أسئلة فلسطين المعلّقة


محمد علي محروس

  في عام الانتفاضة الفلسطينية، كان كل بيت عربي هو فلسطين، كل تفاصيل المشهد اليومي هناك تعيشه الأسر العربية بتفاصيله كلها، الفرح والحزن، ووسائل المقاومة، والتصريحات الرنانة، ولا يذهب يوم دون مظاهرة مساندة وأخرى مؤازرة على امتداد الرقعة العربية.
 
 حتى تلك الدول التي تمنع التجمعات كانت لها طرقها الخاصة في التعاطف وإبراز العون والدعم من خلال حملات تبرع ذائعة الصيت؛ كي لا يبقَ الفلسطينيون وحدهم أمام آلات القتل الإسرائيلي، التي تهاوت يومها أمام أطفال لا سلاح لهم سوى الحجارة، وهي سلاح قوي العزم، فاعليته لا غبار عليه، كيف لا وهي من الأرض التي يملكونها، الأرض التي تحاول إسرائيل محوها من خارطة العالم وابتلاعها، تحت ذرائع الحق الإلهي والقدسية التي يتمتعون بها من الله كما يدعون، أليسوا بشعب الله المختار؟ وهل هذا فعل شعب اختاره الله واصطفاه؟
 
يأخذ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي منحنى استثنائيًا منذ ظهور ما أطلق عليها بالمبادرة العربية للسلام، وهي قشة العرب وحجتهم وشرطهم الأوحد لسلام دائم مع المحتل الإسرائيلي، فيما عمل الكيان المجمّع من أصقاع الأرض على المناورة وفق مقتضيات المرحلة شيئًا فشيئا، ضمن إطار زمني وحسابات محددة للوصول إلى مبتغاه بحشر الأمة العربية في زاوية أزمات معقدة، بعضها فوق بعض، حتى إذا خرجت من الأولى ولجت مرغمة في الثانية، وهذا ضمنيًا في سياق التيه الممنهج، لتمييع القضية الفلسطينية وجعلها قضية هامشية أكثر منها محورية، وقد أفلح في ذلك من خلال وكلائه الذين ضخوا الأموال الباهظة من أجل صناعة التأزيم في كل من العراق وسوريا واليمن ولبنان وليبيا وحتى مصر، وكلها دول لها نصيب وافر من قوميتها العربية التي لا تؤمن بأي حل لوضع فلسطين دون استرجاعها كاملة.
 
إن السباق الحاصل لكسب ود إسرائيل، والعمل على إرضائها هو عملية أريد لها أن تتضح علنًا، وقد كانت من قبل غير ظاهرة، ولكن واقع الحال، والشتات الحاصل، دفعا بهذا المشهد في الصدارة، فبدلًا من أن تعمل إسرائيل على محاباة محيطها العربي، ومراضاته، والعمل بفاعلية نحو حل يصنع سلامًا مستدامًا، باتت بعض الدول العربية تتسابق على اكتساب ود الدولة الدخيلة على الوطن العربي، بل واعتبارها جزءً محوريًا في المنطقة، لا غنى عنه، وله الأولوية في كل شيء، وهنا يبرز سؤال فلسطيني عالق: أين القضية التي توحدت خلفها الأمة عقودًا؟ من يتحمل مسؤولية الشتات العربي اليوم؟ وإلى أي مسار نحن ذاهبون؟
 
إن مشكلتنا قائمة مع مغتصبين محتلين لا مع اليهود، الذين نكن لهم كل الاحترام؛ عملًا بتوصيات ديننا الحنيف، وإيمانًا منا بالتعايش بين الأديان وفق القيم الإنسانية الجامعة، التي تقدس الإنسان وتحرم سفك دمه وهدم منزله وتشريده، وهو ما لا يؤمن به الكيان المحتل، ويبالغ بصورة أو بأخرى في اختيار وسائل تخصه للتعامل مع المستجدات في الداخل الفلسطيني تنكيلًا وعذابا.
 
إن الأسئلة الفلسطينية العالقة باتت تائهة كالعرب، ولا يملك أحد إجابتها، فكل قطر عربي محشور في زوايا أزماته الداخلية، ولا يعنيه ما يدور في فلك الوطن العربي، ولا ما استجد على مستوى قضيته المفصلية، بل وكأن على فلسطين أن تبقى في المضمار وحيدة، محملة بآلاف الأسئلة التي تبحث عن إجابات عملية، لا أحد يملكها!
 
متى التحرير؟ وكيف؟ وهل سنظل بهذه الصورة من صراع إلى صراع؟ وإلى أي مدى يمكن لفلسطين أن تصبح دولة ذات سيادة؟ ماذا عنكم يا إخواننا العرب؟ كأنكم استسلمتم وتركتمونا وحدنا؟
 
هذه بعض الأسئلة المعلّقة التي لا إجابة لها!
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر