ما السيناريوهات المحتملة لوقف إطلاق النار بين المقاومة في غزة والاحتلال الإسرائيلي؟

[ قصف إسرائيلي على غزة (مجدي فتحي/ غيتي) ]

 
يزيد البون بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية في غزة في ما يتعلق بشروط وقف إطلاق النار من أهمية دور الوسطاء، تحديداً الجانب المصري، في محاولة جسر الهوة بشكل يفضي إلى التوصل لاتفاق بأسرع وقت ممكن.
 
ونقل الإعلام العبري عن مسؤول أمني إسرائيلي كبير قوله، اليوم الخميس، إن وفداً أمنياً مصرياً سيصل بشكل عاجل إلى تل أبيب لبحث فرص التوصل لاتفاق إطلاق النار، ما يدل على أن القاهرة تضع ثقلها لإنجاز هذه المهمة.
 
ويتمثل التحدي الذي يواجهه الوسطاء في كيفية التوفيق بين مطالب المقاومة، وتحديدا "الجهاد الإسلامي"، بالتزام إسرائيل بوقف الاغتيالات والإفراج عن جثمان الشهيد خضر عدوان، الذي توفي متأثراً بإضرابه عن الطعام في سجون الاحتلال، وعدم السماح بتنظيم "مسيرة الأعلام"، التي ستنظمها الجماعات اليهودية المتطرفة بالقدس في 18 من مايو/ أيار الحالي.
 
وتدل كل المؤشرات على أنه ليس بوسع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو تقديم التزام بقبول ما تطلبه المقاومة، لأن التزامه بذلك سيضفي صدقية على الاتهامات التي وجهها الكثير من المعلقين في تل أبيب لحكومته بأن العدوان الذي تشنه على القطاع فشل في تحقيق هدفه المعلن في ترميم قوة الردع الإسرائيلية.
 
ومما يقلص هامش المناورة أكثر أمام نتنياهو حقيقة أن شركاءه في الائتلاف الحاكم من اليمين الديني يظهرون موقفاً أكثر تشدداً إزاء ظروف وشروط وقف إطلاق النار، لا سيما حركتي "المنعة اليهودية" التي يقودها وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، "والصهيونية الدينية" التي يقودها وزير المالية بتسلئيل سموتريتش.
 
لكن نتنياهو، في المقابل، يعي أن استمرار المواجهة يفاقم مخاطرها الأمنية والسياسية، وقد يدفع حركة "حماس" إلى الانضمام لهذه المواجهة بشكل يزيد من أمدها، بخلاف خطط حكومته الأولية.
 
ولا خلاف في إسرائيل على أن انضمام "حماس" إلى المواجهة سينقلها إلى مرحلة خطيرة بسبب طابع الترسانة الصاروخية للحركة، سواء على صعيد الكم والنوعية، فضلاً عن أن هذا التحول سيطيل أمد المواجهة بشكل يفاقم الأعباء على الجبهة الداخلية الإسرائيلية.
 
وإن كانت إسرائيل قد اضطرت إلى إخلاء آلاف المستوطنين من منطقة "غلاف غزة"، وفرضت قيوداً على الحركة حتى 40 كم شمال القطاع، وتدرس زيادة هذا المدى إلى 80 كم، في ظل المواجهة الحالية مع المقاومة، وتحديدا "الجهاد"، فإن دخول "حماس" إلى المواجهة سيجبر إسرائيل على إخلاء عشرات الآلاف من المستوطنين ويفاقم القيود على الحركة بشكل يفضي إلى حدوث تدهور في الأوضاع الاقتصادية التي تراجعت كثيراً في أعقاب الإعلان عن خطة "الإصلاحات القضائية".
 
إلى جانب ذلك، فإن نتنياهو معني باحتواء هذه الجولة من التصعيد قبل حلول "يوم القدس" وما يرافقه من تنظيم لمسيرة الأعلام، على اعتبار أن إحياء هذه المناسبة تسبب في الماضي بزيادة مستوى التوتر بين إسرائيل والمقاومة، لدرجة وصلت إلى حد اندلاع مواجهة شاملة، كما حدث في مايو/أيار 2021.
 
وفي المقابل، وعلى الرغم من أن مواصلة المقاومة في غزة إطلاق الصواريخ على العمق الإسرائيلي رغم القصف وعمليات الاغتيال، دلت على أن إسرائيل لم تنجح في تحقيق هدفها المتمثل في استعادة الردع، إلا أن المقاومة، و"الجهاد" تحديدا، معنية بتقديم إنجاز أمام قواعدها وأمام الشارع الفلسطيني متمثلا بالحصول على التزامات إسرائيلية بشأن وقف الاغتيالات واستعادة جثمان خضر عدنان وإلغاء مسيرة الأعلام.
 
وإزاء حسابات إسرائيل والمقاومة الفلسطينية المتناقضة بشأن شروط وظروف وقف إطلاق النار، هناك العديد من السيناريوهات المحتملة لانهاء هذه الجولة التي لا يرغب الطرفان في تواصلها. ويتمثل السيناريو الأول في أن تعلن إسرائيل عن تحقيق أهدافها من العملية وتعلن بالتالي عن وقفها من جانب واحد دون التوصل لوقف إطلاق النار.
 
أما السيناريو الثاني فيتمثل في تقديم الجانب المصري لـ"الجهاد الإسلامي" تحديداً التزاماً فضفاضاً باسم إسرائيل بشأن بعض مطالبها، وتحديداً بشأن وقف الاغتيالات واستعادة جثمان الشهيد خضر عدنان دون أن تكون تل أبيب ملزمة بإعلان التزامها بذلك، بل ستعمد إلى نفي الأمر.
 
ويبدو أن السيناريو الثاني هو الأكثر ترجيحاً، حيث إن هذا ما حدث عندما توصلت إسرائيل وحركة "حماس" إلى صفقة تبادل الأسرى التي أفرجت إسرائيل في إطارها عن مئات الأسرى الفلسطينيين مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط عام 2011، حيث قدمت مصر في حينه لـ"حماس" التزاماً باسم إسرائيل يتعلق بعدم الإقدام على إعادة اعتقال الأسرى الذين أُطلق سراحهم في الصفقة من الذين يقطنون الضفة الغربية. لكن لم تمض ثلاث سنوات حتى أعادت إسرائيل اعتقال جميع الأسرى الذين أفرجت عنهم عشية الحرب التي شنتها على قطاع غزة في صيف 2014.
 

(العربي الجديد)

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر