لأنها سقطرى!


محمد علي محروس

لا تزال سقطرى رهينة المعاناة، تواجه كل الإجراءات الموازية من المندوب الإماراتي، الذي يتعامل معها كإمارة ثامنة على مستوى الابتزاز والنهب المستمر، فيما يعمل بكل قدراته مدعوماً بالتوجهات الإماراتية العليا على إفشال جهود السلطة المحلية التي تحاول تطبيع الحياة، والنأي بنفسها عن الممارسات الإماراتية الحاصلة برضى سعودي أمام مرأى ومسمع من السلطات اليمنية الشرعية.

في الثامن من أغسطس وصلت سفينة إماراتية محملة بمائتي سيارة، قُدّمت جميعها لمشايخ وأعيان ورؤساء الجمعيات السمكية وأعضاء الإتحاد السمكي وشخصيات أخرى تقوم بدور موازي للسلطة المحلية في المحافظة التي تعمل الإمارات وعملائها من أجل أمرتتها وتحويلها إلى جزيرة تابعة لها بثرواتها وإمكانياتها الطبيعية والجيوسياحية والبشرية.

في الرابع عشر من ذات الشهر توقفت الكهرباء عن المحافظة لمدة 4 ساعات متواصلة، وبعد التحري والتدقيق اتضح أن الأمر مدبر، رغم التلفيق الذي قُدّم للمحافظ بأن هناك عطل ويجري التعامل معه.. بسبب توقيف محافظ المحافظة لمدير الكهرباء قام أحد النافذين الإماراتيين باستدعاء مهندس فليبيني من الإمارات، والذي بدوره فك شفرة محطة الكهرباء وأطفئ المولدات لمدة 4 ساعات، وحين تم القبض عليه وهو في طريقه للمطار بغية المغادرة، اعترف بكل شيء، وهناك حديث لمحافظ المحافظة حول هذا الجانب.

بعدها بيومين، قاد من يُسمى بشيخ مشائخ سقطرى، سليمان دعبدهل، المعين من الإمارات في منصب مفروغ من مضمونه، قاد بصحبة قيادات أمنية وعسكرية مقالة تمرداً ضد السلطات المحلية، وانصاعوا للإملاءات الإماراتية عبر مندوبهم في سقطرى خلفان المزروعي، الذي يحاول يشتى الطرق إخضاع السلطة المحلية في المحافظة لإمرته، ويتجاوزها في كافة الأعمال التي يقوم بها، آخرها التصريح للأجانب بدخول المحافظة عبر الإمارات، متحدياً بذلك قرار المحافظ الذي يقضي بالسماح للخليجيين، ومن سواهم ضرورة التأشيرة اليمنية لا الإماراتية.

كل ذلك يحدث وسط تجاوزات تتحدى الإدارة اليمنية للجزيرة، وتقفز فوق القوانين والتشريعات اليمنية، وكأن المحافظة باتت فعلياً ضمن الملكية الخاصة للإمارات، ولا شأن لليمنيين بها.. فالمندوب الإماراتي قام بأعمال استثمارية، دون تراخيص، ولا ضرائب، وينشئ شركات وهمية غير حقيقية كشركة "دكسم" التي تقوم بتشغيل الكهرباء ومستشفى خليفة الذي لا يعترف بوزارة الصحة اليمنية، بحسب ناشطين سقطريين .

كما تستغل الإمارات الوضع الإنساني في المحافظة عبر قنواتها الإغاثية، وأبرزها الهلال الأحمر الإماراتي الذي يقوم بتنفيذ مشاريع وهمية، يقول سكان الجزيرة إنه يتم تداولها إعلامياً، فيما لا واقع يشهد بتنفيذها، وبعض ما نُفذ فإنه رديء، ولا عناية فيه للإنسان وأساسيات العيش كما حدث ويحدث في مدينة زايد السكنية التي أنشئت لمن تضررت مبانيهم من الأعاصير، وحتى اللحظة لم يسكنوها؛ كونها مهددة بالسقوط في ظل انعدام الأعمدة الخرسانية، وبناؤها الهش!
هذه مجمل الانتهاكات الإماراتية لسقطرى بعيد الأزمة الطاحنة بينها وبين الحكومة الشرعية التي وصلت إلى أروقة الأمم المتحدة وتم إدانة الإمارات، والتي بدورها اعتذرت، بعد تدخل سعودي في المشهد، ساهم صورياً في إعادة الأمور إلى مصافها، وسط استجابة إماراتية مؤقتة، سرعان ما عادت إلى الواجهة منذ أواخر يوليو.

الغريب في الأمر أيضا، أن 600 جندي سعودي في سقطرى، متواجدون ببزاتهم العسكرية، ولا حضور فعلي لهم، كأنه جيء بهم لتخدير الرأي العام الدولي، الذي أدان الإجراءات الإماراتية المستفزة، وطالبها بالعدول عن الحالة الاستعمارية المفروضة على أندر الجزر البحرية في العالم.

لأنها سقطرى، فإن الإماراتيين مستميتون عليها، ولأنها يمنية، فإن المحتلين الجدد لبحار اليمن والقرن الإفريقي، يستغلون موقعها الحيوي، وموقع اليمن عموماً، كبوابة عبور نحو الشرق الأوسط، والسيطرة على المنافذ البحرية الإقليمية والمجاورة، ولأن الوضع في اليمن لم يستقر على حال، فإن الانتهازية الإماراتية تدفع نحو استغلال الفرصة، والانقضاض على كل ما له صلة بالمستقبل اليمني في سقطرى وغيرها من المحافظات اليمنية الأخرى.
تواجه السلطة المحلية، بقيادة المحافظ الشاب، رمزي محروس، صعوبات جمة، فهي تعمل دون كلل، في إطار الشرعية اليمنية، في إطار مواقف محسوبة لمحافظها الذي لم يرضخ للإغراءات الإماراتية، والتهديد والوعيد، وآثر البقاء في صف الوطن، وبين أوساط المواطنين السقطريين، الذين يواجهون التعدي الإماراتي بتحدٍ نادر، رغم العقوبات الجماعية التي تمارسها الإمارات بواسطة مندوبها وأدواتها الرخيصة.

من المنطقي، والواجب جداً، أن تعود قضية سقطرى للواجهة من جديد، ويتم تصعيدها إلى الأروقة الدولية، بعيداً عن الإرتباطات المصلحية، والتدخلات السعودية غير المبررة؛ لغض الطرف عن ما تقوم به دولة استعمارية كالإمارات.. عليهم، جميعاً، أن يدركوا جيداً، أن سقطرى يمنية، وستديرها القدرات والطاقات اليمنية، وستحميها القوات اليمنية، وستبقى رغم أطماعهم وانتهاكاتهم يمنية.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر