زيف الحوثي ومزاعم جريفيث


محمد علي محروس

 تزداد الحرب شراسة كلما تمددت فترة الصراع، ويزيد فتكها باليمنيين، إذ تتجزأ من يوم لآخر أزمة تلو أخرى، وتتبعها أزمات متوالدة بينها البين، ويدفع الشعب فاتورتها، من دمه، وجهده، ولقمة عيشه، وأندى من ذلك أنّه بعيد كل البعد عن تقرير مصيره، المصير الذي تُرك لغيره قرار البت فيه، وتحديد مساره، والحكم على أهميته من عدمها، تمامًا كما فعل التحالف العربي المنقذ، الذي أحالنا إلى دوامة صراعات أخرى، لها أبعادها المناطقية والعصبوية، ولا يدخر جهدًا في اصطناع أزمات هدفها حرفنا عن مطلب التحرير، وصد الانقلاب الاستبدادي، واستعادة الجمهورية المصادرة، وفي ذلك لعبة كبيرة لكل منهم نصيبه فيها، مهما حاول التنكر والتلكؤ.

مع كل هجوم تشنّه القوات الحكومية على الحوثيين، تعمل المليشيا على الاستفادة منه، حتى وإن خسرت فإنها تصطنع عبر مطابخها الإعلامية العديد من الأخبار والأعمال المفبركة، لا لشيء سوى للكذب على من بقي من أنصارها، ومحاولة التغطية على ممارساتها القمعية وانتهاكاتها الجسيمة في مناطق سيطرتها، وتوصيل رسالة للعالم الخارجي، والدول الراعية للسلام في اليمن، وحتى الأمم المتحدة، مفاد رسالتها أنها في موضع قوة، وهذا ما يمنحها شيئًا من التلاعب بالوقت والتنفس بعمق من أجل استمرارها على ما هي فيه دون ردع أو حتى تحميلها مآلات ما آل غليه الوضع بفعل تعنتها، وجنوحها إلى الحرب والقتال على حساب السلام وحفظ دماء اليمنيين.

الفيديو القادم من الجوف مفنّدًا ادعاءات المليشيا يجعلنا أمام موقف يستدعي المزيد من الجهد لمواجهة ما تفعله المليشيا على مستوى البلاد عمومًا، وتحديدًا ما يتعلق بتضليل الرأي العام، وارتكاب جرائم تستبيح حق الحصول على معلومات حقيقية، فالجماعة الحوثية لا تعدو عن كونها انتهازية إقصائية تهدف إلى السيطرة والتحكم بمفاصل البلاد تحت يافطات ومسميات مفروغة المضمون، ولا غرابة مما ترتكبه من تضليل، فقد ارتكبت جرائم ضد الإنسانية في حق أبناء جلدتها، فقط لأنهم خالفوا رؤاها السوداء، ونكروا مغازيها المتجاوزة للثوابت والمبادئ اليمنية الجامعة، وهو ما يستوجب حشدًا حقيقيًا لما نمتلكه من مقومات إعلامية، والبناء على إمكانياتنا المتاحة وتعزيزها من أجل العمل على مواجهة فبركات الجماعة ودحض ادعاءاتها ومقارعة ما تبثه من كذب وزيف؛ لأجل تحقيق أهدافها على حساب الدم اليمني.

على الضفة الأخرى، وبقدر فريقها العامل على كافة المستويات بذات الأدوات التضليلية، وبنبرة المظلوم الواهن، فإن المبعوث الأممي لا يدخر جهدًا في محاكاة تضليل الحوثيين، والبناء عليه لاستصدار مواقف دولية، إنه يقدم الحوثيين كمتعاونين معه، وبأنهم شرفاء ونزيهون ومتجاوبون مع ما يقدمه من اقتراحات، في تباين صارخ لما نعايشه، ولما يجري على أرض الواقع، فاتفاق استوكهولم قضي عليه في مهده من قبل الحوثيين، الذين استخدموه للمناورة، وحوّلوه إلى أداة يتلاعبون به لكسب الوقت، ولتحقيق الكثير من المكاسب العسكرية والسياسية، وحتى استفادوا منه على مستوى الابتزاز والانتهاز الذي يمارسونه في حق الشعب.

وما بين زيف المليشيا ومزاعم المبعوث الأممي نعيش كيمنيين، بعيدًا عن الوضع الذي نعيشه، فالحوثيون يشنون هجماتهم إعلاميًا، ويستخدمونها لبث أكاذيبهم وخداعهم، والمبعوث الأممي ينصاع لما يبثونه ويبني عليه مواقفه ويحشد العالم لذلك، ودعوته لمحادثات مع الحوثيين دون اشتراطات تؤكد ذلك، وعلى ذلك نضيف مواقف التحالف الداعم للشرعية، الذي يغرد في وادي ومن ادعى أنه ينقذهم في وادي آخر، وما يقوم بها لا يتجاوز الفعل العمد، واليمنيون هم المتضررون حتمًا.

إننا واقعون في مصيدة كبيرة، ولا نحاول الخروج منها، لهول ما نواجهه على كافة الأصعدة، ولا نجد مفرًا من ذلك إطلاقًا، فقط نعمل بما أمكن للبقاء على قيد الحياة!
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر