سأتحدث بصراحة تامة وعفوية قصوى عن ما شاهدته خلال السنوات الماضية في ما يتعلق بحزب الإصلاح .

دعوني ابدأ معكم عن حزب الإصلاح بعد عام ????م وخوضه لتلك المعارك السياسية في مجلس النواب والمجالس المحلية بالمحافظات ، الإصلاحيون في مجلس النواب كانوا هم رأس الحربة في معارضة الجرعات القاتلة، والسد الذي حال في كثيراً من المرات دون رفع أسعار المشتقات النفطية ، فأعضاء الإصلاح في مجلس النواب كانوا السابقين إلى تقديم تصورات وأفكار تنموية، وكانوا من خيار المسؤولين الذين أتقنوا إدارة وزاراتهم ، وكانوا من أوائل الرافضين للفساد والمطالبين بمحاكمة الفاسدين .

لقد ظل الإصلاح خلال تلك السنوات نموذجاً حياً زاخراً بالأعمال التي تخدم المواطن البسيط .

وكان مثابراً على دعم قضايا الأمة وفي مقدمتها قضية فلسطين ؛ فلقد أسهم الإصلاح وأنصاره في التوعية بالقضية الفلسطينية لدى المجتمع اليمني ، وأسسوا جمعيات خيرية كان أفراد تلك الجمعيات جلهم إصلاحيون ، فلم يصبهم ملل أو كلل بل ظلوا يجمعون التبرعات ويذهبون بأنفسهم لإصال المساعدات إلى الإخوة في فلسطين ، ومشاريعهم في غزة والقدس خير شاهد على ما أقول.

سعى الإصلاح كحزب سياسي قبل عام ????م لأجل مكافحة الفساد ومنع المحسوبية ورفض الاضطهاد في الجنوب ، بيد أنه كحزب إسلامي تعرض إلى مضايقات وتمت محاربته ، إلا أنه ظل محتفظاً بشعبيته الواسعة التي أخافت المخلوع وهزت كيانه .

عام ????م أشترك الإصلاح مع بقية أحزاب اللقاء المشترك ودعموا ترشح بن شملان للرئاسة ،فعملت كوادر الإصلاح وقواعده الشعبية وأنصاره على تعزيز الدعم لبن شملان ، وحملوا على عاتقهم المسؤولية الأكبر في دعمه ومساندته .

وخاض الإصلاح وأنصاره عام ????م معركة سياسية وإعلامية شرسة ضد المخلوع وما جلبه لليمن من فقر وفساد ، وتصدر الإصلاح المعارضة بقوة حتى نال ما نال في سبيل منع الفساد والقضاء على الفقر والجهل والظلم في البلاد .

في تلك الأعوام التي كان الإصلاح يخوض أشرس المعارك السياسية والإدارية ، كان العديد ممن يتهجم على الإصلاح اليوم ويظهرون أنفسهم كمناضلين كانوا يصفقون ويطبلون للمخلوع  صالح ، على الرغم من كل مصائبه وفي مقدمتها الفساد والفقر والتخلف وكل ما أنتجه المخلوع من سوء.!

وبعد عام ???? ظل الإصلاح معارضاً لكل سياسة المخلوع الجاهلة التي ساقت البلاد إلى الدمار والخراب ، وتمسك الإصلاح بموقفه الثابت من فساد المخلوع ، وصمد في الساحة حتى حينما تبخرت بعض أحزاب اللقاء المشترك وتركته وحيداً يواجه النظام الحاكم .

في المحافظات الجنوبية شارك الإصلاحيون بجل قادتهم وكوادرهم وعناصرهم وأتباعهم في الثورة الجنوبية السلمية التي انطلقت عام ????م بل كانوا من مؤسسي الحراك في الجنوب قبل أن يتدخل فيه المخلوع ويزج ببعض عناصر الأمن القومي في بعض مكونات الحراك.

 وعند قيام الثورة الشبابية التي نهضت من تحت ركام الخوف واليأس في اليمن ،كان شباب الإصلاح وقادته هم الوقود الذي أشعل الثورة وفجر بركانها ، وسالت دماء الكثير منهم ، ومع ذلك لم يتوقفوا أو يرضخوا إلا بعد أن غدر الجميع بالثورة داخلياً وخارجياً .

الإصلاحيون هم أول من وقف ضد الحوثي مع السلفيين في دماج ، وراحوا يدعمون السلفيين بكل أنواع الدعم في الوقت الذي ذهب فيه البعض للتحذير من دعم السلفيين ووصف ما يحدث في صعدة بأنه اقتتال سياسي داخلي ..!

وبعد أن سيطر الحوثي والمخلوع على صنعاء وقف الإصلاحيون بقوة رفضاً لمشروعهم وأعلنوا دعمهم للشرعية حتى قبل ولادتها ، وجندوا أنصارهم في مأرب لفتح جبهة ضد الحوثيين .

وأنخرط الإصلاحيون في صفوف الشرعية ، وقدموا شهداء وجرحى وأسرى من الصف الأول ، ولم يتركوا ساحات القتال على الرغم من حالة الضعف التي عاشها المقاتلون بعض الأحيان .

 وقدموا الإصلاحيون نماذج يُقتدى بها في العمل السياسي والميداني ، حتى ضربوا أمثلة رائعة في التضحية والمثابرة والعمل السياسي والإعلامي والعسكري المتقن ، والذي أسهم في التصدي للمد الحوثي .

لقد كان بإمكان الإصلاح أن يظل شريك صالح والحوثي في السلطة وتقاسم المناصب والأعتراف بشرعية الحوثيين ، ولكنهم رفضوا كل الإغراءات التي تم عرضها عليهم وأثبتوا للجميع بأنهم أصحاب مباديء راسخة ، وقيم إسلامية عالية.

وبعد كل هذا التاريخ الذي مضاه الإصلاح في الدفاع  عن اليمن وحقوقها المسلوبة ، وبعد تلك الحياة الحافلة بالعمل الدؤوب لمصلحة البلاد والعباد ، وبعد تلك التضحيات التي قدمها الإصلاح ، وتلك التنازلات لأجل الحفاظ على البلاد من الإنهيار ، ومنعها من الذهاب إلى الكهوف المظلمة ،تأتي حملات الغفلة وأحقاد الماضي ، لتبث سمومها ضد الإصلاح ورجالاته وأنصاره وكأنه هو من زرع القاعدة ،وأسس جماعة الحوثي ، وأفشل الثورة ضد عفاش ، ونهب ميزانية الجنوب ، وسعى لتوريث الحكم ، ونشر الفساد بكل أنواعه ..!

ربما الكثير من القرّاء سيعتقدون أنني إصلاحي وأنا أكتب هذا ، ولكن الحقيقة أنني لست إصلاحي ولا أحمل بطاقة إصلاحية ، بل أنا ممن كان يوجه إنتقادات حادة للإصلاح وقادته بسبب المعلومات المغلوطة التي كانت تبثها قناة عدن لايف وبعض وسائل إعلام الجنوب وعفاش ، والتي جعلت الإصلاح هو رأس الشر في اليمن ، وهو المسؤول عن كل ما حدث..!

أكتب هذا للتاريخ ، ولكل ذي عقل في اليمن ، ليعلم الجميع أن الإصلاح له أخطاء كغيره من التيارات الأخرى ، ولربما هو أقل تلك التيارات السياسية زلل.

شيطنة الإصلاح الذي قدم لليمن ما لم يُخفى على عاقل ليست في صالح اليمن الجديد الذي ننشده، يمن المحبة والسلام والإخاء والعدل والمودة ، يمن النظام والقانون .

الإنصاف هو ما نحتاجه ، يكفي أن نضحك على أنفسنا ، وأن نعمي عقولنا ، يبقى الإصلاح شريك أساسي للنجاح السياسي في اليمن ، ويبقى ركن مهم من أركان الشرعية في اليمن ، فلا تهدموا الشرعية بالحفر تحت أركانها .

اليوم الساحة اليمنية ليست قابلة للتصفيات الحزبية والسياسية والفكرية ، بل المطلوب توحيد الكلمة ورص الصفوف في مواجهة الانقلابيين ، وعلينا أن نظهر نوايا حسنة تجاه كل شركاء الشرعية من إصلاحيين وسلفيين وحراكيين وغيرهم ، ونصبر إلى حين عودة اليمن إلى أحضان الشرعية ، وحين تهيئة الأجواء نحو مناخ ممارسة العمل السياسي الرفيع ، عندئذ على الجميع أن ينافس الإصلاح بكل شرف في صناديق الإقتراع ، ونترك الحرية للناس لأختيار ما يناسبهم دون ترهيب مسبق.

 

مشاركة الصفحة:

اقراء أيضاً

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر