اليمن.. وقف تصدير البصل يثير غضب المزارعين: قرار عشوائي بدون ضمانات لحماية حقوقنا

أصدرت وزارة الزراعة والثروة السمكية اليمنية، الأسبوع الماضي، قرارا بوقف تصدير محصول البصل إلى خارج البلاد حتى يتم تنظيم تسويقه محليا وخارجيا، في خطوة أثارت غضب مئات المزارعين.
 
ووجه وزير الزراعة سالم السقطري، في قراره ـالذي تزامن مع ارتفاع أسعار البصل في الأسواق المحليةـ المُصدرين للبصل بسرعة التصرف وتوزيع الكميات والشحنات الموجودة للتصدير في المنافذ البرية والبحرية خلال مدة أقصاها أسبوع واحد من تأريخ صدور قرار إيقاف التصدير.
 
كما وجه السقطري الجهات المختصة بإيجاد طريقة مناسبة لتنظيم تسويق المحصول محليا لضمان توفيره في الأسواق المحلية، مشددا على تحديد الكميات الممكنة للتصدير حفاظا على المنتج بما يحقق توازنا بين الكميات المطلوبة للسوق المحلية والكميات الفائضة للتصدير منعا لتكدس المحصول في حالة الوفرة المتوقع حصولها في شهر مارس المقبل.


 
المزارعون غاضبون: الحكومة غائبة
 
وأثار هذا القرار إستياءً واسعًا في أوساط مزارعي البصل في مديريتي الخوخة (جنوب الحديدة)،و المخا (غرب تعز)، ودفع بعضهم إلى وقف معدات الزراعة واغلاق مضخات المياه وأدوات الري احتجاجًا على القرار، كما تظاهر المئات من المزارعين، أمس السبت، في مديرية الخوخة جنوب محافظة الحديدة (غربي اليمن)، احتجاجاً على القرار.
 
ورفع المحتجون شعارات، تندد بالقرار، من بينها "بين غلاء المعيشة وقرار إيقاف تصدير البصل وحده المزارع الضحية"، بالإضافة إلى عبارات: "يا سقطرى يا وزير القرار تأثيره كبير"، "ورانا عيال وبيوت مش حرام الناس تموت".
 
وطالب المحتجون في وقفتهم بإلغاء القرار، واعتبروه مجحفا وجائرا بحقهم لما له من آثار سلبية وكلفة مالية يتحملها المزارع، على حد قولهم.

 

من جهته وصف مدير مكتب الزراعة في مديرية الخوخة بمحافظة الحديدة نصر خان، القرار بـ"الخطأ الكبير"، مطالبًا الحكومة بإعادة النظر فيه، موضحا أن زيادة الانتاج خلال هذا الشهر عن الشهر الماضي وتواجد طلب كبير في العديد من الأسواق يعني إمكانية مضاعفة حجم الصادرات وجلب المزيد من العملات الصعبة للبلاد.
 
ويرى مزارعون أن قرار منع تصدير البصل قد يلحق ضررًا كبيرا على مزارعهم التي تعد مصدر دخل وحيد لكثير من الأسر، وسيساهم في مضاعفة البطالة في الساحل الغربي للبلاد.
 
من جهته يقول المزارع أحمد حزام لـ"يمن شباب نت": "لن يتحمل تبعات هذا القرار إلا المزارع الذي يتكبد تكلفة غلاء المشتقات النفطية والأسمدة ويبيع كل ما لديه من مدخرات ويستدين من كل قريب وصديق وهو ملزم بالسداد نهاية الحصاد ولن يكون مصيره سوى السجن أو بيع أرضه لقضاء وسداد دينه".
 
وأكد أن دور الحكومة غائب تمامًا عن مساندة المزارعين ولم تقدم لهم أية مساعدة وتخلت عنهم في أحلك الظروف التي تمر بها البلاد نتيجة الحرب منذ 10 سنوات".
 
وأضاف: "لو أن الحكومة صمتت على الأقل وتركت المزارع وشأنه ولم تقم بإصدار قرارها المجحف بوقف صادرات محصول البصل دونما استطلاعات ودراسات لحاجة السوق"، مؤكدا عدم وجود ضمانات كافية لحماية حقوق ومصلحة المزارع المغلوب على أمره.
 
وواصل حزام: "لن يستفيد من هذا القرار إلا التاجر المُصدِّر الذي سيقوم بشراء المحصول بثمنٍ بخس مستغلاً قرار المنع في المناطق التي تسيطر عليها الشرعية وسوف يقوم بتصديره من ميناء الحديدة".
 
وطالب المزارع حزام بإلغاء القرار الذي وصفه بـ"الظالم" بحق المنتج (المزارع)، مناشدًا الجمعيات الزراعية والاتحاد العام للجمعيات والنقابات بالقيام بواجبها القانوني وحماية حقوق المزارعين.
 
معالجة آثار القرار
 
ومع تزايد مخاوف المزارعين من آثار قرار منع التصدير، قال وكيل وزارة الزراعة لقطاع الري محمد الزامكي في تصريحات منشوره له، "سيكون للقرار أثر إيجابي على انخفاض الأسعار بالنسبة للبصل وخلال الأيام القادمة سينخفض أكثر"، مشيرًا إلى أنه من المفترض أن يتم تقنين الصادرات بحيث لا يتضرر المزارع.
 
وأشار إلى انعقاد اجتماع بهذا الخصوص مع السلطة المحلية والغرفة التجارية والصناعة والتجارة والامن، وتم خلاله الاتفاق على رفع آلية إلى الوزير بخفض الصادرات في حدود 30% بحيث يحقق انخفاضًا للأسعار في السوق المحلية وأيضًا تتاح للمزارعين فرصة تصدير جزء من المحصول، للحصول على أرباح مجزية وأيضًا دخول عملة صعبة للبلاد.
 
وفي هذا الجانب قال الصحفي الاقتصادي وفيق صالح في حديث لـ"يمن شباب نت"،" يبدو أن الحكومة لجأت لهذا القرار لكبح ارتفاع أسعار البصل في السوق المحلية، مشيراً إلى الارتفاع القياسي الذي شهدته الأسواق المحلية خلال الفترة الأخيرة بشكل يفوق قدرة المواطن على الشراء".
 
وأوضح أن "هذا القرار يمكن أن يؤدي إلى انخفاض أسعار البصل في السوق المحلية ويعمل على تواجده داخليا بوفرة.. إلا أن هذه الخطوة أيضاً مرهونة بإجراءات أخرى من قبل الجهات الرسمية، عبر تقديم التسهيلات اللازمة للمزارعين في عملية التوزيع والتسويق المحلي بين المحافظات ومساعدة المزارعين في التسويق والبيع إلى مختلف المحافظات اليمنية.
 
وأضاف "إذا كانت الحكومة جادة في هذا القرار في معالجة أزمة البصل في الداخل اليمني فاعتقد أنه يتحتم عليها أولاً مساعدة المزارعين وتقديم لهم كافة أوجه الدعم والتسهيلات الأخرى من أجل رفع وتيرة الانتاج المحلي وتسهيل عملية التسويق بين المحافظات وتوفيره بكثافة في الأسواق ويمكن أن يؤدي هذا الأمر إلى انخفاض أسعاره في السوق المحلية".
 


وشدد "صالح" على ضرورة تقديم الحكومة الدعم اللازم لمزارعي البصل في أدوات الانتاج الزراعي وخفض التكاليف المرتفعة، مثل الوقود والأسمدة، التي تدفع المزارعين إلى البحث عن أسواق خارجية لتعويض خسائرهم من زراعة البصل.
 
وتابع: "في الحقيقة تصدير البصل والخضروات والفواكه الأخرى هو بحاجة إلى آليات تنظيم واستراتيجية دقيقة من أجل أن ينعكس هذا التصدير على مستوى الإنتاج وكذلك على الاقتصاد الوطني من حيث أنه يورد عملة صعبة للبلد في الداخل".
 
وأردف: "أما في الوقت الراهن أعتقد أن هناك عشوائية نوعا ما في هذا الجانب، ليس هناك استراتيجية جادة للحكومة من أجل إنعاش هذا القطاع الهام".
 
آثار سلبية على السوق الزراعي
 
يرى خبراء ومحللون اقتصاديون، أن هذا القرار قد يسبب خسائر للمزارعين واضطراب لحالة السوق الزراعي وتكدس للمنتجات وسيؤثر سلبًا على العلاقات التجارية مع الدول المستوردة.
 
وفي هذا السياق قال المحلل الاقتصادي عبدالواحد العوبلي، إن قرار وقف تصدير محصول البصل الذي أصدرته وزارة الزراعة في الحكومة اليمنية يمكن أن يكون له عدة آثار سلبية، بما في ذلك الخسائر المالية للمزارعين".
 
وأضاف لـ"يمن شباب نت": "قد يواجه المزارعون خسائر كبيرة بسبب تراكم المحصول وعدم القدرة على تصديره، مما يؤدي إلى انخفاض أسعار البيع المحلية بسبب العرض الزائد".
 
وأضاف العوبلي أن "القطاع الخاص والشركات التي تعتمد على تصدير البصل قد تعاني من تقلص الأعمال وتراجع الإيرادات، ما قد يؤدي إلى تسريح العمالة؛ وقد يؤدي القرار المفاجئ والاستجابة السريعة المطلوبة من المصدرين إلى تقويض الثقة في استقرار السياسات الزراعية والتجارية في اليمن".
 


وأكد أن تغييرات السياسة التجارية العاجلة وغير المدروسة جيدًا يمكن أن تؤدي إلى عدم استقرار في السوق الزراعي وتؤثر سلبًا على التخطيط طويل المدى للمزارعين والمصدرين؛ وقد يؤدي القرار إلى تكدس الشحنات في المنافذ البرية والبحرية، مما يؤدي إلى خسائر مادية بسبب تلف البضائع أو تحمل تكاليف إضافية للتخزين.
 
وتابع: "يمكن أن يؤدي توقف الصادرات إلى عدم استغلال الموارد الزراعية في اليمن بشكل فعال، خاصة إذا كان الطلب الدولي على البصل يمثل مصدر دخل هام وقد تتأثر العلاقات التجارية مع دول الخليج وغيرها من الدول المستوردة للبصل اليمني، مما قد يقلل من الفرص التجارية المستقبلية"
 
وأكد أنه من المهم أن تقوم الحكومة بمراجعة القرارات الاقتصادية والتجارية بشكل دقيق وأن تأخذ بعين الاعتبار التأثيرات على جميع المعنيين، من المزارعين والمصدرين إلى القطاع الخاص والاقتصاد الوطني ككل، لضمان تحقيق التوازن بين الحاجة إلى تنظيم السوق المحلية وحماية مصالح المنتجين والمصدرين.
 


- فيديو :


مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر