ثقب في القلب


سلمان الحميدي

 في عرس شقيق العزيز هشام المسوري وابن عمه في تعز، حضر رامز الشارحي رغم غيابه. استحضار اسم رامز في العرس لم يكن بسبب مرضه واستعداده لإجراء عملية لقلبه في مصر، رغم أن الحديث كان حول ثقب قلب رامز، حضوره كان عملية لاشعورية بالنسبة لزملائه الذين يعرفون صداقته بهشام.
 
هشام من مسور ريمة، ورامز من جبل حبشي تعز الأول خريج علوم سياسية، والثاني يعمل في مجال الصحة، المسوري إصلاحي والشارحي اشتراكي.

وإذا التقيا في مكان ارتفعت ضجة النقاش، وتبادلا التهم، تخال كما لو أن المسافة المتبقية للاشتباك، جملة بسيطة..
وإذا التقيت بهشام وحده سيحدثك عن رامز ويتصل به وبالمثل سيفعل رامز..
وبينهما من المزاح ما بينهما..
 
تشير الفلسفة إلى أن الصداقة تقوم على «مجموعة من القواسم: نفس الفضائل، نفس المبادئ، وكما يُردد اليوم، نفس القيم، نفس القناعات أو نفس الالتزامات، ومع هذا كله فالصداقة لا تُعرف فحسب بهذه الأسس الموضوعية، كما يتضح ذلك من خلال علاقة الصداقة القوية التي جمعت بين إيتيان دولا بويسيه، صاحب مقالة "العبودية الطوعية" والفيلسوف مونتاني: «لأنه كان هو، لأنني كنت أنا».
 
فهي ترتكز مع ذلك على اختيار حر، يقاوم التحليل والتفسير، إن الصداقة التي تقبل الاختلافات تتطابق إذن مع الشعور الأخلاقي لارتباط من دون تبعية، إنها تسهم في إبداع كل واحد لتفرده الخاص، إنها تشكل الذاكرة المشتركة». بتصرف من كتاب الفلسفة في 100 كلمة.
 
بعيداً عن الصداقة، وكيف تتكون، وقريباً من قلب رامز الشارحي، سمعت من أحد الأشخاص أن التشخيص، الذي على أساسه كان الشارحي يتعاطى الأدوية في تعز، كان خاطئاً. لم أستغرب، سمعت أن التشخيص الجديد في مصر، حدد ثقباً بالقلب أو بشغافه، المهم أن رامز يحتاج لعملية، تساءلت: ما الذي ثقب قلب شاب كرامز؟ هل يمكن أن تثقب القلوب بسبب الحرب، وأن تصاب الشغاف بيحموم أوارها؟.
 
كانت المعلومة الصادمة، هي التي أوردها صلاح المجيدي، قال بأنه فُوجئ ـ أثناء قيامه بمسح ميداني لإحدى المنظمات ـ بحوالى 13 حالة ثقب بالقلب لثلاثة عشر طفلاً في حي واحد من أحياء مدينة تعز القديمة. العدد غير طبيعي والسبب مجهول حتى الآن، حتى لو اعتقدنا أن أهالي الأطفال يضللون فرق المسح الميداني طمعاً بالحصول على مساعدات، لن يتفقوا كلهم على ثقب القلب، لأن اليمنيين إن ادَّعوا بمرض أو مصيبة فهو دون القلب والسرطان، وهي دون الموت، كي لا يتطيروا بشؤم من النوع الصعب.
 
لنتعامل مع المعلومة التي حصل عليها صلاح المجيدي، كحقيقة خطرة إلى أن يثبت العكس، والمفترض أن الصحافة والسلطة المحلية، تقوم بتتبعها والتحقيق بأسبابها، أو نفيها: هل وصلت آثار الحرب إلى قلوب الأطفال؟.
 
أعرف أن من التداعيات القاسية للحرب، مواليد مشوهين في بعض المناطق، ضيق في التنفس، أناس بلا أطراف، ونفسيات محطمة يتفاوت آثارها على الملامح، وأذكر أني حررت تقريراً حول واقع الصحة النفسية في اليمن، قبل أكثر من سنتين، ومن معلومات التقرير أن دراسة أجرتها مؤسسة التنمية الأسرية خلال سنوات الحرب الأولى، وتحديداً في الفترة من  2014  حتى 2017، توصلت إلى أن نحو  5.5مليون شخص يعانون من شكل من أشكال الاضطرابات النفسية.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر