خيانة منظمة


نور ناجي

 برغم رحى الحرب الثقيلة التي طحنت عظام اليمني، إلا أنها أكسبته الكثير من روح الفكاهة ومقدار لا بأس به من قراءة الواقع وفلسفته ..
 
"التوقع الصحيح لأفعال عدوك ينبئك بقرب زواله وانتصارك عليه". هكذا صار اليمني يتباهى بتوقعاته لسير المعارك وردود أفعال الميليشيا، التي بدأت تتطابق مع الأحداث على الأرض ..
 
لم تثر حادثة قتل أبن الناشط الحقوقي نبيل فاضل (رئيس المنظمة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر)، الصدمة والترويع الذي كان يمكن أن تثيره حادثة شبيهة بها قبل سنوات قليلة..!
 
فلم تعد جريمة إسالة الدماء مستغربة على هذه الميليشيا، وقد تعددت ضحاياها بين محايدة ومعارضة؛ بريئة كانت أم مخطئة؛ لا خطوط حمراء في معتقداتها إن اقتضت المصلحة ذلك ..
 
مقاتل الميليشيا يلبي رغبات قادته، منصاع لكل أوامر اغتيالاتهم وجرائمهم، وكله ثقة بأن ما يفعله "خيانة"!! خيانة مشروعة ومنظمة، يؤجر عليها، وترفع من حسناته كلما أوغل يديه في دمائها..!!
 
قد يتأخر البيان الموضح لأسباب جرائمهم لساعات أو أيام. فالميليشيا لا تكتفي بعملية اغتيال الجسد، بل تتوغل بكل بشاعة لاغتيال وخيانة سمعة ضحاياها، بمخزون اتهامات مفبركة لا تنضب. من قام بخيانة الحاضر والمستقبل لا يتورع عن سرد أكاذيب لم تعد تلقى من اهتمام المواطن ما يدعوه لإكمال قراءتها..  
 
ليست الخيانة فعل مستجد أو مفاجئ على هذه الميليشيا. فقد بدأت بممارستها مبكرًا في حروب ست وُجهت ضد الجيش اليمني وجنوده، الذين دربوا على أن العدو يأتي من خارج الحدود قبل أن يأتيهم الغدر من خلف ظهورهم، ويخسر الشعب آلاف الجنود لا ذنب لهم سوى جهلهم لأنواع الخيانة...!
 
خيانة نوعية بختم إلهي لا راد له، استخدمتها وهي تنصب أعمدة خيامها جوار خيام ساحة التغيير. وبسخرية مريرة رفعت هتافاتها حتى طاولت السماء، مطالبة بدولة مدنية تُبنى على أساس الحرية والعدالة الاجتماعية..!!
 
أسفرت عن وجهها القبيح بعد أن ثارت حميتها لأسطوانة الغاز التي ارتفع ثمنها بضعة مئات من الريالات، واجتاحت صنعاء بدماء حامية، "بحجة مبتكرة" ستبقى لعقود طويلة نكتة متداولة يسخر بها الشعب على نفسه وقد انطلت عليه خيانة ساذجة أكلت الاخضر واليابس!!..
 
تجاوزت المحرمات بخيانة اقتنصت النساء والأطفال والأبرياء بدم بارد من صعدة حتى مدينة عدن، وقد أطلقت على قتلاها الكثير من الأسماء والصفات: "دواعش، تكفيريين، منافقين، صهاينة.." ..!!
 
أهانت أخلاقيات الحرب والمحاربين بخيانة من تسميهم حلفاء. فلا حليف لها غير نفسها، وهي تعبث بنقل جثة الرئيس السابق على لحاف مهترئ بكل استهتار لحرمة الموت أمام مرأى العالم ومسمعه، ليصعق من شاهدها؛ سواء كان عدوا للرئيس السابق، أم معارض له، أم من أتباعه ومؤيديه!!..
 
لم يعد من شيء مفاجئ في ما تفعله تلك الميليشيا. الجميع مستعد لها ولأفعالها، وإن عانت حكومة الشرعية من مناقشة الوفود الأممية الباحثة عن حل لحرب اليمن، عليها ترشيح أي مرتهن بين حدود اليمن، تذوق طعم الخيانة على يد تلك الميليشيا!..
 
سنكون أكثر ثقة في تفويضه للحديث نيابة عنا. وأراهن بأنه سيمتلك من الحنكة والدهاء ما يجعله صاحب الكلمة الأولى على طاولة المفاوضات، كما أنه سيتخلص بسهولة من فخ أي خيانة متوقعة.
 
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر