ما بعد شبوة لا كما قبلها!


محمد علي محروس

 تبيّن جليًّا، أن ما جرى في عدن لم يكن محض صدفة، استغل بها المجلس الانتقالي نقطة ضعف لدى الحكومة الشرعية، لينقض من خلالها على المحافظة برمتها، ما يجدر قوله: إن العملية مرتب لها منذ سنوات، وتُدار بغرفة مشتركة لتلبية الاحتياجات واحدة تلو الأخرى، حتى البناء العسكري كان طبقيًا؛ ليسهل التحكم والسيطرة، ولتكون مرحلة التنفيذ مرحلة متكاملة لا تنغيص فيها، ولا ردّات فعل تشوبها الخلافات والتباينات، وهو ما أكده القيادي في المجلس الانتقالي، لطفي شطارة، في تغريدة له عندما اعترف بأن العمل من أجل الوصول إلى هذه اللحظة في عدن، مستمر منذ أربع سنوات، وليس من السهولة أن يتم استدراجه وحلحلته بين ليلة وضحاها.

وأنت تحاول الحصول على معلومة متكاملة عما يحدث في عدن وأخواتها من محافظات الجنوب، لن تجد ما يمكنك الاعتماد عليه سوى في تويتر، الذي بات يمنيًا خالصا، بعد احتلاله من قبل الإعلاميين والناشطين، الذين يعملون دون كلل لإظهار اليمن الحقيقي، اليمن الجمهوري الاتحادي، ويقودون معارك شرسة تتصدرها التراشقات المستمرة مع مغردين إماراتيين مقربين من مراكز القرار والنفوذ، مما جعل من التواجد اليمني الكبير في تويتر، يشكل علامة فارقة على مستوى تشكيل الرأي، والرد الفوري على محاولات النيل من الحكومة الشرعية ومكوناتها الوطنية.

حتى ما قبل شبوة، كان القرار السعودي السيادي متأخرًا في حسم مسار المجريات الأخيرة في عدن، وحين أصبحت شبوة هدفًا معلنًا، هرعت السعودية متصدية بكل أدواتها، ويكفي أنها منحت حكومة الشرعية الضوء الأخضر لممارسة مهامها كاملة من الرياض، دون النظر لما قد يصدر عن حليفتها الأخرى التي تقود حالة النزق في الجنوب.

فورًا، تكشفت الحقائق، وتجلّت طبيعة الرسالة المراد توصيلها للآخرين، أن ما قبل شبوة ليس كما بعدها، ولن يكون هناك دفاع بل هجوم، هذا ما نفهمه من خلال ما تحقق، وما فعلته الشرعية من خطوات مهمة وإن كانت متأخرة، وحتى زيارة رئيس الحكومة رفقة وزراء إلى شبوة ولقائه بالقوات السعودية لم يكن ارتجاليًا، بل مثل رسالة فحواها أنه يجب أن تتوقف كافة الممارسات الهوشلية، وأن تحل القضايا العالقة تحت شرعية واحدة، وهناك عدو واحد انقلب على مؤسسات الدولة وقاد البلاد إلى وضع استثنائي بأفعاله اللا وطنية، هو الأولى بتكثيف الجهود وتوحيدها لمواجهته، ثم بعد ذلك يمكننا أن نحل قضايانا بالتراضي، وبما يحمي المصلحة العليا للجمهورية اليمنية.

ما هو أهم، أننا اليوم بحاجة إلى لياقة دبلوماسية ذات فاعلية في المحافل الدولية؛ لتحقيق ما لم نحققه على الأرض، وأن استعادة عدن للحضن الجمهوري، مع معالجة النتوءات الصادرة عما جرى فيها، والاستجابة لاحتياجات وحقوق ومطالب الجنوبيين ذوي القضية العادلة يشكل أهمية قصوى، على الأقل البدء بمعالجتها اليوم يضمن شيئًا من الإسراع بإنجاز المشروع الوطني الكبير المتمثل في اليمن الاتحادي.

لا مصلحة لجيراننا المحادين لنا وأعني السعودية وعمان إلا بيمن اتحادي يحوي أبناءه ويحقق تطلعاتهم ويلبي احتياجاتهم، وهذا الهم مشتركًا، وتحقيقه أيضًا يجب أن يكون مشتركًا، فبقاء اليمن مستباحًا كما هو اليوم هو خطر عليكم أنتم، وعبء ها أنتم تدفعون ثمنه وسترتفع الكلفة إن لم تسارعوا بالحل الشامل.

يدرك السعوديون أن انزلاق الأوضاع إلى أبعد مما هي عليه اليوم يعني انفراط العقد، وخروج الأمور عن السيطرة، وهذه قوة للطرف الآخر في الحرب اليمنية، سيجعل من الحوثيين أكثر هجومية، وهو ما سيؤثر - وقد بدأوا بذلك – على السعودية بكافة مستوياتها، وإن كانت تحاول المكابرة والمقامرة!

اتضح جليًا أن الدرس الشبواني تم استيعابه، وما نتج عنه وترتب عليه بدا للجميع، وهو تأكيد على أن الإرادة اليمنية لا ولن تُسلب، وأن مصير هذا الشعب في وحدته، مع معالجات جذرية للأخطاء المرتكبة من قبل دفة الحكم، وهي حقيقة على السعودية استيعابها والعمل على أساسها إن كانت فعلًا جادة في إنقاذها لجارتها الجريحة.

لا يمكن للحكومة الشرعية أن تكون مطية بعد اليوم، فشبوة مدتها بطاقة جبّارة ودافعة لها لاتخاذ مواقف ذات مرجعيات على الأرض، فبارك الله شبوة ورجالها، وحمى اليمن.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر