على وقع العاصفة!


محمد علي محروس

أربع سنوات من انطلاق عاصفة الحزم، التي بحسب ما أُعلن يومها، هدفت إلى تحييد سلاح الجو المُسيطر عليه من الحوثيين، وتدمير كافة الدفاعات الجوية.. كل ذلك في سبيل استعادة الشرعية الدستورية برئاسة هادي، إضافة إلى تخليص اليمنيين من انقلاب مليشيا الحوثي، الذي تجاوز كل الأعراف والتقاليد، ووأدَ أفق العملية السياسية القائمة في البلاد، وانتهج نهجًا معاكسًا للإرادة الشعبية اليمنية المؤيدة لمخرجات الحوار الوطني، وما تبنته من أسس ورؤى يمكن الاستناد عليها للتوجه نحو يمن اتحادي، يكفل للجميع مواطنة متساوية وعادلة على مستوى الحقوق والواجبات.

تضاربت الآراء والمواقف حول عاصفة الحزم، فبينما هي تذهب إلى الرفض والموافقة النخبوية، كانت الحالة الشعبية السائدة ترى في العاصفة خلاصًا من الوضع القسري، الذي أنتجه الانقلاب الحوثي في غضون أشهر، وفي إطار صناعة القرار، فالسعودية لم تأخذ الموافقة من أحد، ولم تستشر طرفًا يمنيًا للقيام بالعملية، فالقرار قرارها، وما نتج عن العاصفة يهمها أكثر منا، فنحن أمنياتنا لم تتجاوز حد عدم استخدام سلاح الجو من طائرات وصواريخ في إطار المعارك البينية الداخلية، فيما تفكر السعودية بأبعاد استراتيجية، وهو السبب الوحيد للتدخل الجوي من خلال العملية المباغتة المتمثلة في عاصفة الحزم والمُحكَمة التنفيذ نظرًا لمواقع الاستهداف وما ترتب على ذلك...

للسعودية مخاوفها المشروعة، ولكن يجب التعامل مع الموقف حسب صيغة توافقية مع أصحاب القرار اليمنيين، الذين لم يعرفوا بالعملية إلا عبر التلفاز، كبقية الشعب، ويؤكد ما أقوله حول العاصفة، كعملية استفادت منها السعودية، الإعلانُ عن عملية أخرى ذات اسم منمق "إعادة الأمل"، وهي عملية أُعلن عنها بعد شهر من الغارات الجوية المتواصلة، وهدفها الجوهري يتمثل في الوقوف إلى جانب الشعب اليمني وتلبية احتياجاته ودحر الانقلاب الحوثي والعمل على استعادة مؤسساته وإعادة تفعيلها بما يواكب احتياجات الناس.. ولكن شيئًا من ذلك لم يحدث، فالانقلاب ماض في مهمته لتقويض كل ما له علاقة بالحياة اليمنية، على كافة المستويات، والشرعية ممثلة بهادي ما تزال مغتربة في الرياض، فلا هي تريد العودة، ولا هم سمحوا لها بأن تعود إلى أرض الوطن، ولا المؤسسات التي استعيدت مارست مهامها على أكمل وجه، ولبّت حاجات الناس الأساسية، أو حتى قدمت لهم خدمات معيشية ملموسة.

حتى الأمل ضل طريقه إلى قلوب اليمنيين، فلا أُعيد، ولا مؤشر بعودته، فالعمليات العسكرية باتت عكسية، والمدنيون ومنتسبون عسكريون يدفعون الثمن تحت قائمة الغارات الخاطئة كما يقول التحالف، وعلى امتداد البلاد يتقلب الناس في صور من المعاناة لا تتوقف، الأوبئة، والمجاعة، والتشريد، والنزوح، والتدهور الاقتصادي، وانعدام أساسيات العيش، وانسداد آفاق الحلول السياسية الداخلية والأممية، وما خفي أعظم.

من المؤلم اليوم أن يساوي اليمنيون بين كفتي الحوثيين والتحالف، ويحكمون عليهما بذات الحكم، ويكيلون لهما ذات التهم، فالحوثيون والتحالف وجهان لحالة المعاناة اليمنية، وعاملان بذات القوة فيما وصل إليه الوضع اليمني من تردي وانهيار شمل كل نواحي الحياة، وزاد على ذلك أن شظى البلاد، وأرداها ضحية لفنتازيا المليشيا ومصالح دول التحالف الخفية، والتي باتت ظاهرةً ومكشوفة بالنظر إلى ما يجري في سقطرى والمهرة على حد سواء، وبأقل من ذلك في المحافظات الأخرى شرقًا وجنوبًا وغربا، وفوق ذلك استنساخ فصائل مليشاوية بمسميات مناطقية لا هدف من تشكيلها سوى زراعة الفرقة وقتل محاولة صناعة الدولة في مهدها، رغم الإعلان عن أن التدخل العسكري لم يكن إلا إنقاذًا لليمنيين وعملًا وجب من خلاله استعادة الدولة ودحر الانقلاب، ولم نلمس من ذلك شيئًا حتى اليوم!

أربع سنوات مضت، والعملية التي توقعنا أن تستمر شهرًا على الأكثر، ما زالت تراوح مكانها بمزيد من التعقيد للملف اليمني، ومحاولة أن يصبح ملفًا دوليًا، تتجاذبه القوى الكبرى، وإن كانت المؤشرات تشير إلى شيء من هذا القبيل، وهو ما يمثل إيذانًا بإطالة أمد الحرب، وصنع سيناريوهات أخرى تتجاوزنا نحن اليمنيين بل وتقفز على ما يدعيه المنقذون، وتلك إن تحققت فلا معنى لها سوى أننا وقعنا في فخ الخذلان، وفقدنا حقنا اليمني إلى الأبد، لأولئك الذين أمعنوا في تسويد صفحات التاريخ اليمني، ولمن لا يريدون لليمن أن ينعم بالاستقلالية والوحدة...
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر