جرائم القنص الحوثية.. شهية مفتوحة للقتل ورُعب يومي للسكان في مدينة تعز (تقرير خاص)

[ طفل أحد ضحايا القنص الحوثي في حي كلابة بتعز مايو 2022 ]

ترقد "فرح أنس" (14 عاما) في غرفة العناية المركزية في مستشفى الصفوة بمدينة تعز (جنوب غرب اليمن)، إثر تعرضها للإصابة برصاص قناصة مليشيات الحوثي الإرهابية المتمركزة في تلة الصبري شمالي المدينة.
 
ومنذ ثمان سنوات تحاصر ميلشيات الحوثي مدينة تعز، حيث نصبت فرق من القناصة على المرتفعات والتلال وأسطح المباني الواقعة على خطوط التماس ابتداء من منطقة الشقب بمديرية صبر الموادم شرقا وحتى مديرية مقبنة غربا.
 
ورصدت منظمات حقوقية مقتل وإصابة المئات من المدنيين معظمهم من الأطفال والنساء في عمليات قنص لمليشيات الحوثي في مناطق متفرقة منذ بدء حربها على المحافظة عام 2015، فضلا عن ضحايا الألغام والقصف العشوائي على الأحياء والقرى السكنية في المدينة وريفها.
 

عصيفرة.. رعب وهلع
 
تعد منطقة عصيفرة شمالي مدينة تعز من أكثر الأحياء السكنية تعرضا لعمليات القنص الحوثية، حيث يعيش السكان بشكل دائم في رعب وهلع، إذ أن القناصة التابعة للمليشيات الحوثية لا تفرق بين مدني وعسكري ولا بين رجل أو امرأة ولا بين مسن وطفل.
 
يقول أنس والد الطفلة فرح لـ"يمن شباب نت"، "إنهم كانوا عائدين على سيارتهم من مقبرة السعيد بعد زيارة لقبر والدته، وأثناء مرروهم في الطريق الوحيد المؤدي إلى منزلهم في منطقة عصيفرة اخترقت رصاصة قناص رأس ابنته فرح وأصابت نجل عمها".
 
وأشار إلى "أن ابنته فرح في حالة حرجة فهي لا تستطيع تحريك نصف جسدها وهي بحاجة للعلاج خارج البلاد لعدم توفر الإمكانيات بالمستشفيات في تعز حسب معاينة الأطباء".

"فرح وأنس وماجد وعبد القوي وعبد الرحمن وأروى وملاك"، جميعهم كانوا ضحايا لعمليات القنص الحوثية خلال أسبوع واحد فقط، أي منذ منتصف يناير/ كانون ثاني الجاري، حيث صعدت المليشيات من عملياتها ضد المدنيين في مدينة تعز، رغم حالة الهدنة المستمرة في جبهات القتال.
 
ونفذت مليشيات الحوثي المدعومة من إيران 136 عملية قنص ضد المدنيين في مديرية القاهرة فقط منذ عام 2015، أسفرت عن مقتل 36 مدنيا وإصابة 100أخرين، وفق تقرير مركز تعز الحقوقي.
 
وأفاد التقرير "أن عمليات القنص الحوثية التي استهدفت مدنيين في حي عصيفرة بلغت 53 عملية قنص أسفرت عن مقتل 16 مدنيا (11 ذكور و5 إناث) وإصابة 43 (29 ذكور و14 اناث) ارتكبها القناصة المتركزين في تلتي الصبري وحميد شمالي المدينة".

 



استهداف متعمد للمدنيين
 
يترصد القناصة الحوثيين للسكان في الأحياء الشمالية والشرقية في مدينة تعز بشكل ممنهج ومتعمد الأمر الذي تسبب بإعاقة حركة الأهالي ومحاصرتهم في بعض الأحيان في منازلهم ما جعلهم يأخذون حذرهم، لكن المليشيات لجأت إلى أساليب الخداع واستخدام تكتيكات عسكرية بهدف الايقاع بأكبر قدر من الضحايا.
 
وقال المواطن حمدي الشرعبي أحد سكان حي عصيفرة لـ"يمن شباب نت"، إن "قناص الحوثي يغيب لفترة ليست قصيرة ولا يُسمع طلقة رصاصة واحدة مما يجعلهم يستأمنوا ويعودون للتحرك بحرية ثم يعود بالقصف العنيف على رؤوس المدنيين فيبث الرعب ويحول الحي إلى عزاء".
 
وأضاف: "هذه الأيام بالذات لدى القناص نشوة كبيرة للقتل كل ما يراه أمامه حتى أنه يرمي بالرصاصات على اللا شيء لكي نبقى محاصرين ومرعوبين في المنازل فلا نستطيع صعود الأسطح أو إنارة المنازل في الليل".

وأكد رئيس منظمة سام للحقوق والحريات توفيق الحميدي، أن "هجمات قناصة مليشيات الحوثي هي جرائم ممنهجة تسبب في نشر الرعب والخوف بين المدنيين خاصة النساء والأطفال ويجب ردع هذا الإجرام".
 
وقال في حديث لـ"يمن شباب نت"، "أن عمليات القنص ضد المدنيين من جرائم الحرب التي تستوجب المسألة حيث تشكل انتهاك لحق الحياة والسلامة الجسدية للمدنيين بموجب اتفاقية جنيف وميثاق روما، حيث يبث الذعر بين السكان، مشيرا إلى أن اتفاقية جنيف تحظر أعمال العنف أو التهديد بأعمال العنف التي تستهدف بصورة رئيسية".

 



وأشار الحميدي "أن سبب القنص يرجع إلى "التعبئة الحوثية الدينية المذهبية ضد الخصوم باعتبارهم كفار مستباحي الدم والمال بالإضافة إلى الرغبة بالانتقام من الحضانة الشعبية للخصوم دون وضع اعتبار للطفل أو المرأة".
 
وقال: "أن هذا التشوه النفسي والفكري الذي يحمله القناص التابع لميليشيات الحوثي القابض على الزناد أصبح يمارس جرائم القتل بتلذذ ويشعر بنشوة الانتصار بعد كل عميلة قتل".
 

الهدف من استهداف المدنيين

تضع مليشيات الحوثي على المرتفعات، قناصين لديهم شهية مفتوحة للقتل تجعلهم يتلذذون بالقتل فهم يستهدفون أي شيء يمر أمامهم في المناطق المحررة، وذلك بهدف إثارة الرعب والخوف في أوساط الأهالي، وفق المحلل السياسي عبد الواسع الفاتكي.
 
وقال الفاتكي لـ"يمن شباب نت"، إن "القناص الحوثي ولكي يحقق رقمًا قياسيًا في عدد الضحايا لأبد له من الاختفاء لفترة يعتقد الناس فيها أنهم في مأمن منه ثم يعاود بالظهور لإثبات وجوده بالقتل المفتوح والممنهج وفقًا لتكتيكات حربية وعسكرية".
 
وأشار إلى أن ارتفاع جرائم القنص التي تستهدف المواطنين في مناطق تعز مؤخرا جاءت تزامنًا مع إعادة تمركز قناصات الحوثي في مناطق التماس بعد حصولهم على قناصات حديثة، بالإضافة إلى ارتفاع المكافآت من الميليشيات الحوثية للقناصين عند استهدافهم للأرواح.
 
وبشأن الأهداف من استهداف المدنيين من أطفال ونساء، يرى الفاتكي "أن مليشيات الحوثي تسعى إلى إيصال رسائل من خلال هذه الأعمال الإجرامية منها، أن كل شيء بنسبة لها هدف معادي وهذا يتطابق مع عقيدتها القتالية التي تستبيح كل شيء ويهدف لإيصال فكرة أنه لا يخضع لأي قيود ولا شيء يعيقها".
 
كما ترى ميليشيات الحوثي أنه كل المناطق القريبة من خطوط التماس هي مناطق عسكرية ولذلك فهي تكثف من عمليات القنص لأنها في حسابتها تعرقل حركة أفراد الجيش الوطني والمقاومة، في وقت تعمل على مغالطة المجتمع الدولي بأنها ملتزمة بالهدنة بينما هي تخترقها يوميًا عبر القنص المستمر وسقوط ضحايا جلهم من النساء والأطفال، وفق الفاتكي.


- فيديو :


مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر