قنبلة صافر العائمة


محمد علي محروس

 يتجاوز عمرها العقد الرابع، بخدمة تصل إلى ثلاثين سنة، بفارق عشر سنوات عن عمرها الافتراضي، هذه هي ناقلة النفط اليمنية "صافر"، الرابضة في منطقة رأس عيسى بالبحر الأحمر، على بعد حوالي خمسة أميال فقط من السواحل اليمنية، لتتحول بذلك من مخزن عائم للنفط إلى قنبلة عائمة تنذر بكارثة بيئية وإنسانية قد تكون الأسوأ في اليمن على الإطلاق، في حال انفجرت لا قدّر الله.

مليون ومائة ألف برميل نفط، حمولة الناقلة، وهي في مكانها منذ اندلاع الحرب، بسبب رفض الحوثيين القيام بأي أعمال صيانة حيالها، واستخدامها كورقة مساومة وضغط، للحصول على امتيازات كبيرة، وتحقيق أهداف ما، في الحديدة، ولعل أبرز ما في ذلك يتعلق بالاتفاق الذي لم يتم تنفيذه بخصوص الحديدة بشقيه العسكري والإنساني.

تنذر الناقلة بكارثة بيئية محدقة في حال انفجرت، فالبحر الأحمر برمته سيكون معرضًا للخطر البيئي، وإغلاق خطوط الملاحة البحرية، وستكون كارثة من أسوأ الكوارث في تاريخ البحار، فإضافة لليمن الدولة الأكثر تضررًا، فإن دولًا كمصر والسعودية ستكونان على رأس المتأثرين، بالنضر إلى الموانئ الحيوية السعودية، وقناة السويس، أحد أهم الممرات المائية في العالم، إضافة لدول القرن الإفريقي، والسودان، كل ذلك مصحوبًا بتغيرات بيئية كارثية، ستؤثر على التنوع الحيوي للبحر الأحمر، الذي يعد بكرًا، بخيراته وكنوزه البحرية النوعية.

لا يعني الحوثيين ما قد يترتب على انفجار ناقلة صافر، فالمهم بالنسبة لهم هو الحصول على المزيد من الأموال، وإدخال كل ما من شأنه أن يمنحهم فرصة للنهب، في إطار مساوماتهم، ومغامراتهم التي لا تتوقف في استهداف الكيان اليمني برمته.

ووفقًا للتقديرات، ستحتاج اليمن إلى معالجة أضرار كارثة التلوث البحري لفترة طويلة من الزمن، ولمدة تزيد عن 30 سنة قادمة، في حال حدوث التسرب النفطي، أو انفجار الناقلة.

اطلعت على تقرير لموقع حلم أخضر، وهو موقع متخصص يعنى بالبيئة اليمنية ليتوصل في تقرير خاص إلى إن 115 جزيرة يمنية في البحر الأحمر ستفقد تنوعها البيولوجي وستخسر موائلها الطبيعية، و126 ألف من الصيادين اليمنيين سيفقدون مصدر دخلهم بمناطق الصيد اليدوي، بالإضافة إلى نحو 70 ألف صياد من أبناء محافظة الحديدة سيفقدون مصدر دخلهم الوحيد جراء هذه الكارثة، و850 ألف طن كمية المخزون السمكي الموجود في المياه اليمنية والذي سيتعرض للتلف داخل البحر الأحمر، ومضيق باب المندب وخليج عدن، ونحو ألف نوع من أنواع الأسماك (الأسماك الساحلية وأسماك الأعماق) في المياه اليمنية التي ستقتلها بقع النفط الخام المتسربة، و 300 نوع من الشعاب المرجانية التي ستختفي من المياه اليمنية، جراء النفط الخام لعدم وصول الأكسجين والشمس إليها، وأكثر من مائة نوع من العوالق الحيوانية التي تعيش في المياه اليمنية، ستختنق ببقع الزيت الخام.. حتى الطيور لن تكون بمأمن من هذه الكارثة، ناهيك عن المخاطر الجمة التي تنتظر السكان القريبين من المنطقة، إذ يعرضهم ذلك لفقدان الحصول على مياه صالحة للشرب، بحسب تقارير أممية.

أرقام تعني حدوث فاجعة حقيقية، لن تنتهِ آثارها الكارثية على المدى القريب إطلاقًا، وهو ما يستوجب وقفة جادة لإثناء الحوثيين عن مخططهم الإجرامي والانتهازي، ووضع معالجات فورية، للحاق من أجل القيام بصيانة عاجلة قبل فوات الأوان.

لم يكتفِ الحوثيون بما أحدثوه من كوارث في البر، وبما فعلوه بنا جوًا حين استدعوا تدخلًا خارجيًا هو الآخر عبث بالبلاد، بل اتجهوا للبحر، وها هم يتلذذون بممارسة مهامهم القائمة على صناعة الآلام لليمنيين، وملاحقتهم إلى البحر.. هل هناك بؤس أشد من هذا؟!
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر