إقناع المشاهد


سلمان الحميدي

الحبكة الدرامية في ليالي الجحملية2 تشد أكثر من حِبكة المسلسل في الجزء الأول، وأكثر حتى من المسلسلات الأخرى كما يبدو. لا أجزم برأيي، أقول ذلك من خلال مشاهدتي لبعض الحلقات لبعض المسلسلات وليس كلها، ومن خلال استفساري لبعض المشاهدين القريبين مني.

الحبكة هي التي تمسك المشاهد إلى المشهد الأخير، وتجعله يستفسر: ماذا سيحدث تالياً؟ هذا في الحبكة الرئيسية للعمل، أما الحِبك الثانوية فيمكن فتحها وحلها في كل حلقة على حده. تكديس الحبكتين دون حل تُثقل رأس المشاهد. حل حبكة ثانوية في كل حلقة، تُظهر براعة الكاتب في خلق التفاصيل والمواضيع، وتشعر المشاهد بالأريحية.

في المسلسلات الجديدة، تبدو لكل حلقة بداية ونهاية، لكن مشاهدة حلقة واحدة لا تكفي، لا بد من مشاهدة الجزء بكامله هذا ما تحتمه الحبكة الرئيسية للعمل البارع. 
 

في الحلقات الأخيرة من ليالي الجحملية2، الأحداث متشابكة والتفاصيل تشد، تظهر خبرة الكاتب السوري مروان قاوق بإتقان الحبكة بوضوح، غير أن تعقيد مسارات معظم الشخصيات ـ إذا لم يكن كلهاـ وتكديس الحبك، تجلب الإزعاج لبعض المشاهدين. شخصياً ـ قد أكون معجباً بالنسج المتشابك في الحلقات الأخيرة، لكن المشاهد الباحث عن أحداث متسارعة، لا يعجبه ذلك، وسط واقعٍ أحداثه متسارعة في الأصل، ولكل يوم شمسه وريحه.. 

على سبيل المثال: في مسلسل ليالي الجحميلة2، المشاهد يتساءل: 

ـ هل الفقي سيرد طفل غدير بعد أن تزوجها؟ 

ـ غدير هل تخطط لقتل الفقي بعد شعورها بالخديعة؟ 

ـ هل ستعود زوجة سعد الخفيف بعد تعنت حماته من إرجاعها؟ 

ـ هل سيفتضح الفقي بعد سرقة الذهب المسروق أصلاً من سعد الخفيف؟ 

ـ عبدالصمد هل سيطلق عفاف؟ 

ـ آدم بن الفقي، ما مصيره مع عفاف "حبيبته السابقة"؟ 

ـ النادل "عبده" البريء الذي علق بجريمة قتل، هل سيعدموه؟ 

ـ طارش شقيق سعد الخفيف، وخلافه مع الفقي بسبب الدكاكين وتمسكه بهم، هل ستجعل الفقي يتآمر لقتله؟ 

ـ استعانة غدير بطارش للتآمر على زوجها الفقي، هل سينجح؟ 

ـ هل سيكتشف الفقي كذب زوجته الأولى صبرية بالحمل الكاذب؟ 

والكثير الكثير من التفاصيل المعلقة.. بالتوازي مع الأحداث المتسلسلة، هناك أحداث تدور زمنياً من الأخير، حيث الفقي ولبيب وسعد الخفيف يواجهون بعضهم، ولكنهم واقعون في أسر مجموعة تعمل لحساب الرجل الذي يتاجر بالآثار، حيث يظهر ـ حسب هذا السرد ـ بأنه هو من حصل على الكنز، وفي هذه الحقبة يظهر مازن بن غدير، يتحدث عن الفقي بوصفه والده، وهذا ما يثير الأسئلة: هل أعاده الفقي في الحقبة الأولى لغدير واعتنى به؟ غدير نفسها، هل ستقتل أو تموت؟.. إلخ. 

هذه الملاحظات سريعة من الحلقات الأخيرة التي شاهدتها. 

ومن المسلسلات التي شاهدت بعض حلقاتها، مسلسل ربيع المخا، فكرته هائلة، ما أثر سلبًا عليه هو إظهار أحداثه كما لو أنها من وجهة نظر عثمانية، لا من وجهة نظر يمنية، حيث غلب عليه المظهر التركي. مواقع التصوير حيث يسكن الأتراك، اللهجة العربية المكسرة سطت على الحوار، نقل الأحداث من هذه الزاوية، أثر حتى على ديكور سمسرة نجمة.. إقناع المشاهد بقصة يمنية تعرض بهذا الشكل، صعب للغاية.. الدراما هي إقناع.. وكما يرى فيلد وغيره من السينمائيين: قد تقنع الجمهور بقصة خرافية من خلال العرض، وقد تملك قصة واقعية تقتلها بفشلك باختيار وسائل الإقناع. 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر