التمثيل الإماراتي في اليمن


سلمان الحميدي

 في كتابه "عرق الضفدع"، روى المخرج الياباني أكيرا كوروساوا علاقته مع الممثلين، وكيف أن مخرجًا آخر يعتبره أكيرا أستاذاً له وعملا معًا، كان هادئًا مع الممثلين بما في ذلك الكومبارس، ذلك الهدوء والطيبة على المخرج الأستاذ كانت ميزة انتهجها الرجل كي يحصل على قدر كبير من الانفعالات التي تخدم العمل الدرامي، ما التمثيل الجيد إلا انفعالات يمنحها الممثل للشخصية التي يؤديها، يتقمص الدور جيدًا، ويحتاج لانفعالات قد تختلف من مشهد إلى مشهد.

في رواية "راوية الأفلام" للتشيلي إيرنان ريبيرا لتيلير، يضع المؤلف اقتباسين كمفتتح للقصة، الأول لشكسبير: إننا مصنوعون من مادة الأحلام نفسها، أما الثاني لإحدى شخصيات القصة، الحورية ديلسين: إننا مصنوعون من مادة الأفلام نفسها.

تتجلى العلاقة القوية بين الواقع والتمثيل من خلال "الانفعالات" التي يؤديها الممثل، حتى لو كان الفيلم خيال علمي، إذ لا يمكن لبطل فيلم آفاتار وهو في رحلة لغير المجرة، رغم استخدام التطور التكنولوجي لغزو كائنات الفضاء، أن يضحك وهو يشاهد إحدى الكائنات تموت، أو لا يمكن للكائنة الفضائية ألا تشعر برغبة التقبيل عند انفرادها بكائن بشري في لحظات حميمية على هامش مشاكل آفاتار، في مسلسلات الأطفال أيضًا لا بد من تحريك الرسوم للحصول على حالة مشابهة للواقع..

التمثيل بحاجة إلى انفعالات تدعم واقعيته حتى لو كانت الحكاية خيالاً محضًا، ليصدقها الجمهور.

لست ضليع بالإخراج ولا بالتمثيل، رغم دراستي للإذاعة والتلفزيون، غير أني ـ وقبيل الدخول بتجربة في كتابة سيناريو ـ اندلعت الحرب، وكأن هذه التجربة بقيت في رأسي، لأتفرس الناس، الملامح، والانفعالات، وأشاهد الأحداث وتصريحات المحللين، إما بحثًا عن عُقدة لقصة ما، أو اكتشافًا لوجوه واقعية تصنع انفعالات متناغمة من جسامة الأحداث وتقلباتها.

أعتقد أنها مأساة، أن تستشهد بتجربة مدبجة بكتب واقتباسات، "وإننا مصنوعون من مادة الأفلام نفسها"، وتهتم بالملامح والانفعالات لتصل إلى نتيجة مؤداها: إني اكتشفت أفشل دور تمثيلي عربي في اليمن، هو بالطبع دور الإماراتيين، وكأن هوليود قد وضعت نجمة لضاحي في ممر المشاهير.

الواقع تمثيل والتمثيل واقع، يربط بينهما الانفعالات، من منطلق كهذا يمكن أن نرى فشل ممثلي الدبلوماسية الإماراتية بشأن تحالفهم مع السعودية في اليمن!.

يقولون أنهم مع السعودية، أنهم مع وحدة اليمن، أنهم مع العرب، ولكن ملامحهم لا تتغير ولا تحولاتهم التي تحتاج إلى انفعالات مختلفة، يرسلون الشحنات المدرعة للمجلس الانتقالي الذي يقوم بانتهاكات وأعمال تطرف على اليمنيين، يفعلون ذلك في العلن، تصدر الخارجية بيانًا لدعم الشرعية والحفاظ على الوحدة، وتخرج مع الخارجية ثلة بألسنة حداد يدعون للتمزق، بل وتحوم الطائرات الحربية لقصف جنود الشرعية بدقة لم توجد وهي تحوم فوق مواقع المليشيا.

إنها أكبر فوضى وأسوأ انفعالات في موقع الحدث..

الخسارة الفادحة تلحق بالمخرج البليد مهما كانت ميزانيته.. وهذه من مسلمات الإنتاج!
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر