لا عهد لهم!


محمد علي محروس

  لا تملك جماعة الحوثي ذرة مسؤولية تجاه القاطنين في نطاق سيطرتها القسرية، ولا تقم بما يوجبه الضمير الإنساني؛ لأنها بُنيت على أساس انتهازي أناني، لا يفكّر إلا في ذاته، وبما يُقزّم الآخرين لأجل امتيازات طبقية سلالية، في إطار ادعاءات الحق الإلهي، والامتيازات الاختيارية التي حددوها لأنفسهم، وعليها انتهجوا كل أساليب الابتزاز.

في كل مرة يعلنون خضوعهم لهدنة عسكرية، سواء أعلنوها أم أعلنها التحالف العربي، أو دعا إليها مبعوث الأمم المتحدة، لكنهم سرعان ما يخترقونها، وكأنهم في سباق مع الزمن بين الالتزام والاختراق، وليس من طبيعة جماعة امتهنت الموت أن تعود عما نشأت عليه، فهذا عيب أسود، ووقوع مدو لها، إن جانبت صواب معتقد اليمنيين فيها وفي كنهها القائم على القتل والتدمير والتشريد.

لستُ مؤيدًا للتحالف العربي، ولكني أتبع جغرافيًا الحكومة المعترف بها دوليًا، وهي الشرعية دستوريًا، وبهذا عرفت لدى العالم، أما الحوثيون فجماعة انقلابية، اتخذت من الوسائل اللا شرعية وسيلة للانقضاض على مؤسسات الدولة، واستباحت الخريطة اليمنية بحثًا عن الحق المزعوم في الحكم، ولم تنسَ أبدًا أنها ذات أبعاد أيديولوجية إقصائية، وطبّقت ذلك في هيجانها المغولي الذي لم يفرّق بين بشر وحجر وشجر؛ لا لشيء، سوى إنها تنفذ أجندات محددة لا ناقة لها فيها ولا جمل.

تعتمد الجماعة الحوثية على نقض العهد لاكتساب بعض الوقت من أجل تحقيق مكاسب على الأرض، وكلما تعمد إلى هدنة فإنها تجعل منها محطةً للتزوّد وإعداد العدة تحت يافطة "التقاط الأنفاس"، وسرعان ما تُميط اللثام عن وجهها الحقيقي، وتعود بشكل جنوني إلى ممارسة هوايتها المميزة وهي قتل اليمنيين، ووئد طموحاتهم، ومصادرة حقوقهم، وتحويل حياتهم إلى جحيم، وذلك بصناعة الأزمات، والعمل على تسويقها، والاستفادة منها على كل المستويات.. هذا فنها الذي تجيده، فن صناعة الأزمات، والاسترزاق منها.

لن أنسى إطلاقًا الهدن السابقة التي كانت تُستهدف على إثرها تعز ومأرب والحديدة أمام أعين العالم الذي يقف موقف المتفرج، وكأن الأمر لا يعنيه، تمامًا كما حصل مع اتفاق السويد الذي أخذ سنتين للتنفيذ ثم تبخّر كل شيء بفعل تعنت المليشيا وتركيزها على اصطناع الأزمات الفتاكة باليمنيين ومستقبلهم.

كلما نحدّث أنفسنا بالظن الحسن مع كل أخبار عن مشاورات للحل في اليمن، كلما نقمعها لتتوقف عن ذلك فورًا؛ فالتجارب حبلى بالنكث والانقلاب على كافة الاتفاقات والمواثيق السابقة، وأولها مؤتمر الحوار الوطني الذي كان حلًا لكل مشاكل اليمن سابقًا وحاضرًا، وحنّطه الحوثيون بانقلابهم المشؤوم، وأوصدوا بذلك باب الحلول في وجه قضايا اليمن، وفتحوا أبوابًا للمشاكل وتراكماتها لن تنتهي على المدى القريب أبدا.

إننا أمام جماعة بعدة أوجه، حتى المنتمين إليها لا يأمنون مكر قادتها، إذ لم يسلم من بطشها كل منهم في إطار سيطرتهم، يعيشون في فزع دائم، وما حالة الاعتقالات المستمرة إلا خير دليل على ذلك.

سنظل متمسكين بموقفنا ضد هذه الجماعة، فلا هم لها سوى تحقيق مكاسب على حساب أنين اليمنيين وآلامهم ومعاناتهم، وغير ذلك لا معنى للتحاور معهم، فهم بلا عهد بامتياز، ولا يملكون ذرة شجاعة للوفاء بالمواثيق، وذلك ديدن الجماعات الدينية الدموية على مر التاريخ.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر