تفاهة تعديل المنهج!


سلمان الحميدي

 يكفي أن تعرف أن المقالح كتب مقدمة الأعمال الكاملة للشاعر أمل دنقل في السبعينيات، لسبب لا أعرفه، تواتيني رغبة تكرار المعلومة: الشاعر اليمني عبدالعزيز المقالح كتب مقدمة الأعمال الكاملة للشاعر الكبير أمل دنقل في السبعينيات، هذا تأكيد ليس إلا عن قِدم مكانة وتأثير الشاعر اليمني في المشهد الأدبي العربي الحديث.
 
إن كانت هذه مكانته في ذلك العهد، فقد كان قبلها ثائراً يمنياً يقارع الظلم والاستبداد، ومثقفا يبذل جهده في مواجهة ظلام الاستبداد وجور المستبدين بكل ما هو متاح للمثقف وأكثر في ذلك الوقت.
 
للمقالح تجربة تجعله نجماً يجذب المهتمين بالأدب إلى سناه، تأثيره لم يتوقف عند فترة معينة، بإمكان هذا الجيل أن يجده في مقدمة كتاب، أو بكتاب مجاني، أو بوسط مقالة في مجلة عربية، أو على يمين عمود صحفي في موقع مهم. أعجبك أو لم يعجبك، اتفقت معه أو اختلفت، ذلك لا يحجب أثر النجم اليماني عربياً.
 
في الشعر الحديث، مازال النقاد مختلفين عن أول من كتب هذا النوع من الشعر، ستجد مجموعة من ألمع أسماء الشعراء العرب، ومن ضمنهم اسم: عبدالعزيز المقالح.. هكذا يدرس الدارسون ويذكر الباحثون أثناء محاولتهم الوصول إلى أول من كتب القصيدة الحديثة.
 
هذا هو المقالح: عشرات الكتب، عشرات الدراسات، مقالات بلا عدد، حياة زاخرة بالثقافة ومكرسة للأدب، بعيدًا عن الصدامية وتضخيم الذات أو افتعال المشاكل النقدية للفت الأنظار، أو تبني أيديولوجيا سياسية أو دينية بعينها.
 
في قصة تعديلات المنهج الدراسي في مناطق سيطرة المليشيا، لم تستهدف جماعة الحوثي الدكتور عبدالعزيز المقالح لتشبثه بقيم الثورة اليمنية، وإلا لكانت استبدلته بشاعر يمني آخر، أو لأنه لم يمدح "قنابيل" الهدى. ما يحدث في المنهج الدراسي هو تكريس وترسيخ بأن المعركة بين اليمنيين والحوثيين، وأن الحوثي يكرس مشروعه في شتى المجالات بعضها بالتدريج مثل التعليم.
 
جماعة الحوثي تقسط الصدمة على اليمنيين حتى تكون الحياة حوثية واليمنيين يعيشون من أجل الجماعة تمامًا كما كان في عهد الأئمة، وهذا يعني أن ما يحدث بخصوص المنهج الدراسي قد يصل إلى درجة أنه لا يوجد شيء فيه يدل على اليمن وحضارته، ستصل المليشيا برموزها إلى كتب العلوم.
 
بدؤوا بالشعار في كتاب الحساب للصفوف الابتدائية..
ثم دخل الصماد في تاريخ الإعدادية
ثم بعض رموزهم في اللغة العربية وعلى أغلفة بعض الكتب
ثم بدؤوا يزيحون اليمنيين..

المتوقع أسوأ من هذا، نعم. ولكن لم يكن في الحسبان أن يكون تافهاً إلى هذه الدرجة: إزاحة المقالح وإدخال معاذ الجنيد، ومن سوء حظ اليمنيين أن يحاربوا تفاهة تعديل المنهج وليس التعديل الحوثي ذاته.
 
بعد انتشار صورة التعديل في مواقع التواصل الاجتماعي الأسبوع الفائت، كتبت منشوراً ساخراً: بعدما ظهر الجنيد في منهج الحوثي كتاب اللغة العربية للصف الخامس، الدكاك يكتب سلسلة قصائد جديدة ليحجز مكانا لنفسه بكتاب علوم الصف السادس. الوحدة الثالثة: الطفيليات..
 
لأتفاجأ بعدها، أن الدكاك قد دخل منهج الحوثي ضمن التعديلات الجديدة، في قصيدة لا تختلف كثيراً عن ما يقوله الحوثيون لليمنيين: أنتم دواعش!.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر