ما يحدث في مناطق الحوثي


سلمان الحميدي

حضرت مجلساً في مدينة تعز مكتظاً بالمستاءين من الأوضاع، نبرتهم النقدية عالية، كل شيء في الحياة بحاجة إلى تغيير وضع من وجهة نظرهم، تلعب في أفكارهم توجهاتهم السياسية لا أكثر، كلما اقتربوا من البيئة التي يعيشون فيها احتدت نبرتهم الناقدة، تبدو نواجذهم تشفياً من كل ما يمثل الشرعية، يتفاعلون مع كل ما يثير الضجة دون أي معيار موضوعي لما يتناولون. 

أتعاطف مع المستاء الذي تحركه تصورات مثالية لما يجب أن تكون عليه الحياة في ظل الحرب والسلم على حد سواء، لكني أستغرب من الذين يتحركون بدوافع سياسية، يريدون من البسطاء أن يحققوا لهم نصراً على خصومهم، يستخدمون كل شاردة وواردة لتأجيج البؤس، وكأن نفسيات اليمنيين ينقصها توافه قناصي السياسة. 

من الغريب أن تسمع في تعز من يقارن بين مناطق سيطرة الشرعية ومناطق سيطرة المليشيا، ومن الغريب أن ترى بعض المقارنين جهلة ومغيبين عن أفعال الحوثيين وغطرستهم الدامية، الأغرب أنهم يذهبون لمنح المليشيا الأفضلية في إدارة الأرض وتسيير شؤون الناس. واسيلوه واسيلوه.. 

كانوا يتحدثون عن أرضية، أحدهم قال أن ما يحدث في تعز المحاصرة لا يحدث عند الحوثي، ودون اعتبار لتضحيات الناس، يشيد بالمليشيا أو يساويها بالشرعية، في مناطق الحوثي، الأمور مشدودة والأمن مستتب، ولا قتلى يتساقطون! المشكلة أن هؤلاء يصدقون بعضهم ظاهرياً. أشعر بالغثيان من هذه التداولات المغيبة أو التي تتجاهل حقائق ما يدور عند الانقلابيين. في ذلك اليوم، أحصيت مقتل أكثر من عشرين شخصاً من عزلة واحدة في مناطق سيطرة الحوثي، كلها خلافات بينية، أو استقواء طرف على طرف.. عشرون قتيلاً من عزلة واحدة في تعز أعرفها تمام المعرفة. 

كان ذلك قبل سنة، أما الآن فسيزيد عدد قتلى العزلة المذكورة عن ثلاثين، ثلاثون قتيلاً من عزلة واحدة في تعز سقطوا في مناطق سيطرة المليشيا.. رقم غير عادي، ثلاثون نفساً أُزهقت، ومر دمهم المُراق مرور الكرام، لم تحدث ضجة حولهم، أو تفاعلاً يؤثر قليلاً على نفسيات القتلة!. 

آخر ثلاثة قتلى في مناطق سيطرة المليشيا بتعز سقطوا الجمعة الفائتة، في صراع بيني تستثمره المليشيا.. ومع ذلك لم يأخذ الدم حقه من تداول التعزيين، لا أعرف لمَ لا نتحدث؟ بينما في المدينة حيث الشرعية، قد تثير لافتة لشخص ما: الناشطين والبارزين في مواقع التواصل الاجتماعي وعيال الأحزاب، فتسيطر اللافتة تلك على الحائط الأزرق لأيام. 

أحياناً أرى أن الاستخبارات العسكرية تتحمل فشل تغاضي التعزيين وتغافلهم عن الجرائم التي تحدث في مناطق سيطرة الحوثي، المفروض أنها تتبع هذه الأحداث وتصدرها للناس لتوسيع الفجوة بينهم وبين المليشيا أولاً، وكذلك الاستفادة في إدارة المعركة، نفسياً وعلى الأرض. 

وأحياناً أرى أن النكايات السياسية هي من تتحكم في مشهد تعز المحاصرة، فتستفيد المليشيا، لأن بعض الأحداث في مناطق الحوثي تصل إلينا ولا نتفاعل معها. 

وأحياناً أقول، أن الحوثي يعرف كيف يدير الإعلام البديل، ويشدد القبضة على اليمنيين في مناطق سيطرته فيحد من انتشار جرائمه. 

وفي كل مرة أرى في مناطق الشرعية الحرية المفقودة في مناطق سيطرة المليشيا. 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر