صالح وهاويته المظلمة


مروان الغفوري

من الجيد تحفيز الحس الأخلاقي والجمهوري لدى المؤتمر الشعبي العام، لكن المسخ صالح يقع خارج تلك المدارات كلها، فهوى مخلوق يهوي داخل روحه السوداء، وما من مجال لاسترداده، لم يفلح المؤتمر حتى الآن في الخروج من معطف صالح الفرد، ولنأمل أن يفعل بدرجة ما.
 
فهذا الكيان قد يساهم في عودة الحياة فيما لو تخلى عن كونه مجرد أداة يستخدمها صالح في الانتقام من شعبه، وعند ظروف معينة سيكون من الجيد أن يبطش الحوثي بالمؤتمر الشعبي العام بضراوة، ويذيقه عذاباً مادياً ونفسياً مراً، الآلام ستفتح بصيرة المؤتمر الشعبي العام، الآلام وحسب.
 
 لكن ذلك اليوم الذي سيصب فيه الحوثي غضبه على صالح لم يأت بعد، فحشود المؤتمر لن تستمر لأكثر من عشر ساعات، وستعود الأمور لمالكها الحقيقي. لدي انطباع بأن المؤتمر يريد أن يعالج ذل نفسه وإحساسه العميق بالهوان من خلال عرض كرن?الي مؤقت، ولن يجرؤ على أكثر من ذلك، المؤتمر يصبو للقول نحن هنا، لكن صالح سرعان ما يجعل من نحن أنا.
 
المؤتمر بحاجة لمعالجة نفسية كثيفة حتى يستعيد إحساسه بنفسه، وإيمانه بقدرته. بعد ذلك، وتلك عملية شاقة، يمكن القول إنه قد يشكل خطراً على الميليشيا السلالية، في الأيام الأولى للحرب على الجمهورية استلم الحوثي حزب المؤتمر دفعة واحدة، ثم واصل استخدامه في الحرب الأهلية. يمكن لقول أن الجزء البغيض من الخراب الراهن صنعه المؤتمر الشعبي العام، فلم يكن الحوثي قادراً على رؤية ما هو أبعد من ذمار، لولا كتفا المؤتمر.
 
 ومع ذلك، وكما يجري في كل حرب أهلية، على المؤتمر أن يعترف أنه ارتكب جريمة تاريخية في حق شعبه، ولو مع نفسه، وأن يطرد الفكرة الكاذبة واللعينة التي تقول أنه تعاون اضطرارياً مع جماعة إرهابية دينية، فما الذي يضطر حزباً لخوض معركة لصالح مشروع ديني سلالي! أما عاصفة الحزم فحدثت بعد ما يزيد عن نصف عام من تنصيب الحوثي إماماً على اليمن.
 
اليوم الذي سيعود فيه المؤتمر حزباً جمهورياً لا يزال بعيداً، وأبعد منه أن يشكل خطراً على الحركة الحوثية. فالحركات الدينية المسلحة لا تمزح كثيراً، والحوثي قال عن نفسه بالأمس إنه رجل فعل لا وعظ. وهو يريد بلادا يحكمها، بينما يصبو صالح لرؤية خصومه مهزومين، بصرف النظر عن الشكل النهائي للهزيمة التي ألحقها بهم.
 
نال صالح ما يريد، ونال الحوثي ما يشتهيه، وانتهت اللعبة التاريخية الحرجة عند هذا الحد. استخدم كل منهما أقصى ما لديه من قوة ووحشية في سبيل غايته، ولأن الحكم مسألة مستدامة فقد جعل الحوثي مكسبه منيعاً، وسيج دولته بجيش واسع ومؤدلج، بينما عمل صالح ليل نهار على أن يبقي خصومه السياسيين في طور الهزيمة، ولأجل ذلك بقي يمنح الحوثيين ما يحتاجونه من القوة ليحققوا له غايته الملعونة تلك.
 
لن يستطيع صالح الخروج من هاويته المظلمة، وإذا خرج منها فسيفقد بصيرته. وما بقي المؤتمر وسيلة في يد ذلك المسخ الأعمى فإن النفخ في الدافع الأخلاقي والجمهوري لدى الحزب لن ينتج سوى حالة صوتية رخوة أقل شأناً من إصبع عبدالملك، ومع ذلك فلنتمن أن يصب المؤتمر الشعبي العام، في نهاية المطاف، في نهرنا الكبير والجاف، فربما يجري يوماً ما.
 

*من صفحة الكاتب على فيسبوك "العنوان اجتهاد المحرر"

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر