الصراع في عدن ينذر بانهيار التحالف العربي (رصد خاص لأبرز العوامل)

[ سيطرت ما يسمى الانتقالي المدعوم إماراتياً على عدن ينذر بتفكك التحالف العربي ]

تسلسل لعوامل انهيار التحالف في اليمن:

- في السادس والعشرين من مارس 2015م قادت السعودية تحالفا عربيا لمواجهة الانقلاب الحوثي المدعوم إيرانيا، ظهرت الإمارات طرفا فاعلا أو قياديا في التحالف المكون من دول الخليج باستثناء عمان، بالإضافة إلى مصر والأردن ومصر والمغرب والسودان.

- سيطرت المقاومة الشعبية على عدن وأبين وشبوة والضالع ولحج ودحرت مليشيات الحوثي منها في يوليو واغسطس 2015م، وتوقفت القوات المدعومة عربيا عند الحدود السابقة لعهد التشطير في اليمن.

- انسحبت المغرب في نهاية عام2017، وأنهت السعودية دور قطر في التحالف بعد الأزمة بين الطرفين، واقتصرت مشاركة السودان على الدفع بقوات على الأرض دون المشاركة في صناعة القرار، فيما بقيت مشاركة بقية دول التحالف مثل مصر والأردن شكلية.

- أنشأت الإمارات قوات الحزام الأمني بقيادة السلفي هاني بن بريك، وأنشأت ألوية أخرى تابعة لعيدروس الزبيدي في عدن وأدارتها بعيدا عن سيطرة وزارتي الداخلية والدفاع وانتشرت في محافظات عدن لحج أبين الضالع. ودخلت في صدامات متكررة مع القوات الحكومية منذ ألفين وستة عشر.

- أنشأت الإمارات النخبة الشبوانية والحضرمية في منتصف ألفين وستة عشر ومولت العمالقة في الساحل الغربي وتحالفت مع طارق صالح وأنشأت تشكيلات عسكرية خاصة به مطلع 2018م، وكلها بعيدة عن السيطرة الحكومية.

- شكلت أبو ظبي مجلسا انتقاليا انفصاليا بقيادة عيدروس الزبيدي وهاني بن بريك في مايو2017 يطالب علنا بالانفصال ويهدد باستخدام القوة العسكرية التي دعمته بها الإمارات.

- خاضت التشكيلات العسكرية الإماراتية حربا ضد الحكومة اليمنية في عدن نهاية يناير 2018م، وتدخل التحالف بإنهاء الحرب قبيل السيطرة عليها من قبل الانتقالي المدعوم إماراتيا.

- دخلت الإمارات في نزاع مع الحكومة اليمنية في سقطرى في مايو 2018 بعد إرسالها قوات عسكرية سيطرت على المطار والميناء أثناء زيارة رئيس الحكومة آنذاك أحمد عبيد بن دغر الذي اعتبره تهديدا للسيادة اليمنية ومساسا بوحدة اليمن.

- مطلع أغسطس 2019 قتل القيادي في الحزام الأمني منير أبو اليمامة بصاروخ تبناه الحوثيون، ثم أشعل الانتقالي معارك ضد الحكومة في عدن بالسادس من شهر أغسطس وسيطر عليها بعد أربعة أيام من المعارك بعد اشتراك أكثر من أربعمائة مدرعة إماراتية لصالح الانتقالي وفقا لتصريح وزير الداخلية أحمد الميسري.

- منتصف أغسطس 2019 صعدت الحكومة اليمنية خطابها لأول مرة ضد الإمارات في مجلس الأمن، واتهمتها بتمويل وتسليح وتخطيط الانفصال عبر الانتقالي الجنوبي.

 

الحكومة تندد بالإمارات وتطالب السعودية بكبح جماح أبو ظبي ومخططاتها لتقسيم اليمن
 
في التاسع والعشرين من أغسطس قالت الحكومة اليمنية إن الإمارات قصفت بغارات جوية على مدى يومين قوات الجيش في عدن وأبين وخلفت ثلاثمائة قتيل وجريح، وأجبرت الغارات الإماراتية قوات الجيش على الانسحاب من عدن (العاصمة المؤقتة) وزنجبار مركز محافظة أبين وتمركزت في شقرة شرقي أبين.

ووصفت الحكومة اليمنية الغارات الإماراتية بعدوان على دولة مستقلة ذات سيادة، وطالبت الرئيس هادي بإنهاء دورها في التحالف، لتقويضها الدولة اليمنية، وتمويلها المستمر للحزام الأمني والمجلس الانتقالي ومليشياته بالسلاح والمال والتخطيط. ودعت مجلس الأمن لعقد جلسة طارئة لمناقشة الغارات الإماراتية على الجيش.

رئيس الجمهورية عبدربه هادي منصور رمى الكرة في ملعب السعودية وطالبها بالوقف الجاد لعبث الإمارات في جنوب البلاد وتهديد وحدتها، وأمر بالوقت نفسه قوات الجيش بالحفاظ على وحدة البلاد وإنهاء التمرد المسلح الذي يقوده الانتقالي المدعوم كليا من الإمارات.

وقال وزير الداخلية اليمني أحمد الميسري إن الصراع في عدن هو بين الحكومة اليمنية وبين الإمارات وأنه لا حوار مع الانتقالي باعتباره أداة إماراتية كما اشترطت الحكومة انسحاب الانتقالي من كافة المقار الحكومية والمعسكرات قبل بدء أي حوار.
 
رد الإمارات

ردت خارجية الإمارات في التاسع والعشرين من أغسطس الماضي على بيانات الحكومة اليمنية بمستوياتها المختلفة بأنها هاجمت مجاميع إرهابية في عدن وأبين بعدة غارات وتوعدت بالمزيد، وأكثر من ذلك؛ طالبت المجتمع الدولي بإنشاء تحالف دولي لمكافحة الإرهاب في اليمن، الأمر الذي اعتبره مراقبون كثر أن الإمارات تسعى في سبيل تحقيق أهدافها بفصل جنوب اليمن أو في أقل الأحوال السيطرة عليه فعليا وإدارته عبر وكلائها حتى لو ظل اسميا تابعا للجمهورية اليمنية.
 
التحالف العربي

عقب سيطرة الانتقالي على عدن في العاشر من أغسطس قال التحالف إنه يرفض السيطرة على عدن من قبل قوات الانتقالي، لكن الانتقالي أعلن في بيان له عزمه السيطرة على محافظات جنوب اليمن وإدارتها، وواصل زحفه باتجاه أبين وسيطر على معسكرات في زنجبار وزحف شرقا من الخط الساحلي باتجاه شبوة، لتنفجر الأوضاع العسكرية في عتق على مدى أربعة أيام بين العشرين والرابع والعشرين من أغسطس، انتهت بنصر حاسم للحكومة وانهيار شامل للنخبة الشبوانية التي أنشأتها ودربتها الإمارات، لتعود القوات الحكومية وتفرض سيطرتها على شبوة وابين وعدن خلال يومين مع انهيار شامل للانتقالي، قبل أن تتدخل الإمارات وتقصف قوات الجيش في عدن وأبين نهاية أغسطس وتتوقف المعارك مؤقتا، في عدن وأبين ولحج.

وخلال هذه الحرب طوال العشرين يوما لم يصدر التحالف أي تعليق على الأحداث في اليمن سوى تصديه للطائرات الحوثية المسيرة.
 
الموقف السعودي

منذ اندلاع عاصفة الحزم، كانت السعودية تعبر عن مواقفها بشأن اليمن عامة ببيانات يصدرها التحالف، بما في ذلك موقفها من الحرب التي اندلعت في يناير مطلع 2018، لكنها أعلنت عن موقفها منفردة باسم الخارجية السعودية وليس باسم التحالف في العاشر من أغسطس الماضي، بالدعوة إلى حوار في جدة بين الحكومة وبين الانتقالي، وفي الأيام اللاحقة التقت القيادة السعودية بالرئيس هادي ونائبه، كما التقت في مكة بقمة ثلاثية عاجلة بين هادي والملك سلمان وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد.

لم تسفر اللقاءات عن أي إجراءات على الأرض، وقالت رويترز إن الملك سلمان أبدى لأول مرة غضبه الشديد من سلوك الإماراتيين في عدن، حيث تحاول السعودية تركيز جهودها على محاربة الحوثيين فيما تنشغل أبوظبي بمشاريعها الخاصة.



في السادس والعشرين من أغسطس من الشهر ذاته صدر بيان مشترك باسم الخارجية السعودية والخارجية الإماراتية ولم يكن باسم التحالف، ودعتا إلى حوار جدة، لكن الحكومة اليمنية أبلغت مجلس الأمن بأن الإمارات وقفت وأدارت تمرد الانتقالي في العاصمة المؤقتة عدن.

وبعد القصف الإماراتي على الجيش في عدن وأبين والضغط الدبلوماسي اليمني على السعودية للتحرك تجاه الإمارات أصدرت السعودية بيانا في الخامس من سبتمبر الجاري تطالب فيه الانتقالي بالانسحاب من كافة مقرات الدولة في عدن، وتؤكد رفضها لأي واقع جديد بالقوة العسكرية ووقوفها مع وحدة البلاد وعدم قبولها بأي شرعية بديلة لشرعية هادي وحكومته.

موقف رحبت به الحكومة اليمنية، وأبدت استعدادها لحوار مع الإمارات، أو اللجوء إلى مجلس الأمن.
 
احتدام الصراع بين أبوظبي والرياض في اليمن، ومؤشرات تصدع أو انهيار إطار التحالف لم يعد يهم صناع القرار في العاصمتين الخليجيتين وصار الحليفان يحاولان الحفاظ على موقف مشترك بين حكومتي البلدين على حساب الحكومة اليمنية، وأصدر البلدان بيانا جديدا الأحد أي بعد ثلاثة أيام من بيان السعودية المنفرد، يحث على الحوار بين الحكومة اليمنية وبين الانتقالي، ولم يتطرق إلى سحب الانتقالي لقواته من عدن وأبين، وذهب البيان إلى تثبيت وقف إطلاق النار بالحدود التي توقفت عليها المعارك نهاية أغسطس الماضي.
 
عوامل أخرى ساهمت بتصدع وانهيار التحالف:دور الثنائي الإيراني الإماراتي في عدن
 
أنهى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الإعفاءات الممنوحة لبعض مشتري النفط الإيراني في مايو الماضي، وانخفضت المبيعات الإيرانية من النفط من 2.5 مليون برميل يوميا إلى أقل من خمسمائة ألف في مايو الماضي، وتشكل مبيعات النفط 33% من موازنة إيران وأكثر من الثلثين من الصادرات. وحتى المبيعات الإيرانية من النفط لن تعود إلا على شكل غذاء بسبب العقوبات الأمريكية.
 
وتسعى الولايات المتحدة عبر العقوبات إلى ضرب أسس الاقتصاد الإيراني، حتى تحقيق الأهداف الأمريكية بما يناسبها و إسرائيل وهندسة الوضع في المنطقة، وواشنطن غير مجبرة على خوض حرب ضد إيران، فإيران لا تهددها ولا مصالحها بشكل خطير بالمعطيات القائمة.

وتسعى أمريكا أيضا وفق ما يقوله خبراء أمريكيون، إلى دفع إيران للانسحاب من المعاهدة النووية، لإكمال حصارها وعزلها كليا من قبل القوى الكبرى، وهو ما تخشاه إيران ولم تقم بأي تنصل جوهري حتى الآن عن الاتفاق.
 
بالمقابل، تعاني إيران ضغوطا اقتصادية هائلة جراء العقوبات، ولا أفق لرفعها إلا تغيير الرئيس الأمريكي في الانتخابات الأمريكية إذا فاز مرشح ديمقراطي ينتهج نهج الرئيس الأمريكي السابق أوباما، ولا يمكنها الانتظار حتى الإفلاس.

ردت إيران سريعا، بمهاجمة أربع سفن إماراتية في ميناء الفجيرة، في الثاني عشر من مايو، وهاجمت من العراق أنابيب التصدير من شركة أرامكوا في الرياض، تبناها الحوثيون وكشفت أجهزة المخابرات الأمريكية أنها انطلقت من فصائل عراقية.

ثم عاودت الهجوم على سفينتي شحن دولية بعد عشرة أيام فقط من الهجوم الأول، وأسقطت طائرة أمريكية مسيرة كادت أن تسبب ضربة أمريكية محدودة عليها، وحاولت احتجاز سفينة بريطانية، أنقذتها فرقاطة بريطانية، لكنها احتجزت سفينة بريطانية  أخرى لاحقا، وعدة سفن أخرى من أحجام أصغر.
 
التصعيد الإيراني في الخليج ينطلق من قاعدة إيرانية تقول: إما تصدير النفط للجميع أو منعه من الجميع، وهي قاعدة انعكست بشكل كبير على دولة الإمارات العربية المتحدة، التي تأثرت بشدة من الصراع الإيراني الأمريكي، واقتراب المخاطر الإيرانية من اقتصادها القائم على الخدمات وتصدير النفط، خصوصا إمارة دبي التي بدأت تعاني من انخفاض النمو الاقتصادي فيها.

 

قادة إيرانيون هددوا علانية بضرب المصالح الأمريكية في الخليج بما فيها الإمارات، ووصفها عبداللهيان بالإمارة الزجاجية الهشة، وتدفع إيران بالتصعيد في المنطقة إلى الذروة لإيجاد حل لعزلتها وحصارها، وهي تعتمد بشكل رئيسي على فصائل موالية لها في اليمن والعراق ولبنان وسوريا وربما في البحرين وخلايا في السعودية.

وتحمل واشنطن إيران مسؤولية ضرب الناقلات الأربع قبالة ميناءالفجيرة لكن دبلوماسيين غربيين قالوا إن الإمارات رفضت بشدة اتهام إيران، خوفا من تأثير ذلك على اقتصادها.
 
بعد بضعة أسابيع من التصعيد في مضيق هرمز وخطف الناقلات أعلنت الإمارات العربية المتحدة سحب قواتها من اليمن، وأعلنت انتهاء الحرب العسكرية بالنسبة للإمارات، بالتنسيق مع السعودية، والانتقال من وضع العسكرية أولا أولوية السلام، بالنظر إلى الصراع في المنطقة وفق ما نقلته وكالة رويترز والاسوشيتدبرس، لكن نيويورك تايمز قالت إن السعودية مستاءة من الانسحاب الإماراتي وحاول الديوان الملكي السعودي إثناء قادة الإمارات عن الانسحاب دون جدوى.
 
وبما أن السعودية عوضت سوق النفط العالمي عن نفط إيران، والإمارات عملت مع السعودية بشكل وثيق بشكل أو بآخر في اليمن، فإن التخلي عن السعودية هو أحد عوامل توثيق العلاقة بين طهران وأبوظبي. عبر ضرب الغطاء السعودي للتدخل في اليمن بإنهاء الشرعية، وتكوين دولتين في الشمال حليفة لإيران وصديقة في عدن.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر