انهيارٌ ندفع ثمنه


محمد علي محروس

 في بلد كاليمن، لا تحتاج لأن تكون ثريًا حتى تملك مقومات السيطرة الكامنة، والتي بموجبها تكون سيد العبث، ويطال عبثك نواحي الحياة، وينعكس ذلك على معيشة الناس واحتياجاتهم اليومية، كل ما تحتاجه أن تكون ذا ميزات بلطجية صرفة، وهذا الشرط وحده كفيل بأن يجعلك رائدًا في هذا المجال، ولك صولاتك وجولاتك الخاصة، والتي بها يصبح لك جحافل وأنصار يرونك كل شيء، بما في ذلك إلهًا لهم، المهم أنك ستتكفل بوجباتهم التقشفية، وببجمة القات التي يحسبون حسابها منذ الاستيقاظ حتى النزع الأخير!
 
أنت هنا آمر ناهي، شيخ وأمير وملك، بهؤلاء، وبقطع السلاح الاستعراضية، والتي ربما إن وقف أحد المارة في طريقك أرديته قتيلًا، وهو الذي خرج باحثًا عن لقمة عيشه التي تنازعه إياها بأفعالك الدنيئة، نعم أنت الذي ضربت عرض الحائط بالإرادة اليمنية الجامعة، وحلت بانقلابك الأسود دون البدء في سياق الدولة المدنية الموعودة، ووأدت بملشنتك للحياة العامة مخرجات الحوار الوطني، وأحلتنا كيمنيين إلى شعب يصطف أمام مناطق توزيع الإغاثة، ومادة إعلامية مميزة لدى منظمات الريع التي تبيع وتشتري بآهاتنا وآلامنا المصنوعة بأفعالك المتنافية مع قيم الإنسانية، والخارجة عن الإطار الجمعي لليمنيين كلهم، بأعرافهم وتقاليدهم، وبإرثهم الأخلاقي المتراكم عبر حضاراتهم التاريخية كلها.
 
هل كنت تفكر حينما قررت أن تخوض المغامرة؟
 من أوعز إليك بأن تفعل كل هذا؟
 أين إسرائيل وأمريكا اللتان كانتا سببًا في انتفاضتك المسلحة؟
 
 ثم سرعان ما كانت حجة والجوف وعمران هي الهدف، وبعدها اقتحمت صنعاء كالتتار، أحرقتها، وسيطرت على مفاصل السلطة غير عابئ بما سيترتب على ذلك، كأن هذا كل مبتغاك، المهم أن تصنع الأزمات، وتسترزق منها، ومن يقف في طريقك ناصحًا أو معارضًا أرسلته إلى الآخرة دون سابق إنذار، وهكذا فعلت في عدن ولحج وأبين وتعز، وغيرهن من محافظات البلاد، وما زلت.
 
تعريت تمامًا، وظهرت كسارق يتباهى بفعلته، غير مهتم بما سيصدر ضده، بل لا يعنيه، وهذه قدرة المبتزين الذين لا يعنيهم ما سيبنى على أفعالهم وما يرتكبون، فكل همهم أن يكونوا في كل النعمة، وولاتها، ضمن ادعاءات عدة جاءوا بها ضمن هلوسات الادعاء الإمامي الذي يمنحهم أفضلية السلالة، وحق الاختيار الإلهي بتصدر المشهد وقيادته، هذه هي مليشيا الحوثي في إطارها الكلي، جماعة انتهازية مبتزة، عملت وتعمل على انهيار كل شيء في البلاد؛ لتبقى متسيدة، وإن فني كل الشعب، وهو الذي يدفع الثمن منذ نزغها الذي لا عواقب له سوى إخراج اليمنيين من قائمة الحياة، وإقحامهم قسرًا في مسيرة الموت التي أتقنوا صناعتها وتطويرها من سنة لأخرى.
 
ستظل صاحب صورة قاتمة السواد عند اليمنيين، فقد أدخلتهم في أتون حرب عبثية هم في غنى عنها، وقتلت حلمهم بدولة تحتوي الجميع وهو في طور التشكيل.. أنت دائمًا ما كنت تتخفى وراء قناعك المزيف، وابتسامتك التي كانت للإلهاء لا أكثر، ثم ها أنت اليوم تتلذذ بكل ما تفعله في حق من ادعيت أنك قمت بثورتك الهوجاء من أجلهم، جدلًا صنعت كل شيء، وبنيت أسطورتك على الأشلاء البشرية، وجماجم رافضيك، وتصدّر نفسك كبديل حتمي على ما دمرته من منازل وشوارع ومدن، من أي عالم أنت أيها الدموي البذيخ؟
 
أنت سبب كل الانهيارات التي أودت بالبلد إلى الحضيض، وفي كل مرة تفعل هذا، تعود لقبض الثمن قسرًا من أبناء جلدتك الذين أذقتهم الويل والعذاب، بمليشياتك السلالية الجهوية، وبأفكارك المذهبية المقرفة، وبك أنت، متجهمًا، مبتزًا، لا وجه لك!
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر