قلاعُ الرَّمل


احمد الرافعي

ياعبدالخالق عمران

تتحدث وسائل الإعلام بحزنٍ وأسى:  أن عمودك الفقري  يأنُّ بصوت مرتفع.     يأنَّ من الألم لكن حاشاه أن  يصيبه الوهن

أتدري ياصديقي: محظوظةٌ هي الأوطان التي يُولدُ لها  في اللحظات الحرجة  رجالٌ   (كأنت  ورفاقك ) يُنجدونها في وقت الحاجه  ويدافعون عنها يوم الكريهه

حسناً... انا اقول الشعر واغدق  عاطفتي على السطور  من مخبأي الآمن  وانت على البلاط البارد يسكب التتار عليك من العذاب  كلَّ ما يجعلُ البشر يختارون طريق النكوص والتراجع  .بينما أنت راسخ  تعتلي منصة الإلهام  وليس في قاموسك مفردات الضعف والزيغ والإستكانه .!

تَكبُرُ انت يابنَ (وصاب )في عيوننا يوماً إثر يوم وتتسلق الغصه كل ليلة الى حلوقنا حين نرى صورتك المبتسمه التي يُحلِّقُ في أرجائها ألف فجر.. غصةٌ تدفعها نحو حلوقنا :أن القدر اختارك لتعلم الاجيال  وبقينا نحن نتفنن في اختيار الجدران الساتره ونفتش عن مخبأ جديدٍ كل أسبوع..

وقفت ورفاقك بصلابه   في وجه الإعصار وطوفان السلاله       

آه   ياعبدالخالق      كم انت شاهق  !     

حين اتخيلك محاطاً بكل مايحشدهُ الخصم لك: .أعزلاً   ،أسيراً، ...موثق القيد. تتجرع  أذى السجان   :هل تظن أنّ الشفقه هي  ما تتحرك في قلبي .   كلا يارفيقي!

 بل يجلجل في قلبي  صوت العظمه الآسر  وتشرق في روحي  شمس الإنبهار..

أنا المسلوب ياعبدالخالق بك ورفقائك..

يسمع الجيل المقاوم عنك وعن دورات العذاب التي يُكرِّرُها عليك قلب السجان القاسي  .

وينصت اليمن إلى صوتِ  عمودك الذي يأنُّ من الألم فيشتد ظهره..

ظهر من ؟    ظهرُ اليمن ياعبدالخالق    رُبَّ فردٍ أسندَ وطن .

نسمع عن إشتياق زوجك وأبنائك لك   ونغمات حنينهم الحزين طوال عامين  فينكشف كل مااستتر من خداع القوم وتذوب كل مساحيق التجميل ليظهر الوجه القبيح المتوحش.

وتصلنا أخبار سعي والدتك الحثيث بين وصاب  وصنعاء  بغية اللقاء بك واحتضانك لكنها تعود في كل مرة خائبة المسعى.

رحمة الله ولطفه وفضله المبين لكم  (آل عمران )

من عمق الزنزانه  تفضحهم  ياعبدالخالق  عرايا  بلا أردية زيف

ستأسف يااخي  حين تعرف أن من يضعون المكياج وينسجون للجاني أثوابه هم بعض رفاق مهنة الصحافة والإعلام.

لا علينا ياصديقي  لسنا في الضفة الخطأ لنطلق عبارات الأسف والتأوهات التي يطلقها المغدور فاقدُ الحيله . ولسنا فقراء من اليقين:  يقيننا  بأن الوضاعة والدناءه والإنفصام يَسكنَّ في الناصية الأخرى  . تلك النواصي الكاذبةِ الخاطئه .   نواصٍ تستوطنها الضمائره المشتراه بأثمانٍ بخسه .أما ناصيتك  المتوضأه بالصدق والنبل فهي التي تؤم نواصينا في محراب الكفاح.

أنتم الذين ربحتم البيع ياأبا (مريم   ) 

ولن يَرَى نخَّاسُ الارض اننا نعطي اليمن ونأخذ في مقابلها كل الدنيا   .  تحفظ بلاشك هذه الكلمات للفضول .

بين العظمة والوضاعهً  يااخي : موقفٌ صادق يحتقر أكذوبة الحياد المريحه   وإن جاءك إثره ُالموت أو الزنزانه !

دعني أبوح لك ياصديقي :    كم اعتز بك .

من انت ؟

 لا تسأل عن هويتي  انا فرد من شباب المقاومه مفتونٌ  بهذا السحرالأخَّاذ:سحر البطولات والعطاءات اللا مشروطه، سحر التفاني والضمائر البيضاء  و الرجولة  المشدوده بالصبر ويقينيات الكفاح.

 عذرك ايها النبيل !      اعلم انك تود الحديث والبوح..

غيرَ أن الشموخ  لا يتحدث   والعظمةُ لا تثرثر..  هي   تفعل فقط   .تتفانى . ويكفيها مؤونة الكلام  ملايينُ الشفاه التي تلهج بذكرها والأقلامُ التي تكتب عنها  وملايين القلوب التي  تدعوا لها وتقتبس من نورها الذي يهدي سعيها الحائر  نحو الوطن .

ياحادينا نحو اليمن:  دعني انا من ابوح !

ليس بي شهوة الحديث والثرثره... لكنها سَكرةُ القلب. وإنتشاء الروح التي أسكرها حضوركم الطاغي  .حضورٌ يرضعُ من حُضنِ الغياب ونورٌ زيت مشكاته ظلمة السجن

صور جوهكم يارفاقي ترفع  أُسَرُكُم في شوارع صنعاء

لست تدري ياصديقي كم نُحسُّ أن وراء هذه الوجوه محدوده التقاسم آفاق لا نهائيه يتضاءل فيها جبروت السجان  شيئاً فشيئاً حتى  يختفي !

مَنحَك  السجان الف طريق لتأسر قلوبنا بالمحبه والإجلال  ومن حيث لايدري هيئ توحشُّهُ لأنينك دعاية تطوف في كل جهات الوطن فتملأ أفئدتنا بالعنفوان .

ماكل هذا البهاء  ياصديقي في قصة نضالك !

امنحونا يارفاق  شيئاً من العطايا التي وهبتكم  إياها السماء..

من قال ان العظماء يتحداهم ضيق الزنازين وقهقهة السوط !ومن قال إن  الامكنه  تحتويهم!

 انت ورفاقك من تمنحون  للمكان وللزمان معناه  و سجنكم هو محطة يحطُّ فيها التاريخ المرهق  رَحلَه   يركع في حضرتكم  فتمسحون عنه التعب وتأذنون له  بإبتسامة الملوك الواثقه  ليواصل  السير  نحو المستقبل اللائق بعزائم اليمنيين...

نعم . اليمنيون الذي اعادوا اكتشاف ذواتهم  التي كانت مطموره  لعقود تحت تربة الاستبداد.. وكنت انت ياصديقي ورفاقك  من كشف الغطاء عن  ارواحنا المخنوقه. وفتحتم لاشواقنا نوافذ للغناء.

سيكتب الله بعد العسر يُسرا  

وحتما ً ياصديقي  سيجمعنا ذات يوم  مقيل في ضواحي صنعاء

أو تحت ضل شجرة في وادٍ من وديان (وصاب السافل )نقرأ أشعار البردوني

 أو يجمعنا القدر الآتي في إحدى شواطئ عدن  نرقب  أبنائنا يلعبون برمل الشاطئ ونحن منغمسين في الحديث وهم  يشيدون قلاعا من الرَّمل وفي لحظة وهم التشييد وإكتمال البناء يأتي ابنك الأصغر(أحمد ) فيركلها بقدمه. فتتهاوى بلاعزاء.

قلاعُ  الظالمين يا صديقي قلاعٌ من الرمل بنائها المُشَّيد (وهم )..تجاور البحر  نعم . لكن أمواجه  تضحك بإستخفاف  من تباهيها الزائف الواهم  كل يوم  .

 قلاعُ الرمل يا عبدالخالق  يقضي على بنائها الزائف  ركلة طفل.

يابن   وصاب  السافل   لا تبتئس  

 إنك   أنت   الأعلى.

 

مشاركة الصفحة:

اقراء أيضاً

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر