التطبيع وتركيا وإيران.. ثلاث نقاط خلافية تنتظر الحسم بالقمة العربية في الجزائر

 
استؤنفت اليوم الجلسة التشاورية لوزراء الخارجية العرب في القمة العربية المنعقدة في الجزائر، لحسم النقاط الخلافية في اللوائح والقرارات، والتوصل إلى الصيغة النهائية لبنود "بيان الجزائر" الذي سيرفع إلى مؤتمر القادة العرب المقرر يوم الثلاثاء المقبل، بعد تجاوز بعض العقبات السياسية، وإزالة توترات هامشية حدثت على جانب اليوم الأول للاجتماع الوزاري.
 
وبدأت المشاورات التمهيدية في مؤتمر القمة العربية بشأن تشكيل الفريق العربي برئاسة الجزائر، الذي سيتولى متابعة تنفيذ "اتفاق الجزائر" بين الفصائل الفلسطينية الذي تم توقيعه في 13 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حيث ستُختار الدول (خمس على الأرجح) التي ستشارك في الفريق العربي لتنفيذ الاتفاق الفلسطيني.
 
وقال مصدر دبلوماسي عربي مشارك في القمة، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك بنداً أساسياً في مخرجات القمة، يتعلق بتشكيل الفريق العربي برئاسة جزائرية وفقاً للبند التاسع للاتفاق الموقع بين الفصائل الفلسطينية".
 
وبحسب المصدر، فإن من شأن تشكيل الفريق العربي وتضمين "بيان الجزائر" المنبثق عن القمة بنداً يتعلق بإسناده السياسي أن يوفر تزكية عربية واضحة للاتفاق الفلسطيني، على الرغم من تأخر بعض الدول العربية عن إعلان موقفها منه، على غرار مصر والسعودية، إضافة إلى إعطائه صيغة عربية لدعم تنفيذ بنوده سياسياً وميدانياً، وجعله إطاراً إلزامياً للفصائل الفلسطينية، وإضفاء مشروعية إقليمية ودولية عليه، خاصة بعدما صدرت تزكيات مهمة للاتفاق من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس وعواصم مؤثرة في المحفل الدولي، ومنظمات كالاتحاد الأفريقي وغيره.
 
ويدعم الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط الاتفاق الفلسطيني الأخير الموقع بين الفصائل الفلسطينية، حيث وصفه، أمس السبت، بأنه "خطوة على الطريق الصحيح"، معرباً عن أمله في التزام الفصائل الفلسطينية بتنفيذه، فيما حذر من أن يكون مصير الاتفاق مثل سابقيه، وقائلاً: "شهدت على مدار عقد الكثير من الاتفاقات التي توقع وتنسى".
 

نقاط خلافية حول البيان الختامي

ويقرأ سعي الجزائر لإدراج الاتفاق الفلسطيني في لوائح ومقررات القمة العربية كمحاولة لتعويض تجاوز متوقع لإدراج بند يتعلق بإدانة التطبيع مع الكيان الصهيوني، كونه إحدى النقاط الخلافية الراهنة بين الدول العربية، حيث ترفض عدة دول إدراج هذا البند تحت مبرر القرار السيادي والعلاقات الخاصة لكل دولة، على غرار الإمارات والمغرب.
 
لكن التطبيع ليس وحده النقطة الخلافية في المناقشات التمهيدية للقمة العربية في الجزائر حتى الآن، إذ تشكل إيران وتركيا محاور خلاف أساسية في صياغة اللوائح والبيان الختامي للقمة، حيث تدفع دول عربية، وعلى رأسها المغرب والسعودية والبحرين، نحو إدانة التدخلات الإيرانية في المنطقة العربية، استناداً إلى الإدانات التي أصدرتها المجموعة الرباعية العربية التابعة للجامعة العربية منذ مارس/ آذار 2019.
 
وأكدت مصادر موثوقة مشاركة في القمة، لـ"العربي الجديد"، وجود مساعٍ كبيرة تقوم بها مصر، بهدف إقناع الدول العربية بإدراج بند يتعلق بإدانة التدخلات التركية في المنطقة العربية، وخاصة في ليبيا التي تعتبرها القاهرة مجالاً حيوياً بالنسبة لها، وهو ما كان أشار إليه الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط في كلمته السبت خلال افتتاح الاجتماع الوزاري العربي، قائلاً: "هناك أطراف غير عربية نفذت إلى المنطقة للتخريب والاستفادة من الأزمات، وهو ما سمح بانكشاف المنطقة العربية".
 
لكن المسعى المصري للحصول على إدانة لتركيا لا يحظى بدعم كبير، وهو محل تحفظ لافت من قبل عدد كبير من الدول العربية، أبرزها الجزائر، إذ ترفض الأخيرة أن تكون القمة المنعقدة على أرضها منطلقاً لإدانة "غير مبررة"، بحسب وصف دبلوماسي جزائري، لدول الجوار العربي، وهو نفس الموقف الذي كان قد عبر عنه وزير الخارجية رمطان لعمامرة في كلمته أمام الوزراء العرب أمس السبت.
 
 ودعا لعمامرة إلى مزيد من التعاون مع الدول التي تنتمي إلى نفس "محيطنا الحضاري"، وجدد "دعوة الجزائر إلى تفعيل هذه المبادئ الأساسية المتعلقة بإعلاء مبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول مع احترام سياداتها واستقلالها ووحدتها الترابية، في إطار هيكلة علاقاتنا مع دول الجوار التي تقاسمنا الانتماء إلى الحضارة الإسلامية أو جغرافياً في القارة الأفريقية".
 
وقبل انعقاد الجلسة التشاورية الثانية اليوم الأحد، بذلت جهود كويتية أردنية لخفض الشد السياسي بين الجزائر والمغرب، على خلفية الإشكالات التي طرحت أمس من قبل الجانب المغربي بشأن بعض بروتوكولات الاستقبال، خاصة أن الجانب الجزائري طبق بروتوكولات الاستقبال نفسها على مجموع الوزراء العرب لدى وصولهم إلى الجزائر، حيث جرى استقبالهم من قبل نفس المسؤول المساعد لوزير الخارجية الجزائري، فيما عقدت سلسلة طويلة من اللقاءات الثنائية بين الوزراء العرب، لبحث مزيد من التفاهمات وتضييق مساحات الاختلاف في وجهات النظر، قبل التوافق على مقررات القمة.
 

لعمامرة يلمح إلى تجاوز الخلافات

إلى ذلك، أكد وزير الخارجية الجزائري، في وقت لاحق، أن اجتماع وزراء خارجية الدول العربية توصل إلى نتائج وصفها بـ"التوافقية"، حول المقررات التي سترفع إلى مؤتمر القمة الثلاثاء المقبل.
 
وقال لعمامرة عند بدء الجلسة الثانية لاجتماع مجلس الوزراء العرب اليوم في الجزائر إن "جلسة المشاورات سمحت للاجتماع الوزاري التحضيري بالوصول إلى نتائج توافقية".
 
واعتبر لعمامرة أن النتائج التوافقية للاجتماع الوزاري قد تسهل عمل القادة، الذين سيجتمعون الثلاثاء المقبل، معرباً عن شكره للجميع على الروح الإيجابية التي سادت خلال المشاورات.
 

(العربي الجديد)

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر