موسم رمضان في صنعاء.. بضائع مصفوفة وباعة محبطون وزبائن لا يملكون المال (تقرير خاص)

[ تشهد الأسواق اليمنية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية ركودا غير مسبوق (أ.ف.ب) ]

 على امتداد بصرك وأنت تسير مشيا على الأقدام في شوارع وأسواق العاصمة اليمنية صنعاء الخاضعة لمليشيات الحوثي، تشاهد بضائع متراصة من ملابس وإكسسوارات وغيرها، يملأها التراب ويسود الاحباط على وجوه الباعة والعاملين في المراكز والمحال التجارية.
 
في شارع الأصبحي الذي كان يعد أحد أكثر شوارع صنعاء ازدحامًا تجد محلات خالية إلا من بائعيها، وباعة يتجولون بمقتنيات بسيطة وآخرون يفترشون الرصيف ينادون على المارة بأصناف بضائعهم وأسعارها الزهيدة.
 
كان يمثل شهر رمضان بالنسبة للتجار اليمنيين "موسما ذهبيا"، حيث تزداد حركة التجارة والتسوق وتدفق الأموال، ما يمكنهم من تحقيق أرباح كبيرة تعوضهم عن خسائرهم خلال الأشهر الأخر، لكن منذ انقلاب مليشيات الحوثي وتفجيرها للحرب تغيرت الأوضاع بعدما دخلت البلاد في أزمة إنسانية هي الأسوأ في العالم.
 
كساد يضرب الأسواق
 
 في هذا الموسم تشهد صنعاء وغيرها من المناطق الخاضعة لمليشيات الحوثي المدعومة من إيران ركودا وكسادا غير مسبوق يضرب الأسواق، في ظل حرب شعواء تشنها المليشيا على القطاع التجاري والنقدي.
 
وقال مختار يحيى وهو تاجر جملة في صنعاء لـ"يمن شباب نت"، إنهم يعانون من صعوبة استيراد البضائع، وتصريف الموجودة بسبب ضعف القدرة الشرائية للمواطنين"، مضيفا: "الآن نخشى ارتفاع الأسعار نتيجة ارتفاع تأمين السفن، وبسبب خطر وصول السفن التجارية في ظل استمرار هجمات الحوثيين على السفن".
 
فراغ لم تشهده أسواق صنعاء من قبل، خاصة في موسم يُعد هو الأبرز والأكثر إنفاقا، وفق سعدان مغلس وهو بائع متجول والذي قال لـ"يمن شباب نت": إن "كل سنة في هذا الوقت يأتي علي وقد جمعت رأس مال البضاعة لكن هذه السنة لا يوجد إقبال من الناس رغم أننا في أوقات نعرض البضاعة للبيع بدون ربح".
 
عبد الرحمن مالك - بائع ملابس – هو الأخر، قال لـ"يمن شباب نت" إن "هذا العام الناس لا ينظرون إلى البضاعة لمجرد النظر، وإذا جاء زبون للمحل يبحث عن أرخص بضاعة"، مضيفا:"منذ بداية رمضان لم يحصل عندي أي ازدحام على عكس الأعوام السابقة، كان ينتهي اليوم بعد بيع 10% من البضاعة".
 
وشكلت مليشيا الحوثي وحدها ثالوث الموت لليمنيين في مناطق سيطرتها، إذ امتنعت عن صرف رواتب الموظفين منذ نحو 7 سنوات، فضلا عن حربها الاقتصادية المستمرة، الأمر الذي أدى إلى ضعف القدرة الشرائية للمواطنين في صنعاء وتراجع الطلب على السلع والمنتجات.
 
التربوية هناء مصطفى (اسم مستعار) - 55 عامات وتعمل في قطاع التعليم منذ 30 عاما تقول لـ"يمن شباب نت"، أخر عمرنا بهذلوبنا، بدل ما نترقى أو حتى نرتاح ونتقاعد نرجع نشتغل في المدارس الخاصة من أجل نقدر نوفر قيمة وجبة واحدة، لم نعد نقدر على شراء البيض وهي من الكماليات".
 
لا يختلف الحال مع حسان محمد – 40 عاما – وهو أب لـ 4 أطفال يعمل في محل بيع مستلزمات التجميل النسائية، بعد أن توقف راتبه الحكومي، يقول في حديثه لـ"يمن شباب نت": للعام الثاني على التوالي لا يستطيع صاحب العمل توفير لنا أي مبلغ مالي أو حتى معونة غذائية، كما كان يعمل ذلك في سنوات سابقة"، مشيرا إلى أن راتبه لا يكفي أسرته لشراء احتياجات شهر رمضان.
 
أسباب الركود 

يؤكد الصحفي الاقتصادي وفيق صالح، أن هناك موجة ركود حادة تشهدها أسواق صنعاء، خلال شهر رمضان على عكس ما كان متوقع أن تستعيد الأسواق عافيتها نظراً لتزايد حركة البيع والشراء في مواسم رمضان السابقة لكن خلال شهر رمضان الجاري.
 
وأرجع صالح في حديث لـ"يمن شباب نت"، أن هذا الركود يعود إلى ماوصفه بـ"تأثيرات الفشل الاقتصادي" التي توسعت على الوضع المعيشي للمواطنين، وأصبح الغالبية منهم عاجزين عن التسوق وتوفير احتياجات شهر رمضان المبارك".
 
وأضاف، أن هناك عوامل ومسببات لهذا الكساد، أبرزها، "اختلال الدورة النقدية في مناطق سيطرة المليشيا الحوثية، نتيجة توقف صرف رواتب الموظفين للعام الثامن على التوالي، وانعدام فرص العمل، وتراجع أنشطة القطاع الخاص بسبب الجبايات والاتاوات المالية المتزايدة التي تفرضها مليشيا الحوثي على المواطنين والتجار".
 
ولا تعترف مليشيا الحوثي بهذا الكم الهائل من المشكلات الاقتصادية التي أحدثتها بسبب ممارساتها، بل تلقي اللوم على الحكومة اليمنية دون أدنى مسؤولية.وقال الصحفي صالح إن "معالجة هذا الكساد يبدأ من توقف المليشيا عن سياسة تدمير الاقتصاد بالتوقف عن فرض الجبايات ومضايقة القطاع الخاص، وصرف رواتب الموظفين وإعادة الحقوق لأصحابها والتوقف عن نهب الموارد العامة والخاصة".
 
ويرى أن الانقسام النقدي وازدواج القرارات المصرفية بين مركزي عدن وصنعاء فاقم من مشكلة القطاع المصرفي وأدى إلى بروز جملة من التعقيدات والصعوبات أمام التعاملات المالية والمصرفية في مختلف المحافظات، فضلاً عن تدهور قيمة الريال اليمني وارتفاع مستوى التضخم في الاقتصاد الوطني، الذي تضاعف منسوبه مع تدهور قيمة العملة الوطنية والانقسام النقدي الحاصل في البلاد.
 
ويختم صالح حديثه لـ"يمن شباب نت" بالقول: "حالياً الاقتصاد الوطني يتجه إلى مصير مجهول، وإلى مزيد من الانقسام والتشظي، خصوصاً في ظل تشتت الموارد المحلية وتكريس مليشيا الحوثي لسياسة الانفصال الاقتصادي عبر تقسيم العملة وإنشاء مراكز جمركية مزدوجة".
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر