نحب كل الشعوب


محمد علي محروس

 يظل الشعب اليمني استثناء من بين شعوب العالم بسجيته التي تبرز معدنه الأصيل، وهو الذي لا يترك شعبًا إلا وعبّر له عن حبه وبالطريقة التي يراها مجدية مناسبة، رغم ظروفه السيئة التي يعيشها قبل الحرب وبعدها.
 
يظهر اليمنيون وجههم الجميل رغم قباحة الوضع بسبب الحرب الدائرة وما نجم عنها طوال السنوات الست الماضية، فهم يعيشون للجميع في إطار حسبة العيش من أجل الآخر، وهذا تجسيد محوري للتعايش العالمي الذي يتوقف عليه السلام والاستقرار لهذا الكوكب.
 
ما من كارثة إنسانية في أقصى الأرض، شرقها وغربها، وما من عملية إرهابية في أي دولة من الدول، وما من كارثة طبيعية أثرت بشكل مباشر على الحياة العامة إلا وأعلن اليمنيون تضامنهم وصلواتهم من أجل المتضررين، وأطلقوا حملات إلكترونية مساندة، وبشكل يعبّر عن حقيقة هذا الشعب ومكانته بين الأمم، كشعب ما زال متمسكًا بعرفه النبيل، وتقاليده القائمة على التكافل والتراحم، والتي دون شك من صميم الدين الإسلامي وقيمه العليا.
 
يقدم اليمنيون أنفسهم كشعب يعيش للجميع، يشاركهم تفاصيلهم، أتراحهم وأفراحهم، ينتهج سياسة البناء المجتمعي التي وجد عليها أباءه وأجداده، وهي سمة نتباهى بها، ونُعرف بها في كل الأوساط، فاليمني اجتماعي سلس، معطاء، يحب أن يرى الجميع بخير، لذا فهو ينتهج هذا النهج ضمنيًا في إطار الشراكة الإنسانية البديعة، فكل ألم له منه نصيب، وكل فرح هو فرحه، أينما كان.
 
تتوالى الأحداث تباعًا، في لبنان ومصر والعراق وتركيا وحتى تونس، كوارث طبيعية، أزمات إنسانية، تفجيرات إرهابية، حوادث عرضية، مهاترات سياسية، وأحداث من هذا القبيل، كل هذه تنال نصيبها الكبير من يوميات اليمني أثناء جلوسه لتناول وجبات الأكل، أو احتسائه كوب قهوته والشاي العدني، وأثناء جلسات القات التي تخصص عامة لمثل هكذا مواضيع، وزيادة على ذلك، لا يخفي شيئًا بين جوانحه، فكل ما سيدور في ذهنه حيال ذلك يعمل على تحويله إلى منشور تحليلي أو وجهة نظر أو تضامن مع ما يجري عبر منصاته الإلكترونية المتاحة؛ ليؤكد بشكل قاطع أنه يعيش التفاصيل كاملة.
 
تابعت عن كثب كمية التضامن الذي أظهره اليمنيون مع لبنان بعيد انفجار مرفأ بيروت الذي هز العاصمة اللبنانية مطلع أغسطس الجاري، أبدوا تضامنًا فاق كل الشعوب، تضامنوا بكل ما أوتوا من قدرة، فمنصات التواصل الاجتماعي اليمنية كانت تعج بلبنان وبالدعاء لها وبكلمات الحب الجابرة للكسر الذي أصاب إحدى أهم العواصم العربية من حيث حضورها المركزي على المستوى الإقليمي.
 
وقبلها تضامنوا مع مصر أثناء تعرضها لسلسة تفجيرات إرهابية، وكذلك مع العراق، ولم ينسوا مشاركة تونس أعراسها الانتخابية طوال السنوات الماضية، ومنذ أول يوم واليمن وأبناؤها مع فلسطين الأرض والإنسان، عملت وتعمل بكل أنفاسها من أجل القضية الفلسطينية، ومد رجالها بما أمكن لمواصلة مسيرة النضال في وجه المغتصبين الإسرائيليين، وهذا ليس غريبًا على شعب يعد أصل العرب، وأول من سكن الجزيرة العربية وأحياها.
 
يستحق شعبنا أن يعيش في كرامة، يستحق أن يجد من يحتويه ويعبر عن كنهه وأصالته، أن يتبنى ما يحمله من قيم إنسانية مثالية، لا يستحق شعبنا أبدًا ما يجري له اليوم، بفعل السياسات العرجاء من النخب الفاشلة، والهروب من المسؤولية التي ينتهجه مسؤولوه، والفاشية الدينية الحوثية التي شوهت الصورة اليمنية، وأبهتتها بأفعالها المتنافية مع ما يؤمن به اليمنيون ويعبرون عنه فعلًا وقولًا، كشعب يعيش للجميع.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر