هل تثير الضربات الأميركية باليمن شكوكا حوثية تجاه ضباط ومسؤولين من خارج الجماعة؟

نحو شهر كامل من بدء الغارات الجوية الأمريكية والبريطانية الهادفة لـ"تقويض القدرات العسكرية البحرية لجماعة حوثي المرتبطة بإيران"، وما زالت مستمر، وذلك ردا على هجمات الجماعة ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.
 
وشن الجيش الأمريكي بشكل منفرد، وأحيانا بشكل مشترك مع القوات البريطانية ضربات جوية وصاروخية من البارجات الحربية المتمركزة في محيط اليمن.وكانت أبرزها الجولة الأولى من الغارات التي استهدفت قرابة 30 هدفا وفق البيانات الأمريكية والبريطانية في 11 يناير الماضي.
 
نطاق الضربات الأميركية
 
كانت الجولة الأولى من الهجمات في 11 يناير، وفي 22 يناير الماضي، والثالث من فبراير الجاري بمشاركة بريطانية ضد أهداف حوثية في عدة محافظات يمنية، بينها صنعاء والحديدة وتعز وصعدة وحجة والبيضاء وذمار.
 
وشملت الجولة الأولى استهداف أنظمة الرادار وأنظمة الدفاع الجوي ومواقع التخزين والإطلاق للهجوم أحادي الاتجاه على الأنظمة الجوية بدون طيار وصواريخ كروز والصواريخ الباليستية، وفقا لبيان القيادة المركزية الأمريكية "سنتكوم". من جانبها قالت جماعة الحوثي حينها إن عدد الغارات وصلت في الجولة الأولى في الحادي عشر من يناير الماضي 73 غارة.
 
في الثاني والعشرين من يناير عاود الطيران الأمريكي والبريطاني ونفذ ضربات جوية على 8 أهداف في المناطق التي "يسيطر عليها الإرهابيون الحوثيون المدعومين من إيران في اليمن والتي تستخدم لمهاجمة السفن التجارية الدولية والسفن البحرية الأمريكية في المنطقة".
 
وشملت الأهداف أنظمة صواريخ وقاذفات وأنظمة دفاع جوي أجهزة رادار ومنشآت تخزين. وتهدف هذه الضربات إلى اضعاف قدرة الحوثيين على مواصلة هجماتهم المتهورة وغير القانونية على ممرات الشحن التجاري الدولي والسفن الأمريكية والبريطانية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن، وفقا لبيان "سنتكوم".
 
وفي الثالث من فبراير الجاري شنت الولايات المتحدة وبريطانيا بدعم من عدة دول، سلسلة غارات على مواقع حوثية شملت، 36 هدفا في 13 موقعا استهدفت مخازن تحت الأرض، مراكز القيادة والسيطرة، أنظمة الصواريخ، مواقع تواجد طائرات بدون طيار، وأجهزة رادار، ومروحيات، بحسب ما أعلن الجيش الأميركي.
 
استهداف أسلحة حوثية قبيل إطلاقها
 
تشير بيانات القيادة المركزية الأمريكية بدون مشاركة بريطانية، إلى أنها شنت 17 عملية عسكرية أخرى ضد طائرات حوثية مسيرة و صواريخ بحرية مضادة للسفن وصواريخ باليستية، وقوارب مسيرة، قبيل بدء الحوثي شن هجمات على سفن في البحر الأحمر وخليج عدن، أو كما يزعم الحوثي أنها على سفن صهيونية أو متوجهة إلى موانئ الاحتلال الإسرائيلي.
 
في غارة واحدة من هذه الغارات كان هناك هجوم أمريكي على محطة تحكم أرضية بالطيران المسير، بينما تشير الإحصاءات الأمريكية التي رصدها "يمن شباب نت" إلى أن الهجمات الأخرى أدت إلى استهداف 100 صاروخ حوثي، و16 طائرة مسيرة، و 11 قاربا مفخخا مسيرا عن بعد.
 
نطاق الهجمات الحوثية
 
أعلن الحوثي بداية أنه يستهدف السفن الإسرائيلية ثم أتبعها بالسفن المتوجهة إلى موانئ الاحتلال. وبلغ عدد السفن التي استهدفها الحوثيون منذ بداية هجماتهم في نوفمبر/تشرين الثاني حتى الآن 28 سفينة.وقالت شبكة بي بي سي البريطانية في تقرير لها، إن فريقها تحقق من ارتباط سبعٍ من تلك السفن بإسرائيل – سواء عبر شركات أو أفراد أو وُجهات.
 
ويضيف التقرير: "غيّر الحوثيون تكتيكاتهم كذلك؛ ففي نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول، كانت هجماتهم تتركز على الطرف الجنوبي للبحر الأحمر القريب من مضيق باب المندب حيث تضطر السفن إلى الإبحار قريباً من الساحل اليمني الواقع تحت سيطرة الحوثيين".
 
أمّا في الأسابيع الأخيرة، فقد توغّلت هجمات الحوثيين جنوباً في خليج عدن. وقد غيّر الحوثيون أيضاً الطرق التي يتبعونها في الهجوم؛ ففي البداية كانوا يستخدمون الصواريخ والمسيّرات التي تحمل المتفجرات، أما في هجماتهم الأخيرة فقد أصبحوا يعتمدون بشكل أساسي على إطلاق الصواريخ من اليمن.
 
هل تراجعت الهجمات الحوثية؟
 
بلغ عدد الهجمات الحوثية البحرية بين 19 نوفمبر 2023 وحتى 11 يناير أكثر من 30 هجوما وفق للبيانات الصادرة عن الطرفين الأمريكي والحوثي.
 
وتشير بيانات الطرفين إلى أن عدد الهجمات الحوثية منذ الحادي عشر من يناير حيث أول جولة من الغارات الأمريكية على القدرات البحرية الحوثية، إلى 10 فبراير الجاري 13 هجوم. من حيث الأرقام، يعني أن هناك انخفاضا محدودا في الهجمات الحوثية بمعدل هجوم كل يومين على الأقل، مقارنة بالأيام التي سبقتها.
 
مع ذلك يشير تقرير لموقع بي بي سي وقوع تسع هجمات على سفن في الأسابيع الثلاثة السابقة، مقارنة بست هجمات في الأسابيع الثلاثة التي سبقت ذلك، ومع كثافة الهجمات الأمريكية الاستباقية على الصواريخ والطيران والقوارب المسيرة الحوثية المعدة للإطلاق تراجعت عدد هجماتهم، في علاقة عكسية بينهما.
 
ما تأثير الضربات الأمريكية على قدرات الحوثي؟
 
لا يتوقع أغلب المحللين – بما فيهم الأميركيون- أن تكون العمليات العسكرية الأمريكية مؤثرة على قدرات الحوثي البحرية المرتبطة بإيران بشكل كبير.
 
وقال مصدر أمني مطلع في صنعاء لـ"يمن شباب نت" إن الهجمات الأمريكية لن تكون مؤثرة، لأن طيرانها التجسسي وأقمارها الصناعية ركزت على مدى سنوات في اليمن على مراقبة تحركات الجماعات التي تصنفها الولايات المتحدة بالإرهابية، والتي ترى واشنطن أنها تقع في مناطق سيطرة الحكومة، وليست في مناطق الحوثي.
 
وأضاف، "خلال السنوات الخمس الأخيرة شق الحوثي طرقا جديدة معظمها وسط الجبال والمناطق غير المأهولة بالسكان، مخصصة لتحركاتها.. هذه الطرق غير موجودة فعلياً في الخرائط والأماكن المعروفة ومغطاة بالجبال والأشجار، ومن الصعب التركيز عليها".
 
وأشار المصدر- الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته- أن الهجمات الأمريكية سيكون لها تأثير على الأسلحة غير القابلة للحركة، مثل محطات التحكم الأرضية.
 
التأثيرات على الحوثي داخليا
 
من المتوقع أن تثير الضربات الأمريكية خاصة التي تأتي قبل لحظات من إطلاق الحوثي صواريخ أو طائرات أو قوارب مسيرة شكوكا على العنصر البشري داخل الجماعة، ويطرح علامات استفهام.
 
ويرى خبراء إن الضربات ستعزز من شكوك الحوثيين تجاه ضابط ومسؤولين أمنيين من النظام القديم وتحديدا في القوات الجوية والبحرية والطيران والاتصالات والاستخبارات والأمن القومي وعلى مستوى وزارة الدفاع نفسها، خصوصا اولئك الذين كان لهم ارتباط أو علاقة تواصل بالجانب الأميركي ولازالون يعملون لدى جماعة الحوثي حاليا..
 
وقال العضو السابق في لجنة خبراء العقوبات الخاصة باليمن، فرناندو كارفيخال في تصريح لـ"يمن شباب نت" إنه يتوقع أن تكون هناك نوع من الشكوك يبديها الحوثي تجاه الضباط السابقين من خارج الجماعة، مضيفا:" من المحتمل أن تزداد تلك الشكوك خاصة قبل أن يبدأوا المحادثات مع السعودية مرة أخرى".
 
لكن الخبير العسكري اليمني على الذهب قال لـ"يمن شباب نت إنه لا يتوقع أن تكون تلك الشكوك كبيرة حول شخصيات عسكرية من نظام صالح مثل اللواء جلال الرويشان رئيس جهاز الأمن السياسي قبل سقوط صنعاء، والذي يشغل حاليا منصب نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن في حكومة الحوثي غير المعترف بها، وهو أيضا عضو وفدها المفاوض الذي زار الرياض في سبتمبر الماضي.
 
وأشار الذهب إلى أن مصادر المعلومات الأمريكية بالدرجة تعتمد على الأقمار الصناعية ومعلومات عبر مدربين لوحدات مكافحة الارهاب. ويضيف "وهناك دور بريطاني يدعم بالمعلومات".
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر