أخيرًا غادر اليماني!


محمد علي محروس

 منذ اللحظة الأولى لتعيينه وزيرًا للخارجية، كان خالد اليماني، في بون شاسع، بينه وبين ما يتطلع إليه اليمنيون، على مستوى المعركة الخارجية، فبالنظر إلى طبيعة الأحداث الجارية في البلاد، وتناوله لها على المستوى الخارجي، غُيّب الرجل وغَيّب؛ إذ تلاشت السياسة اليمنية الخارجية، واستمرت فيما كانت عليه، لتمثل امتدادًا تابعًا لإملاءات دول التحالف العربي، دون أدنى اعتبار لليمن وكيانها المستقل، كدولة ذات سيادة..

أتابع اليماني منذ كان ممثلًا لليمن في الأمم المتحدة، إذ لم يعدُ عن كونه ظاهرةً صوتية، لم تحقق انتصارًا قط للقضية اليمنية، ولم يُفعّل شيئًا من أدوات الضغط التي يمتلكها كمندوب رسمي لدولة، واكتفى بالتوجه حسب رادارات السعودية، التي تخوض صراعًا دون أفق مع إيران على الأراضي اليمنية.

كانت السياسة اليمنية الخارجية مجرد كومبارس، يتم الاستعانة به عند الحاجة، للقيام بأدوار تمثيلية تقتضيها مصالح دول إقليمية أخرى، ومقابل ذلك يجني صالح ونظامه مقابلًا ماديًا، وامتيازات يستفيد منها مع عائلته وزبانيته.
أما في عهد هادي، ومرحلة الحرب والانقلاب الحوثي، فقد سُلبت منّا سياستنا الخارجية، وباتت مجردة من الإرادة اليمنية، بدون أي مقابل، فالحرب وتباعاتها لم يُحرك الوزراء شيئًا حيالها، ولا حتى سفاراتنا وقنصلياتنا التي ما تزال بعضها تعمل ضمن دائرة المليشيا الحوثية، وتعزز موقفها الخارجي، وتحسن صورتها في كافة المحافل، أما الوزراء فيكتفون بوساطات التعيين، وملاحقة اعتمادات السفارات، والامتيازات الخارجية للمؤتمرات والفعاليات الدولية، آكلين، شاربين، مخزنين، والمعاناة مستمرة.

كان لزامًا أن يُقال اليماني، كسابقيه، لا أن يستقيل؛ معللًا ذلك بخلافات مع الرئيس هادي؛ حتى يخرج بشيء مما تبقى من ماء وجهه أمام العالم، كيف لا، وهو الصوت الذي عهدناه قبل رياض ياسين وعبدالملك المخلافي، ولم يستفد من إخفاقاتهما، بل زاد على ذلك بأن وصل مع الأمم المتحدة ومبعوثها جريفيث إلى طريق مسدود، والأخير عبث بكل شيء، أمام مرأى ومسمع اليماني، مسلمًا الحوثيين موانئ الحديدة على طبق من ذهب، وسط سبات عميق ومحاولات متواضعة، تطورت لاحقًا بفعل يقظة الوفد الحكومي من لجنة إعادة الانتشار، ليتطور الموقف إلى إعلان الحكومة عن ضرورة توضيح ما حدث في الحديدة، رغم تقاعس اليماني ووزارته، وهو برأيي جوهر الخلاف بين هادي واليماني.

القوة البدنية، والمظهر الزاهي، وتصدر عناوين وأغلفة المجلات والصحف، لا تقدم ولا تؤخر، بل تظهر كثيرًا من مكنون الرجل، الذي سجّل حضوره الأخير في محفل خارجي أثناء مشاورات السويد في ديسمبر 2018م، وبعدها، كان كل ما يقوم به مجرد محاولات استحيائية، في الوقت ذاته كان الحوثيون وفرقهم الملمِّعة يجوبون مقرات منظمات حقوق الإنسان الدولية، والمحافل العالمية، ومقرات الاتحاد الأوربي، البرلمانية والحقوقية، يسوقون مظلوميتهم المزيفة، ويعرّون ما يطلقون عليه بجرائم العدوان في حق المدنيين، وحصلوا على مواقف مؤيدة، وبيانات إدانة للتحالف، وخرجوا بحصالة لا يُستهان بها من خلال تقارير رقمية يتهمون بها التحالف، ويحاولون تحقيق انتصار حقوقي وإعلامي يعيد لهم اعتبارهم الداخلي.

في ذات الوقت كان اليماني يخوض رفقة فريقه جولات إرضائية لعواصم عربية، ولا يمنعه ذلك  من الحصول على مصروفات تشغيلية له ولطاقمه، متجاهلًا الأهمية الكبيرة التي يمثلها لليمنيين، وإضافة للسجل الباهت على مستوى مقارعة الانقلاب وتعرية المتمردين الحوثيين، فالرجل لم يُعر بالًا لاحتياجات الطلاب المبتعثين في الخارج، ولم يعالج شيئًا من قضايا المغتربين في السعودية وأمريكا الذين يواجهون قوانين تمسهم بشكل مباشر على مستوى الهجرة والتنقل وكذا الإقامة والعمل، ووقف موقف المتفرج رفقة الوزارة المعنية والحكومة والرئيس.

حان الوقت لإعادة رسم مسار السياسة الخارجية، برجل قوي، يتمتع بشخصية يمنية مستقلة، غير تابعة للحزب الفلاني، ولا لنفوذ الدولة العلانية.

 على من يتم اختياره، أن يكون وفيًا للقضية الداخلية، منافحًا عن قضايا اليمنيين في المهجر من طلاب ومغتربين، مؤمنًا بضرورة دحر الانقلاب داخليًا وخارجيًا، عاملًا في اعتباره أن العلاقة مع التحالف علاقة لها اعتباراتها العسكرية وحسب، وأنهم شركاء مصير، لا شركاء دولة، وألا تجيش إلا لما يخدم اليمن واليمنيين، لا لدولة أبي رغال ولا دولة الحجاج ولا دولة الأخ الأكبر!
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر