حرب مليشيا الحوثي على الناشطين.. ترهيب بتُهم مفبركة (تقرير خاص)

في موازاة حربها المستمرة على مختلف المدن اليمنية غير الخاضعة لسيطرتها، على غرار مدينتي مأرب وتعز، التي تكثف من تعزيزاتها العسكرية وهجماتها العدائية باتجاههما هذه الأيام، تواصل مليشيا الحوثي حرباً مُستعرة بوجه النُخب والناشطين الحقوقيين، والشخصيات الاجتماعية الرافضين لسلوكيات الجماعة في العاصمة صنعاء وباقي المدن الخاضعة لسيطرتها.
 
وعلى مدى الأشهر الأخيرة، اتسعت رقعة هذه الحرب مع تزايد السخط الشعبي نتيجة انقطاع الرواتب، وتردي الخدمات، وسط دعوات لمحاسبة قيادات المليشيا المتهمة بنهب الإيرادات العامة والسطو على أملاك الدولة والممتلكات الخاصة.
 
هذا ما بدا عليه حال المليشيا مؤخرا، وهي تتعامل بقمع مع القاضي عبد الوهاب قطران، والتربوي عبد القوي الكميم رئيس نادي المعلمين، اللذان طالبا الحوثيين بصرف رواتب المعلمين، وتوفير الخدمات، وتحمل المسؤولية تجاه المواطنين، باعتبارهم سلطة أمر واقع، وذلك ضمن نهجها القمعي ضد أي صوت معارض لها، كما حدث للناشط "المكحل" الذي تعرض للتصفية في أحد سجون الجماعة بمدينة إب، وقبله تعرض عدد من الناشطين على منصة "يوتيوب" للسجن لعدة أشهر على خلفية انتقادهم لفساد المليشيا وانتهاكاتها الواسعة بحق المواطنين في مناطق سيطرتها.

وترفض مليشيا الحوثي تحمل مسؤولية تدهور الأوضاع المعيشية في مناطق سيطرتها، خلال السنوات الماضية وتعتبر أي دعوات تطالبهم بالالتزام بواجبهم كسلطة أمر واقع، "مؤامرة" وتحريض ضدهم يستهدف سلطتهم، ويزعمون أنها حرب أخرى تمارس ضدهم من قبل خصومهم.
 
انتهاكات خطيرة وتُهم كيدية
 
التهجم على المنزل وحصاره بالآليات العسكرية والمسلحين الملثمين، وإرهاب الأطفال والنساء، ثم الاقتحام والاعتقال والتغييب، وتلفيق التهم الكيدية، سيناريو واحد خلال عمليتي اعتقال نفذتها قوات حوثية لاعتقال القاضي عبد الوهاب قطران، وقبله رئيس نادي المعلمين عبد القوي الكميم.
 
التربوي عبد القوي الكميم وهو نائب مدير مكتب التربية والتعليم في مديرية السبعين بصنعاء، ورئيس نادي المعلمين، وقد تصدر عملية المطالبة برواتب ومستحقات 120 ألف معلم ومعلمة، خلال الأشهر الماضية، واستطاع أن يشل العملية التعليمية في مدارس صنعاء وعدة محافظات يمنية عقب إعلانه الإضراب، وفي مطلع أكتوبر 2023 حاصرت قوات عسكرية حوثية منزله، وهددت بنسف المنزل، واختطفته، وترفض الإفراج عنه.
 
وبحسب مصادر حقوقية فإن الكميم رفض العروض الحوثية مقابل اعتذاره واعلانه انهاء نادي المعلمين، وخلال فترة اخفاءه تعرض لعمليات تعذيب وإهمال طبي تسببت بتدهور وضعه الصحي وعجزة عن الحركة. 
 
ومطلع يناير الجاري حاصرت قوات عسكرية تابعة للحوثيين منزل القاضي عبد الوهاب قطران في مديرية التحرير بصنعاء، واقتادته إلى سجن الأمن والمخابرات التابعة لها، وبحسب مصادر تحدث لـ "يمن شباب نت" فإن الحوثيين رفضوا وساطة قبلية قادها وجهاء من همدان طالبت بالإفراج عن قطران، الذي أعلن مؤخرا معارضته سياسة التجويع التي تنتهجها مليشيا الحوثي فضلاً عن إدانته للاعتداء الذي طال الصحفي "مجلي الصمدي" في صنعاء ونهب إذاعته من قبل سلطات الجماعة.



وعقب الاختطاف سارعت عناصر الحوثي إلى توجيه تهم وصفها ناشطون على مواقع التواصل بـ "الكيدية"، وقد وجهت للكميم تهمة إثارة الفتنة لمجرد مطالبته بحقوق المعلمين، بينما اتهمت قطران بتناول "الخمر" وعرضت في وسائلها الإعلامية صورا لعلب خمر قالت انها عثرت عليها في منزله عقب اقتحامه.
 
وتعليقاً على تلك الوقائع وصف مركز الخليج لحقوق الإنسان، في بيان له أصدره في العاشر من الشهر الجاري، انتهاكات الحوثيين بـ "الخطيرة التي تقوض الحقوق المدنية والإنسانية لجميع المواطنين، بما في ذلك الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين في اليمن".
 
ودعا المركز في بيانه جميع الأطراف في البلاد، ـ بمافي ذلك الحوثيين ـ إلى احترام حرية التعبير وحقوق الإنسان الأساسية، ووضع حد لممارسة اعتقال ومهاجمة وتهديد الصحفيين والناشطين.
 
سجون وآلاف المختطفين
 
منذ اليوم الأول لانقلاب مليشيا الحوثي على السلطة في خريف 2014م، عمدت المليشيا إلى اختطاف آلاف المعارضين لها وركزت في عمليات الاختطاف على السياسيين والإعلاميين والحقوقيين والناشطين والتربويين.
 
وتقول وزارة حقوق الإنسان في الحكومة الشرعية إن عدد المختطفين والمحتجزين تعسفياً بلغ 14 ألف شخص في سجون الحوثيين، بينهم سياسيون وكتاب صحفيون ومدونون بشبكات التواصل الاجتماعي.
 
وتزايدت أعداد السجون الحوثية والتي استحدثتها مؤخرًا، وبلغ عددها حتى عام 2023 ـ بحسب منظمة "سام للحقوق والحريات" ـ نحو 600 سجن، بعد أن كانت أعدادها في سبتمبر 2017 ما يزيد عن مائة وتسعين سجنًا ومعتقلا، غالبيتها غير قانونية وفقا للمنظمة ذاتها.


 
تعنت حوثي
 
ورغم الدعوات التي أطلقتها المنظمات الحقوقية والوساطات المحلية ترفض مليشيا الحوثي الإفراج عن الكميم وقطران ومثلهم مئات الشباب الذين اختطفتهم عشية الاحتفالات بثورة 26 سبتمبر من شوارع العاصمة صنعاء ومدن أخرى.
 
المحامي فهد الوصابي رئيس منظمة "دي يمنت للحقوق والتنمية" يقول لـ "يمن شباب نت"، "إن مليشيا الحوثي تعيش حالة قلق وتوجس من السخط الشعبي، وتقمع الأصوات المعارضة خصوصا في صنعاء، وهذا يأتي في إطار مسار ممنهج تسلكه الجماعة، لإرهاب المجتمع واسكات الأصوات الرافضة للانقلاب".
 
وأوضح الوصابي "أن المليشيا لا تسمع ولن تسمع مناشدات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية لأنها لا تعرف حق قانوني أو انساني أو غيره".
 
وأشار الوصابي في حديثه إلى الدعوات التي أطلقها منسق الشؤون الإنسانية في اليمن "ديفيد غريسلي" خلال أكتوبر الماضي مطالبا مليشيا الحوثي بالإفراج عن أربعة من الموظفين التابعين للأمم المتحدة تختطفهم مليشيا الحوثي منذ نحو عامين.
 
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر