حضرموت.. منع الأسمدة وارتفاع تكاليف الإنتاج يضاعفان معاناة المزارعين (تقرير خاص)

تشهد محافظة حضرموت وغيرها من المناطق الزراعية في اليمن تحديات متزايدة بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج الزراعي والذي ألقى بعبء مالي على المزارعين، وأضاف لهم مشاكل أثرت بشكل مباشر على كمية ونوعية المحاصيل.
 
"عبد الله أحمد" مزارع بمديرية الشحر يتحدث لموقع "يمن شباب نت" عن معاناته المستمرة في صعوبة توفير الأسمدة والمبيدات، وذلك لندرة الأسمدة على وجه الخصوص، حيث أصبحت تحتاج إلى طلب من قبل المزارعين.
 
ومن أجل الحصول على الأسمدة يحتاج المزارع لطلبها من محافظات أخرى، ولا تتوفر بالأسواق مثلما كانت في السابق قبل منع دخولها حضرموت، في الوقت ذاته لا يوجد أي اهتمام من الحكومة والسلطة المحلية لتسهيل احتياجات القطاع الزراعي.
 

ارتفاع تكاليف الإنتاج

وارتفعت تكاليف الإنتاج الزراعي بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة مدفوعة بزيادة أسعار الأسمدة والمبيدات والوقود اللازم لتشغيل المعدات الزراعية، يقول عبد الله "أسعار الأسمدة تضاعفت بشكل مبالغ فيه ولم نعد قادرين على شراء الكميات الكافية لتحسين جودة محاصيلنا".
 
وأصبح المزارعون يواجهون تحديات اقتصادية متزايدة بسبب الارتفاع اليومي في تكاليف الإنتاج الزراعي، هذه الزيادة لم تؤثر على الإنتاجية الزراعي فقط، بل امتدت لتشمل جميع جوانب حياتهم اليومية، مما زاد من معاناتهم وأثر على معيشة أسرهم بشكل كبير.
 
وقال مدير عام البحوث الزراعية بسيئون، المهندس عوض سالم علوان، إن "أسباب ارتفاع تكلفة الإنتاج تكمن في تدهور العملة المحلية، ومنع دخول الأسمدة للمحافظة من قبل قوات التحالف العربي كونها محضورة على حضرموت".
 
وأضاف في حديث لـ"يمن شباب نت"، أنه مسموح بدخولها للمحافظات اليمنية الأخرى، على الرغم من أن حضرموت تمتاز أراضيها بالزراعية وليست صناعية حتى يتم التخوف منها في الاستخدام الغير قانوني.
 
وأوضح علوان "إن المحاصيل الزراعية باختلاف أنواعها تحتاج إلى هذه المدخلات الزراعية مثل البذور والأسمدة والمبيدات بأنواعها الحشرية والمرضية وأيضا المبيدات للحشائش وذلك لما ينبني عليها من آثار إيجابية في تحسين وزيادة إنتاجية المحاصيل المزروعة".
 
وعندما لا يستطيع المزارع شراء هذه المدخلات التي يحتاج إليها في تطوير وزيادة المساحة الزراعية يكون أمام خيارين إما بتقليص المساحة المزروعة أو يزرع ويترك المحاصيل دون أي اهتمام ورعاية من الآفات والأمراض.
 
الأمر الذي يترتب عليه ضعف الإنتاج ويصبح أقل جودة، ما يؤدي إلى نقص كمية الإنتاج في الأسواق المحلية نتيجة عدم قدرة المزارع على شراء هذه المدخلات، إضافة إلى عدم تقديم الدولة الدعم اللازم للمزارعين بشكل عام.

غياب الدور الحكومي
 
ويتم استيراد الأسمدة الموجودة في الأسواق المحلية، وغالبيتها تأتي من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان، وكانت أسعارها في متناول المزارعين، بحسب المهندس علوان
 
وقال: "لكن حينما منعت من الدخول للمحافظة، ارتفعت الأسعار كونها تدخل بطرق غير قانونية (تهريب)، وبقيت على هذا الحال دون تدخل الدولة بتقديم أية حلول"، لافتاً إلى ضرورة "تبني الدولة استيراد الأسمدة حتى تستطيع الرقابة على استخدامها في المجال الزراعي".
 
وأضاف المهندس علوان "بأن الدولة ليس لها أي دور في تسهيل احتياجات المزارعين، ورفعت يدها عن دعم القطاع الزراعي عام 1990، عندما تقدمت للبنك الدولي بطلب قروض وترتب عليه بأن الدولة ترفع دعمها عن القطاع الزراعي".
 
ويعد القطاع الزراعي من أكثر القطاعات النشطة في الاقتصاد اليمني نظراً لما تلعبه من دور حيوي وفعال في الدولة ويساهم في تحقيق الناتج المحلي الإجمالي الذي وصلت نسبته إلى 22,7% بعام 1990، وفي حين انخفضت هذه النسبة إلى حوالي 14,5% في عام 2015.
 
ولمواجهة التحديات يطالب المزارعون، بتدخلات حكومية متمثلة في توفير الأسمدة والمبيدات بأسعار مدعومة، وكذلك تحسين البنية التحتية الزراعية، وفق عبد الله أحمد.
 
الأسمدة العضوية

في ظل التحديات التي يواجهها المزارعين، يبرز الابتكار كحلاً واعداً لتخفيف الاعتماد على الأسمدة المكلفة وتعزيز الإنتاجية الزراعية. ويحاول المزارعين التكيف مع الوضع بطرق مختلفة للتقليل من النفقات وتوجيه الموارد المتاحة بشكل أفضل.
 
وقال عبد الله محمد "يتم استخدام طرق بديلة لتحسين الإنتاجية باستخدام مخلفات الأغنام والصيد البحري كسماد طبيعي وعضوي، يساعدهم في إنعاش الأرض وإحياء الزرع فيها وتنتج بكميات كبيرة".
 
وساعدت الأسمدة العضوية المزارعين في المناطق الساحلية، في تحسين جودة المحاصيل الزراعية وزيادة خصوبة الآراضي. وقال المهندس علوان "تم نشر طرق إنتاج السماد العضوي الحيواني مع مخلفات المحاصيل الزراعية ويعتبر هذا سماد عضوي طبيعي وتم نشره على نطاق واسع من المزارعين".
 
وأضاف علوان: "بأن البحوث الزراعية مهامها إنتاج فيض من التقنيات الحديثة التي من شأنها النهوض بالإنتاج، فقد عملت على ابتكار تقنيات تتعلق باستكشاف أصناف عالية الإنتاجية والنوعية مثل أصناف القمح، ويوجد لدينا نحو 9 أصناف في مركز سيئون".
 
وأوضح "ما يميزها أنها ذو جودة عالية، ومقاوم للأمراض والاصداء وكافة الآفات ويعتبر بديل عن الصنف المحلي الذي يصاب بالرقاد، وحُسنت أصناف البصل بافطيم والذي يمتاز بتحمله لدرجات الحرارة العالية ويزرع في فصل الصيف".
 
كما عملت البحوث الزراعية منذ سنوات على إنتاج طرق لتحسين خواص التربة وزيادة خصوبتها من خلال عمل الدورات الزراعية للمحاصيل الزراعية وإدخال المحاصيل المخصبة لتحسين قوام التربة وتساعد على زيادة الإنتاج.
 
رغم المحاولات الذاتية لمساعدة المزارعين، إلا ان معاناة وتحديات القطاع الزراعي في حضرموت مازالت كبيرة، وهناك تأثيرات سلبية كبيرة نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج الزراعي والتي أثرت على معيشتهم، وهم بحاجة لتدخلات عاجلة لدعمهم.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر