منظمتان تعيدان الأمل للنازحين بمأرب

"شكرا لمن كان سبباً في عودة بناتي إلى المدرسة وإنقاذهن من الضياع  والجهل".. بهذه الكلمات عبر النازح (هبة) عن فرحته التي لا توصف، وشعوره الذي لا يقدر بثمن، عندما رأى زهراته الثلاث "فاطمة، أسماء، خلود" وهن يعدن إلى المدرسة بالزي المدرسي، ويحملن الحقائب المدرسية شأنهن شأن كل الطالبات اللاتي يتطلعن لغد أجمل، بعد رحلة نزوح شاقة من الحديدة إلى مأرب.

تسببت الحرب القائمة في اليمن منذ سنوات بموجة نزوح مستمرة إلى مأرب، ولم يقتصر النزوح على القادمين إليها من المحافظات الأخرى، بل وشمل أيضا بعض أبناء مأرب، فهذه (فاطمة)، نزحت من موطنها الأصلي بمديرية صرواح نتيجة الأحداث الدائرة هناك إلى أطراف المديرية، وتحديدا إلى "الروضة – ذنة".

وفاطمة امرأة مسنة، وحيدة بلا مأوى، وتتحرك بصعوبة نتيجة إصابتها بجلطة، وتعاني من عدة أمراض مزمنة، ولا تجد تكاليف شراء العلاج اللازم، وحلمها الكبير أن تجد من يهتم بها ويساعدها، ويخفف من معاناتها وآلامها.

ووسط هذه المأساة الإنسانية، زار الفريق العامل في المركز الاجتماعي للنازحين في مأرب، التجمع الذي تسكن فيه فاطمة، فقام الفريق بدوره بدراسة وضعها وتتبع حالتها، وحصلت فاطمة على مساعدة نقدية، ونصب لها خيمة جديدة بجوار خيمتها المتهالكة، وأصبحت اليوم في وضع أفضل.

وهلم جرا من نازحين ضحايا لحرب مستمرة، ولأن الإسهام في تخفيف الأضرار الناجمة عن الحروب، يمثل أحد الأهداف الرئيسية لـ (CSSW) فقد جاء مشروع الحماية 2018، الذي دعمه مكتب تنسيق الشؤن الانسانية(OCHA)  ونفذته (CSSW) في أربع مديريات بمأرب، جاء كنافذة أمل لانتشال نازحين من أوضاع إنسانية بالغة الصعوبة.
 
رصد 63240 متضرر

سعت (CSSW) بالشراكة مع (OCHA) إلى زرع البسمة وإعادة الأمل للنازحين عبر مشروع الحماية 2018، الذي استهدف أربع مديريات في مأرب (مأرب المدينة – صرواح – مأرب الوادي – مدغل)، وذلك لوجود عدد كبير من النازحين المتضررين من الحرب في هذه المديريات، ويعيشون ظروفا قاسية، وبحاجة ماسة للتخفيف من معاناتهم.

حيث يقدر عدد الأشخاص الذين نزحوا إلى مأرب نحو 895.000 الف نازح بحسب احصائية منظمة الهجرة العالمية لعام 2018 م .وهدف المشروع إلى توفير المساعدة المنقذة للحياة "الحماية والمأوى" في شكل استجابة متكاملة للنازحين الأكثر ضعفا، وتوفير المساعدة والخدمات في مجال الحماية للأفراد الضعفاء والمتضررين من النزاع، وتقديم خدمات رصد الحماية والدعم النفسي والاجتماعي والقانوني والمساعدات النقدية وإحالة الحالات الحرجة.

وكذلك إنشاء ودعم شبكات الحماية المجتمعية وتنظيم جلسات توعية، وإدارة الحالة وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي للناجين من العنف القائم على النوع الاجتماعي، وإنشاء آماكن آمنة للنساء والفتيات، وإدارة الأطفال المتأثرين بالنزاع وصرف مساعدات نقدية لهم، وغيرها.

ولأن (CSSW) تنفذ برامجها ومشاريعها وفق خطط مدروسة ومنهجية فاعلة لتكون بذلك همزة الوصل بين المانحين والمستفيدين، فقد كانت الخطوة الأولى هي مرحلة المسح الميداني والتحليل عبر فرق ميدانية مؤهلة، والتركيز على حالات الضعف. 

وقد أظهرت النتائج أن عدد الأشخاص المتأثرين من النزاع، الذين تم رصدهم بسبب انتهاكات حقوق الإنسان وتحديات الحماية 41240 فرد، ومن خلال التقييم بلغت حالات الضعف للنازحين 21286 حالة، و11696 حالة لقضايا حماية الطفولة. 

وجرى تقييم 7476 أسرة عدد أفرادها 41029 فرد، وتنوعت احتياجات الأسر بين مساعدات غذائية، ونقدية، ومساعدات طبية، وأسر تعاني من سوء التغذية، وأسر بحاجة إلى مأوى، ومياه وإصحاح بيئي، وأسر بحاجة لحماية الطفولة، وأخرى.

مساعدات نقدية وأخرى

يهدف المشروع الى توفير المساعدات والخدمات في مجال الحماية والمأوى في شكل استجابة متكاملة للنازحين والمتضررين من النزاع لتغطية الفجوات الإنسانية. بعد ذلك جاءت المرحلة الأهم في هذا المشروع، وهي مرحلة تقديم الخدمات مباشرة، حيث بلغ إجمالي المساعدات النقدية الطارئة المصروفة خلال فترة المشروع في المديريات المستهدفة 25460270 ريالا، واستفاد منها 320 فرد.

وبخصوص إدارة حالات الأطفال المتأثرين بالنزاع، فقد بلغ إجمالي مبلغ المساعدة المصروف 17216250 ريالا، واستفاد منه 100 طفل، ويتم إدارة حالات الأطفال في مختلف قضايا الحماية، ومنها عمالة الأطفال، وحرمان من التعليم، وغيرها.

وقدمت استشارات نفسية وجلسات دعم نفسي قام بها أخصائيون نفسيون، واستفاد منها 17554 فرد، وتنوعت الحالات المرضية، ولوحظ أن الحالات التي قدم لها هذه الجلسات والمشورة النفسية، كانت تعاني من مختلف الأمراض النفسية، والتي تنتشر بشكل كبير بين النازحين.

وترجع أسباب وزيادة هذه الأمراض والمشاكل النفسية إلى الأوضاع المادية، والحروب، والأزمات الحالية، والظروف المعيشية التي يمر بها النازحين، والضغوط النفسية القاسية التي يتعرضون لها في مناطق النزوح.

وقام الأخصائيون الاجتماعيون بـ 1247 زيارة منزلية، وبلغ عدد حالات الدعم القانوني والاستشارات حول قضايا الحماية والاستشارات القانونية والانتهاكات التي تم تسجيلها في المديريات المستهدفة، بلغت 4473 حالة دعم قانوني.

وبلغت عدد جلسات التوعيات المجتمعية التي نفذت من قبل موظفي المشروع 204 جلسة توعية مجتمعية وتوعية بمخاطر الألغام، واستفاد منها 6662 فردا، بينما بلغت جلسات التوعية المجتمعية التي نفذها أعضاء شبكة حماية 73 جلسة، واستفاد منها 1543 فردا.

وتضمنت جلسات التوعيات المجتمعية مواضيع مختلفة تلامس احتياجات النازحين، ومنها حقوق الطفل، وحقوق المرأة، وحقوق الإنسان، والوقاية من الأمراض، والتعايش السلمي، وحماية الذات، وأهمية التعليم والعمل التطوعي، وغيرها.

وبخصوص بناء قدرات شبكات الحماية، فقد نفذت 80 دورة تدريبية واستفاد منها 1250 فرد، وهناك 15709 فرد استفادوا من الإحالات إلى شركاء العمل الإنساني العاملة في مأرب في مختلف المجالات.

وبلغ عدد الأسر التي حصلت على مساعدة حقيبة المأوى الطارئ 120 أسرة في مديرية صرواح، وعدد الأسر التي حصلت على مساعدة حقيبة المواد غير الغذائية الشتوية 3000 أسرة في مديريات صرواح ومأرب المدينة ومدغل، وعدد النساء والفتيات المتضررات اللواتي وصلن إلى مساحات آمنة 5491 مستفيدة.

وأظهرت مؤشرات المشروع أن إجمالي المخرجات للمستفيدين 136061 بينما كان هدف المشروع 97833 وبنسبة إنجاز بلغت 139%، وهذا يدل على أن جمعية الإصلاح الاجتماعي الخيرية شريك فاعل في تنفيذ المشاريع.

تحديات وتوصيات

استطاعت (CSSW) من خلال مشروع الحماية 2018 وبالشراكة مع منظمة (OCHA) أن تترك أثرا ملموسا لدى هؤلاء النازحين، وقد ظهر ذلك جليا من خلال عبارات الشكر والتقدير التي قدمها النازحون لجمعية الإصلاح ومنظمة (OCHA) على هذه المساعدات.

وكأي عمل، لم يخل المشروع من مواجهة التحديات والمعوقات، والتي منها : تباعد مناطق وتجمعات النازحين، والعمل في بيئة متنوعة من مختلف العادات والتقاليد والأعراف، والتدفق المستمر للنازحين وعدم وجود مخيمات نزوح جديدة تحويهم. وصعوبة دخول العاملين إلى مأرب، والعمل في بيئة تفتقر للخدمات الأساسية مثل "الكهرباء، المياه، الصرف الصحي" في مخيمات وتجمعات النزوح، وضعف بعض الخدمات الصحية في المحافظة، وعدم قدرة المؤسسات التعليمية على استيعاب الكم الهائل من الطلاب النازحين بسبب ضعف البنية التحتية.

ومن التحديات أيضا، أن التدفق المستمر للنازحين فاق من قدرة المحافظة على استيعاب وتوفير الخدمات الأساسية لهم بسبب الإمكانيات المحدودة، وعدم وجود طب نفسي في مأرب مما يعرقل تفعيل الإحالات النفسية التي تحتاج لتدخل علاجي.

وهناك عشوائية لدى بعض الجهات العاملة في ميدان العمل الإنساني أثر سلبا على تعاون وتقبل النازحين لفريق العمل، والخلفية السلبية لدى النازحين عن المسح الميداني وكثرة نزول الجهات العاملة لنفس الغرض.

وزيادة معاناة النازحين بسبب الأوضاع المعيشية السيئة التي يعيشونها نتيجة تقلبات أسعار الصرف وزيادة أسعار السلع الغذائية وعدم توفر القدرة الشرائية، والتدخلات الإنسانية في جانب الغذاء والمأوى قليلة مقارنة بأعداد النازحين المتزايدة.

وأوصى التقرير بضرورة، رفد محافظة مأرب بمشاريع تعالج الفجوات الكبيرة في مجال (الأمن الغذائي – سوء التغذية – إيواء – تعليم – مياه وإصحاح بيئي).

وشدد على ضرورة التدخل السريع بواسطة مشاريع توفر سبل العيش الكريم للنازحين بهدف تحقيق قدر من الاكتفاء الذاتي والتخفيف من معاناتهم اليومية والمعيشية ، وضرورة التنسيق المركزي بين شركاء العمل الإنساني لتحقيق عدالة التوزيع في الأماكن المستهدفة.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر