مجزرة التعليم العالي


فيصل علي

المجزرة التي ترتكبها وزارة التعليم العالي بحق 800 طالب وطالبة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، اتخذت سلطات الانقلاب قرارا بإيقاف الابتعاث رسميا، لكن هناك ابتعاث من تحت الطاولة لبعض عناصرهم، وهذا نذير شؤم يذكرنا بالإمامة واقتصار التعليم على طبقاتهم المعفنة وحدها، الحرب ضد التعليم ليست وليدة الانقلاب ولا الحرب، بل هي سياسة مورست بالقوة لإفشال أهداف ثورة 26 سبتمبر الخالدة، خاصة فيما يتعلق بالهدف الأول من أهدافها: "التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتها وإقامة حكم جمهوري عادل وإزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات". فبدون تعليم لا يمكن جعل هذا التحرر من الاستعمار والرجعية والتخلف ممكنا، ولا يمكن التحرر أيضا من عقدة الفوارق الطبقية التي تعد ابرز مخلفات الهاشمية السياسية الأمامية. كما ان هذه السياسة المضادة للتعليم تعيق تحقيق الهدف الثالث لثورة سبتمبر "رفع مستوى الشعب اقتصاديا واجتماعيا وسياسياً وثقافياً".

 

 

السياسات ضد التعليم التي مورست سرا من السبعينات عادت لتمارس علنا بعد انقلاب العكفة والهاشمية السياسة في 21 سبتمبر، ولذا أوقفوا الابتعاث، مع العلم أن الابتعاث تتحمل تكاليفه المساعدات القطرية، وكثير من دول العالم تقدم المنح المجانية لمساعدة الشعوب الفقيرة، حينما كان الدكتور صالح باصرة وزيرا للتعليم العالي قال كما أتذكر :" لو استطعت تطبيق 30% من القانون في الابتعاث فهذا يعد انجازا" كان الرجل يعني مراكز القوى والنفوذ السياسي والباطني والقبلي وكل القوى المعيقة للتعليم التي تسرق تلك المنح لأفرادها بعيدا عن احتياجات أبناء الشعب.

 

 

كانت التعقيدات التي توضع لعرقلة الابتعاث قد اتخذت شكلا حديثا للغاية من يراه يظنه تناغما بين مخرجات التعليم وسوق العمل، فقالوا الابتعاث للتخصصات التطبيقية فالبلد مكتفيا بالتخصصات الإنسانية، وهي مغالطة يكذبها الواقع ويكذبها عدم وجود دراسات حقيقة لسوق العمل، وعدم وجود مساقات أكاديمية محلية للتخصصات الإنسانية في الدراسات العليا،إلا من بعض التخصصات المحصورة بين جامعتي صنعاء وعدن واللتان تضيقان على الطلاب كل الآفاق بإجراءات معقدة للغاية.

 

 

التقيت مرة واثنتان وثلاث وعشر بمسئولين حكوميين في قطاع التعليم، وكنت أسأل هل هناك خطة عامة للتعليم العالي وفقا لها يتم ابتعاث الطلاب في للتخصصات التطبيقية فقط، فتأتي الإجابة بالنفي، فقط إجراءات يتحدث عنها موظفو التعليم العالي دون سند من علم، وهذا الحديث ليس جديدا بل من التسعينات، كان المبتعثون في التخصصات العلمية الذين يحصلون على المنح يذهبون لدراسة طرق تدريس فيزياء وكيمياء وأحياء ورياضيات، ويغيرون تخصصاتهم على هواهم وعندما فصلت وزارة التعليم العالي عن وزارة التربية في نهاية التسعينات، كان معظم موظفي الوزارة الجديدة قد انتقلوا من وزارة التربية وأديرت وزارة التعليم العالي بنفس عقلية وزارة التربية والتعليم، وأضيفت لهما وزارة التعليم المهني، وكل هذه الوزارات لم تخلق معرفة حقيقية باحتياجات سوق العمل ولم تصنع تغييرا يقود البلد نحو النور، والسبب هي تلك السياسات المتخذة لإفشال التعليم في مختلف مستوياته، وحصلت المهاترات على الابتعاث ومهاترات على كليات المجتمع، هل تتبع التعليم العالي فتصبح شهادة الخريجين بكالوريوس أن تتبع التعليم الفني وتصير شهادات الخريجين دبلوم؟ تلك السياسات البغيضة قضت على مستقبل الخريجين وقالت تتبع التعليم المهني ولا أمل للطلاب في البكالوريوس، لتبقى طبقات متعلمة وأخرى تعاني من الجهل وتدني التعليم.

 

 

وزارة التعليم العالي التي أصبحت بعد الانقلاب وكرا للهاشمية السياسية لن تتوانى عن إعاقة الطلاب في الخارج كما أعاقت الحرب التي تشنها الهاشمية السياسة مدعمة بالعكفة التعليم في الداخل، وبذلك تكون ثورتهم المزعومة في 21 سبتمبر قد حققت أهدافها غير المعلنة وأهمها الانتقام من ثورة 26 سبتمبر ومن التعليم ومن الطلاب الذين اسقطوا صالح في 2011.

 

 

تتعامل بعض وسائل الإعلام مع قضايا الطلاب في الخارج بنوع من اللامسؤولية ويردون ذلك إلى كثرة الأخبار التي ترد من العديد من الدول وهذا يسبب إزعاجا لتلك الوسائل، الإعلام الذي لا يتصف بالمسؤولية الاجتماعية نحو الوطن والأمة ليس إعلاما بل مجرد مواقع وقنوات إعلانية تبحث عن رزق، هل هناك أهم من قضية التعليم في وطن يطحنه التخلف من صعده إلى المهرة؟ على كل وسيلة إعلامية قناة أو موقع او صحيفة-الصحف مغلقة حتى استعادة الدولة- أن تعطي التعليم وقضايا الطلاب في الداخل والخارج مساحة مناسبة، فالتعليم هو المستقبل، الحرب ستنتهي والمختصمون سيذهبون إلى الجحيم، وسيبقى ما ينفع الناس وهو التعليم فأعطوه حقه جيدا لا تشغلكم الأحداث عن القضايا المصيرية يا زملائي الأعزاء.

 

 

طلاب يرسلون أخبار للصحف والقنوات والمواقع وطلاب آخرون يكذبون الأخبار أو يعترضون على الصياغة، وهذه تحدث بسبب وجود طلاب يؤيدون العكفة والهاشمية السياسة ولا يدركون أنها ضدهم حتى وهم في صفوفها، "فالمحارب المتبردق خير المهندس المتألق" وهذا هو شعار جماعة الموت لإسرائيل والنصر لقريش، وفي الحقيقة هم يقتلون الأهالي في الداخل ويجوعون الطلاب في الخارج، ونصيحة للزملاء الذين يؤيدون التخلف والرجعية الهاشمية سيطالكم العقاب من قبلهم عاجلا أو آجلا، ولا أظنكم ترضون أن تستمر منحكم من تحت الطاولة وتقطع عن زملائكم فأنتم أشرف من ذلك، والقضية واحدة، تحزبوا كما تريدون ونصاروا من تريدون، لكن قضية التعليم هذه قضية الجميع وهناك سياسات ترونها ولا ترونها هي من تريد إنهاء التعليم والقضاء عليه وذبحه لأنه لا يخدم مصالح البردقان ولا يتفق مع ما جاء في ملازم الشهيد القائد بيض الله سبلته، ولا تنفع عكفي الإمامة عفاش الذي اجبره الطلاب في 2011 على التنازل عن العرش.

 

 

*من صفحة الكاتب على فيسبوك

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر