت من سكر وأرز على الأرض، وأخذوا كل الأجهزة من موبايلات وأيبادات ولابتوبات، وحاولوا اخذ موبايل إحدى قريباته فكسرته، وضُربت نساؤه، ومثلها أيضا حدث مع منزله في القرية.
 
هذا هو مادعى القوسي للذهاب إلى مارب، إضافة إلى ماكان سيحصل له لو وجدوه، وليس حبه للشرعية، وهذا ما يجب أن نتذكره دوما.
اليوم ندرك كل هذه الإهانات التي تعرضت لها قوات صالح العسكرية والسياسية، وأكثر شيء يمكن أن يخدمون به أنفسهم والبلد هو التكفير عن ذنبهم بالابتعاد عن طريق الشرعية، فهم من كانوا العقبة الأولى في العمليات العسكرية أولا، وعليهم أن يسحبوا مليشياتهم من جبهات الحوثي، فمازال الوقت مبكرا للحديث عن أن قوات صالح انسحبت من الجبهات، فمن غير المعقول أن يكون الحرس الجمهوري والأمن المركزي (فص ملح وذاب)، والجميع يدرك أن من يدك تعز ويقتل اطفالها قنصا هم الأمن المركزي وقناصات طارق محمد عبدالله صالح وذلك موثق بالصوت والصورة وكانوا يتباهون به حتى ما قبل شهرين.
 
القوسي حالة من مئات الحالات، وليس هو القضية هنا، وكمل يطرح الكثيرون، أراضي الشرعية تتسع للجميع، ومن أراد أن يلملم شتات حزبه المتفتت فذلك عمل سياسي مشروع، أما أن نبدأ بالتفكير بهؤلاء كمحررين للبلد فلن يكون ذلك، فهؤلاء يريدون القتال بنظرة الثأر الشخصي من الحوثي، فطالب الثأر مطلبه مؤقت، ثم إنهم يريدون الثأر بأرواح شباب تم تجنيدهم على مدى 3 أعوام، ولم يعد لديهم شيء من جاه أو وجاهة، لو كان لهم ذلك لحموا قراهم، أما هؤلاء الذين خسروا أرواحهم وسنين من أعمارهم في طلب إعادة الدولة فهم من يستحقون أن يكون لهم شرف تلك الاستعادة.
 
يجب أن ننتهي من هذا الملف، فكل مأساتنا كانت في التغاضي عن المجرمين والفاسدين، الوطن للجميع، والدولة لمن ضحى لأجل استعادتها.
 
وخزة
يقول الشاعر الراحل الأمير عبدالله الفيصل:
ومن صفا لك والسراء مدبرة
تصفو له وفجاج الأرض دكناء
قرضا تعاطيه لاودا تبادله
طول المدى يتعاطى القرض أحياء

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر