مبتزون في وضح النهار


محمد علي محروس

نشأت مليشيات الحوثي على الممارسات الانتهازية، التي لا تضع اعتبارًا لأي بعد قد يترتب على تصرفاتهم الهوجاء، وحتمًا سيتضرر المواطن الكادح بصورة مباشرة، أما هم فقد بات لهم ثروات طائلة من وراء ما يرتكبونه في حق الوطن والمواطن، ولا يعنيهم ذلك شيئًا، فهذا -باعتقادهم- حقهم المفروض من السماء السابعة؛ بفضل انتمائهم المزيف للسلالة القرشية وأي جذر آخر يضمن لهم الاستعلاء الذي يفتقرون إليه أصلا.
 
لا منطق البتة فيما يفتعلونه لجني المال دون وجه حق، إذ لا يكتفون بالسياسات المستوردة والتي بها أذاقوا الناس ويلات العذاب، وزادوا على ذلك باقتحام البنوك التجارية ذات الارتباطات الدولية كبنوك معتمدة سواء على مستوى العلاقات والعمليات المصرفية أو تنفيذ المشاريع وحتى اعتمادات الاستيراد، وهذا وحده كفيل بان تكون هذه البنوك ذات خصوصية وحساسية بالغة الأهمية على مستوى التعامل، دون إقحامها في أتون الحرب الاقتصادية، ولا معاملتها كأنها سوبر ماركت قابلة للابتزاز والانتهاز متى ما ارتأى أبو لهب ذلك!
 
واقع جديد يحاول الحوثيون فرضه على الجميع، غير آبهين للتبعات؛ كونهم يتمتعون بكافة الإمكانيات الابتزازية ولا يعنيهم ما قد يحدث للآخرين جراء حماقاتهم هذه، كما أن الأدوات التي لديهم تمنحهم أفضلية التحكم كإنترنت ونحو ذلك، وهو ما يجب على الحكومة الشرعية وحلفائها أن يضعوه في الحسبان، ويفكرون جديًا للاستقلالية التي تمكنهم من الفعل دون انتظار ردة فعل أكبر وأقوى.
 
كان قرار نقل البنك المركزي إلى عدن قرارًا جوهريًا، لكن حيثياته لم تكن مكتملة، إذ لا بد من انتزاع الآلة الحوثية الكامنة في مفاصله، والتي اتخذت فيما بعد منحى آخر؛ لتعبث بالبلاد طولًا وعرضا، على مستوى السياسة الاقتصادية، والتحويلات المالية، وسعر صرف العملة، وتفاصيل اقتصادية أخرى، ولا غرابة في ذلك، فشأن العصابات أن تنهج هذا النهج؛ للاسترزاق على حساب حاجات الناس ومعاناتهم.
 
يتحمل التحالف العربي الجزء الأكبر من العملية، فالمخطط لم يكتمل، ووقعت الحكومة الشرعية في متاهات مصطنعة بأيادي التحالف، ثم ما لبث أن بات كل شيء في مهب الريح، وحده الريال ينهار يوميًا بعد قرار التعويم، والتلاعب الحاصل من قبل هوامير الحوثيين، وافتعال أزمة الأوراق النقدية التي زادت الطين بلة، وقسمت البلد إلى نصفين، مع وقف التنفيذ.
 
لا بد من وقفة جادة محلية ودولية في وجه الحوثيين وحماقاتهم التي تقودنا إلى العزلة الدولية، وتعمل دون مقدمات على تكريس سياسة مالية مليشاوية ستزيد من ارتفاع الأسعار وستؤدي إلى انهيار تام للعملة المحلية والاستعاضة بالعملة الصعبة كخيار صعب من أجل احتواء الأزمة، وهو ما تسعى إليه لمآرب تخصها.
 
من الأولى أن تتحرك الحكومة الشرعية لتفادي هذا الانهيار، ولوضع معالجات جذرية تكسر الهيمنة الحوثية على سوق العمل، وتعيد التوازن للعملة، بما يخفف المعاناة، ويحد من حالة التدهور اليومي للريال، وما يرافقها من ارتفاع جنوني للسلع والاحتياجات الضرورية اليومية، وهو ما ننتظره من حكومة تتمتع بحضور دولي واعتراف يمنحها شرعية ما تعزم القيام به، إن أرادت!
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر