حضور الأشباح


محمود ياسين

انقلابات أمريكا اللاتينية ذات المزاج العسكري، القبعات العسكرية التي انقلبت على أنظمة الحكم وطردت الرؤساء من قصر الرئاسة أو أعدمتهم في باحة القصر وزجت برموز النظام الذي انقلبت عليه في السجن أو أعدمتهم وحلت بديلا عنهم.

السيطرة على رأس السلطة مبقية التاريخ والأيام والتفصيلات والرموز كما هي، أنها فقط تزيح حاكما ، انقلابنا يريد إزاحتنا كشعب عن جذره الوطني وعن تفاصيل حياته اليومية ونمط تفكيره ومزاجه ويقينياته وحتى غيبياته، وتحل بدلا عنها غيبياتها وحدها وقد اتخذت شكل يقين قسري على شعب لم يتم تجريده من رئيس منتخب أو من نظام ديمقراطي.

ولكن تجريده من العلاقة بين الإنسان وفكرة النظام وبين المواطن ووطنه ، وتجريده حتى من ان يكون عرضة للأكاذيب والخداع السلطوي وكأن هؤلاء يروننا أقل حتى من مراضاتنا بوعود السياسة.
صراعنا معهم ليس على الديمقراطية ولا على نتائج انتخابات أو على شكل الحكم ، لكنه صراع على حقنا في البقاء كبشر يمكنهم تحت قبضة نظام انقلابي من المتداول المعروف يمكنهم المطالبة بحق الانتخاب وحرية الانتماء الحزبي.

لكن مع هذا الانقلاب الذي اختار لنفسه شخصية مفارقة لليمني وأحل بديلا عن أيامه الوطنية ومناسباته الدينية منظومة مناسبات وخيارات وطقوس تبدو نسخة من طقوس أخويات القرون الوسطى ليحاول مع هذا كله جعل الانقلاب هو آخر الانقلابات في اليمن.

 وقد قام بتجريد العسكرية اليمنية من نزق وأوهام قبعاتها الكاكي المختالة لحساب انقلاب وحيد ونهائي، انقلاب لا يكتفي بما في الرئاسة وإنما بما في رأسك تغييبك مقابل حضور الأشباح.

*من صفحة الكاتب على فيسبوك "العنوان اجتهاد المحرر"

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر