آخر الرجال في حجور


منذر فؤاد

ما أشبه الليلة بالبارحة. مأساة سقوط عمران بيد العصابات الحوثية، تتكرر وإن بصورة مصغرة في مناطق حجور، في المأساة الأولى استشهد اللواء البطل حميد القشيبي بعد أن خاض معركته الأخيرة مع الميليشيا وخذلان وتآمر سلطة الرئيس هادي عليه، وفي الثانية استشهد وأصيب قادة مقاومة حجور، بعد معركة مفصلية مع العصابة والخذلان والمؤامرة.
 
أشعر بالقهر.. بالحزن الشديد، بالخذلان الذي أذاقه الحاكم هادي لأبناء حجور وبقية جموع الشعب، أشعر بغصة غير مسبوقة وأنا أتصفح أخبار سقوط مناطق حجور بأيدي العصابة الحوثية، وهي التي لم تطأها قدم حوثية مذ أوجد الله حجور على هذه الأرض.
 
هل كان على حجور الأنفة والكرامة أن تقبل بهيمنة العصابة عليها كما فعل غيرها حتى تنعم بأمن معجون بالذل والهوان؟ كلا. آخر الرجال في حجور اختاروا قدرهم، بعد أن أضحت كل الخيارات إما عار وذل، أو خيانة وتآمر، وهو ما ترجمه الشهيد الزعكري وهو يخوض معركته الأخيرة مخاطبا حثالة عبد الملك: "ورب العزة لو بقي معنا متر وأنتم في الكرة الأرضية كلها لن نخضع ولن نستسلم مادامت الدماء في عروقنا".
 
لقد خاض أبطال حجور معركتهم الأخيرة، غير مبالين بالخذلان الرخيص الذي مارسته سلطة هادي، على أن هذا الخذلان قد مس شغاف كل مواطن حر، كان لديه على الأقل ذرة من أمل في أن تصحو سلطة تحكم باسم الشعب، لتكفر عن خطاياها السابقة بحق اليمنيين، لكنها أبت إلا أن تفقد مابقي من ثقة المواطن بها، بعد أن فقدت دورها كسلطة حقيقية وتحولت إلى مجرد تابع!
 
أما العصابة الحوثية، فقد أدركت باكرا، أن خسارتها في حجور يعني خسارتها مناطق جديدة، ومواجهتها لانتفاضات قبلية في مناطق سيطرتها ربما لن يكون بمقدورها إخمادها، وقد تسقط سلطتها من الداخل، ومن هذا المنطلق، حشدت العصابة كل قواها لاقتحام حجور بعد محاصرتها من الجهات الأربع، وساعدهم في ذلك، طريقة تعامل سلطة هادي والتحالف مع انتفاضة حجور، كتعاملهم مع حصار معسكر اللواء 310 مدرع في عمران، بل أجهزوا على ما بقي من أمل لأن تحدث انتفاضات مشابهة في مناطق سيطرة الحوثيين!
 
هل تعلم "السلطة الرخوة" ما يحدث في حجور؟ هل لديهم علم بما يفعله الحوثيون من جرائم قتل وإعدامات ميدانية وتفجير لبيوت ومنازل المواطنين واستباحة للأرض؟ أما أنها تحتفي بانتصارات الحوثيين من خلال الترويج من خلال وسائل إعلامها عن انتصارات وهمية بينما تستباح كشر من الوريد إلى الوريد؟ هل لديها علم بما حدث مع البطل الزعكري واعتقال أفراد أسرته والتنكيل بهم بعد تفجير منزله؟ أليس هناك رجل رشيد داخل منظومة السلطة يسدي لها النصح للتوقف عن احتقار تضحيات الشعب؟
 
آخر الرجال في حجور وبينهم البطل الزعكري، خاضوا معركة شرف وكرامة ضد آلة الموت والدمار الحوثية ومعهم قلوب ملايين اليمنيين، وأسقطوا ورقة الشرعية التي تسترت خلفها سلطة هادي دون ذرة حياء أو خجل أو حتى اعتبار لما تحمله كلمة الشرعية من قيادة ومسؤولية.
 
آخر الرجال في حجور خاضوا معركتهم أيضا، مع الخونة ممن باعوا حجور وسهلوا للعصابة الدخول، ولم يزدهم تكالب الجميع إلا إصرارا على المضي في معركتهم، إيمانا منهم بإحقاق الحق مهما تمادى الباطل في قوته وجبروته.
 
سلام يليق بآخر رجال حجور الذين قاتلوا فصدقوا، ومازالوا يسطرون أروع الملاحم فيما تبقى من مساحة. سلام مفعم بالشموخ لمن رفعوا رؤوسنا بإقدامهم، ونكسوا رؤوس مسؤولي السلطة والتحالف، وفضحوا كذبهم ودجلهم على رؤوس الأشهاد.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر