‏الحرب القادمة في اليمن


عبدالسلام محمد

كل المؤشرات تقول أن حربًا قادمة في المنطقة بين وكلاء الولايات المتحدة وأوربا ووكلاء الصين وروسيا.

لكن قبل هذه الحرب ستكون هناك حروب استنزاف صغيرة، وقد اختبرتها واشنطن في أفغانستان والعراق وسوريا واليمن .

وبلا شك فإن اليمن منذ نوفمبر 2023 بعد قرار الحوثيين مهاجمة السفن التجارية في البحر الأحمر، أصبحت نقطة تحول  في الصراع بين الشرق والغرب، وكشفت الأحداث أن موقعها الجيوسياسي مهم جدا في حسم المعركة الكبرى القادمة.

إذن ما هي حسابات واشنطن وبكين في اليمن ؟

بالنسبة للصين ستواصل سياستها مع الحكومة الرسمية ومحاولة تحييد كل الأطراف عن مخطط استعدائها، ولذلك اتصالات دبلوماسيتها في اليمن تعدت الجانب الحكومي، وفتحت علاقات مع كل المكونات (المؤتمر، الإصلاح، الانتقالي، الحوثيين)، بل وصلت إلى مكونات صغيرة سياسية واجتماعية وأيدولوجية لا ترى بالعين المجردة في خارطة السياسة اليمنية.

لكن السؤال الذي يحتاج إجابة، كيف ستتعامل بكين مع هذه المكونات المتناقضة في حال كانت هناك خطة لحسم الحرب ؟

تعلم الصين أن حسم الحرب لطرف واحد معناه تحكم أمريكي بالملف اليمني، لذلك تحاول التنسيق مع السعودية في الملف اليمني، وتدعم خيار التفاهمات السياسية التي تحيد كل مكونات اليمن عن المعركة القادمة مع الولايات المتحدة.

لكن إذا انفجر الوضع عسكريًا مرة أخرى ستضطر لدعم الاستنزاف الذي يطيل المعركة، ويضر باستراتيجية واشنطن في عرقلة مشروع طريق الحرير، وهذا يصب لصالح روسيا وإيران في اليمن، لأن الحرب التي ستفشل في الحسم ترفع نقاط الحوثيين حلفاء إيران في اليمن.

وماذا عن رؤية واشنطن في اليمن؟

تنطلق الولايات المتحدة في رؤيتها لليمن من منطلقات مختلفة مثل :

1- إشراف اليمن على مضيق باب المندب وهو مهم لممر التجارة الدولية، وفي قلب استراتيجية خط الحرير الصيني.
2- دولة مجاورة لدول الخليج الغنية بالنفط، ومؤثرة في الأمن الاقليمي.
3- دولة محورية في استراتيجية مكافحة الإرهاب والسلام الدولي.
4-دولة ذات كثافة سكانية فيها الفئة الأكبر فئة الشباب، واستفادت الولايات المتحدة سابقا في تجنيد مقاتلين منها في حرب أفغانستان ضد الإتحاد السوفيتي.

ومن هذه المنطلقات ستكون اليمن الملف الأهم فوق طاولة الأمريكان في كل السيناريوهات القادمة (السلام ، الاستنزاف، الحرب).

لكن ما هو الخيار الذي ستدعمه واشنطن في اليمن؟

 بعد حرب غزة تسعى واشنطن لتغيير بسيط في استراتيجيتها، التي استخدمت ملف إيران كملف ابتزاز لحلفائها الخليجيين، فالتقارب السعودي الصيني أدى إلى اتفاق خليجي إيراني، كانت ثمرته واضحة في تحييد دول الخليج من هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، والتوتر العسكري بين إسرائيل وإيران، وهذا ما جعل البحر الأحمر بحيرة إيرانية، قد يهيء الوضع لسيطرة روسية صينية.

ستحاول واشنطن تقليم أظافر إيران في المنطقة لاستعادة الثقة مع دول الخليج، ما يعني ستدعم حروب متعددة ضد حلفاء إيران في المنطقة، مثل حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن والحشد الشعبي في العراق والميليشيات المسلحة في سوريا.

إذن ستشهد اليمن مرحلة حرب استنزاف خلال الأشهر القادمة، ويبقى الحسم ضد الحوثيين مرهون في قدرة السعودية تحييد الصين وروسيا، ما يعني إعطائهما ضمانات لمصالحهما في المنطقة، وهذ أمر معقد قليلا مع هدف واشنطن من الحرب.

في المقابل، فإن ما سيدفع دول الخليج بالذات السعودية لدعم خطوة الحرب المحدودة لتقليم أظافر إيران، هو انتقال إيران لمرحلة خطيرة تتمثل في دعم الفوضى في دول الخليج، واستمرار  تهديدات الحوثيين للسعودية باستهداف منشئات النفط.

لكن العقبة الكبرى التي ستواجه واشنطن والرياض هو كيفية جمع التشكيلات العسكرية المتناقضة في اليمن لمواجهة الحوثيين؟

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر