ما حدود الضربات الأمريكية ضد القدرات البحرية لجماعة الحوثي في اليمن؟ (تحليل خاص)

[ مصادر: قادة من إيران إيراني وحزب الله يساعدون الحوثيين في توجيه الهجمات البحرية (رويترز) ]

قالت صحف أمريكية إن الولايات المتحدة تخطط لشن مزيد من الضربات والغارات ضد القدرات الحوثية البحرية التي تهدد الملاحة البحرية في البحر الأحمر وخليج عدن. وبحسب واشنطن بوست فإن البيت ومسؤولين كبار في إدارة بايدن أقروا الأربعاء الماضي صياغة خطط لحملة عسكرية مستمرة تستهدف القدرات البحرية لمليشيا الحوثي في اليمن.
 
ويقول المسؤولون الأمريكيون– وفق الصحيفة - إنهم لا يتوقعون أن تستمر العمليات في اليمن لسنوات، لكنهم يعترفون بأنه من غير الواضح متى ستتآكل القدرة العسكرية للجماعة بشكل كاف.
 
يأتي التخطيط الأمريكي في وقت يقول فيه المسؤولون في الدفاع الأمريكية إن الغارات التي يشنها الجيش الأمريكي بمشاركة بريطانية منذ 12 يناير الجاري، أدت إلى تدمير ما بين 20-30% من القدرات البحرية الحوثية، التي تشمل الصواريخ الباليستية ومنصات الإطلاق، وأنظمة الدفاع الجوي، والرادارات، والطيران المسير.
 
وشنت جماعة الحوثي قرابة 30 هجوما بحريا على سفن عدة تزعم أنها مرتبطة بالاحتلال الإسرائيلي أو تتوجه إلى موانئه، بينما ردت الولايات المتحدة بست جولات من الغارات شملت الجولة الأولى منها عشرات الأهداف العسكرية الحوثية في عدة محافظات، بينما اقتصرت بقية الغارات على مواقع محدودة تستخدم للهجمات البحرية.
 
حدود الهجمات.. رقصة مضحكة بين الولايات المتحدة وإيران
 
صرحت الإدارة الأمريكية وفق واشنطن بوست بأن حدود الغارات الأمريكية تقليل القدرات البحرية الحوثية، أو ما يكفي للسماح لشركات الشحن بعبور منطقة البحر الأحمر، لكنها لا تهدف إلى هزيمة الحوثي في اليمن.
 
وأكد جون كيربي المتحدث باسم الأمن القومي الأمريكي الأحد لقناة إن بي سي  الأمريكية أن بلاده ليست في حرب مع الحوثيين. وكان البنتاغون قد صرح الأسبوع الماضي أن واشنطن لا تخوض صراعا مع  الحوثيين، ولا تشن حربا ضدهم.
 
وأكد كيربي أن الهجمات الأمريكية قانونية، ودفاع عن النفس. ووصف مسؤولو الإدارة الأمريكية، -الذين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة المداولات الداخلية- استراتيجيتهم في اليمن بأنها محاولة لتقويض القدرة العسكرية الرفيعة المستوى للحوثيين بما يكفي للحد من قدرتهم على استهداف الشحن في البحر الأحمر وخليج عدن أو على الأقل، توفير رادع كافٍ حتى تتمكن شركات الشحن التي تتجنب المخاطرة من استئناف إرسال السفن عبر الممرات المائية في المنطقة.
 
وقالت أليسيا كيرنز، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان البريطاني، للصحفيين في واشنطن: "الهجمات على الحوثيين، كما نعلم جميعا، لا تهدف إلى هزيمة الحوثيين، وهو ما كان الهدف السعودي، بل كان تهدف إلى إعادة الردع". وشاركت بريطانيا في الغارات على مواقع مليشيا الحوثي في الجولة الأولى منها بتاريخ 12 يناير الجاري.
 
إيران تهاجم بحدود لا تثير الحرب
 
وقالت صحيفة "لوكورييه انترناسيونال" الفرنسية في مقال تحليلي إن التوتر الأخير في البحر الأحمر يرسم صورة صراع بخاصية غريبة تظهر فيه كل من الولايات المتحدة وإيران حريصتين على تفادي أي مواجهة عسكرية مباشرة على الرغم من التصعيد المبادل بين التحالف البحري الذي تقوده واشنطن وجماعة الحوثي التي تنفذ هجمات بالوكالة عن طهران.
 
وشبهت الصحيفة الفرنسية في عنوان التحليل الصراع القائم بـ "الرقصة المضحكة بين واشنطن وطهران"، مشيرة إلى العناية الخاصة التي يوليها الطرفان لحدود التصعيد في رسائل متبادلة.
 
وأكدت الصحيفة الفرنسية أن معظم المراقبين يعتقدون أنه بينما حرضت إيران حلفاءها في المنطقة على مضايقة القوات الأميركية والضغط على إسرائيل والغرب في العراق وسوريا ولبنان وعلى الطرق البحرية في البحر الأحمر، اتخذ الإيرانيون احتياطات معينة حتى لا تسبب حريقا".
 
وتعهد وزير الخارجية الإيراني أمير عبداللهيان اليوم الأحد بعد ساعات من مقتل خمسة من عناصر الحرس الثوري الإيراني في سوريا إن بلاده ستستمر بقوة بنشر مستشاريها في المنطقة. ويطلق الإيرانيون صفة مستشار على بعثاتها العسكرية من الحرس الثوري الإيراني في دول عدة مثل سوريا والعراق ولبنان.
 
وتقول بريطانيا إن الهجمات على مليشيا الحوثي رسالة لإيران، ونقلت بلومبيرغ عن مسؤول بريطاني أن لندن حاولت الضغط على إيران دبلوماسيا لكنها خلصت إلى أن العمل العسكري ضد الحوثيين هو وحده الذي يمكن أن يردع طهران.
 
 
أولوية واشنطن: السلام في اليمن
 
رغم بدء الضربات الأمريكية على مليشيا الحوثي منذ قرابة أسبوعين التي شملت حتى الآن ما لا يقل عن خمس جولات من الغارات الكثيفة كالغارة الأولى، أو غارات استباقية على صواريخ ومنصات إطلاق قبل عمليات حوثية، وحديث إعلامي في واشنطن عن توجه لتكثيف الضربات فإن المحددات الرئيسية الأمريكية تجاه مليشيا الحوثي في اليمن ما زالت كما هي.
 
وقال مسؤولون لواشنطن بوست إنهم لن يشنوا عملية عسكرية ضد الحوثي قد تقوض عملية السلام الهش باليمن. وقال ليندركينغ في زيارته لدول عربية قبل أسابيع إن أولوية واشنطن هي السلام في اليمن.
 
وكتب المحلل السياسي، هشام المسوري -في صفحته على فيسبوك-:" مليشيا الحوثي ما زالت الحل المفضل لواشنطن للمشكلة اليمنية، وأضاف الحل الأمريكي للمشكلة التي تراها واشنطن في اليمن، عبر الحوثي، باعتباره شريكاً منظماً وجاهزاً في مواجهة "الإرهاب السني" وجاذباً للغريزة الأمريكية المعادية للأكثريات والتيارات العربية والإسلامية غير "شيعية" في منطقتنا".
 
ونقلت وكالة بلومبيرغ الأمريكية عن مسؤولين أمريكيين وخبراء -في تقرير لها ترجمه يمن شباب نت- أن الضربات التي تشنها القوات الأمريكية هي أقل الخيارات سوء بالنسبة لإدارة بايدن. ونقلت الصحيفة الأمريكية عن السفير الأمريكي السابق لدى اليمن جيرالد فيرستين أن الغارات خيار أقل سوء بالنسبة للإدارة الأمريكية.
 
وقال الباحث اليمني، أيمن نبيل الباحث اليمني في تصريح لـ"يمن شباب نت" إن" الضربات الأميركية على جماعة الحوثي ستكون محدودة". بينما قال إبراهيم جلال الباحث اليمني في تعليق له نشره بمركز ديل كارنيجي :" لقد نفذت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إجراءات محدودة ورمزية، ولا تزال هناك تساؤلات حول تحديد الأهداف العسكرية ذات القيمة العالية".
 
وأضاف جلال أن طريقة الحرب المحدودة تأتي انعكاسا للرؤية الأمريكية للصراع في اليمن، وبالتالي فإن أي معالجة فعالة للتهديدات الحوثية في البحر الأحمر تستلزم من واشنطن أن ينظروا إليها من خلال عدسة الأزمة اليمنية، وإلا فإنها ستواجه انتكاسات متكررة على الأرجح.
 
من جانبه قال المحلل السياسي اليمني سليم عبدالعزيز لـ"يمن شباب نت" إن "المواقف الأمريكية سواء عبر صد الهجمات الحوثية، أو عبر تصنيف الحوثية في قوائم الإرهابيين العالميين، أو في شكل ومستوى الغارات لا يشير إلى تغير في السياسة الأمريكية، بل إنها تعبر عن تحويل اليمن إلى ساحة لتنفيذ أولويات الأمن القومي الأمريكي الصرف وجعل أجندتها هي المتحكمة في كل شيء باليمن:.
 
استمرار الهجمات البحرية
 
بينما ربطت مليشيا الحوثي هجماتها البحرية بالصراع في غزة، فإن كثيرا من الباحثين يقولون إن مليشيا الحوثي التي لم تلق ردا كبيرا على هجماتها قد تتطور وتصبح أكثر عدوانية بمبررات جديدة. وقال إبراهيم جلال إن مليشيا الحوثي ومن قد تجد ذرائع جديدة لشن هجمات جديدة ضد الملاحة البحرية.
 
ومع تزايد الاغتيالات التي يتلقاها عناصر الحرس الثوري الإيراني وحزب الله وهجمات عدة تلقتها طهران، سيلجأ الحرس الثوري إلى الخيار الأسهل والممكن للرد على تلك الهجمات في اليمن عبر مليشيا الحوثي.

وقد اعترضت الولايات المتحدة بالفعل سفينة شراعية قبل أسبوعين قبالة السواحل الصومالية تحمل أسلحة إيرانية متطورة بحرية، وأنظمة اتصالات ودفاع جوية، وطيران مسير.
 
ونقلت رويترز عن مسؤولين إيرانيين وإقليميين أن قادة الحرس الثوري في اليمن ومعهم عناصر من حزب الله اللبناني يشرفون ويوجهون ويقدمون كامل ا لمساعدة لمليشيا الحوثي في الهجمات البحرية، من داخل الأراضي اليمنية.
 
وعجزت طهران الرد على الهجمات الإسرائيلية من جنوب لبنان عبر حليفها حزب الله أو مليشياتها في سوريا، وترى أن الواقع اليمني المعقد يسمح لها بالرد ضمن الحدود أعلاه، على أي هجمات ضدها. ورغم انسحاب سفينتها التجسسية بهشاد من البحر الأحمر قبل أيام إلى خليج عدن فإن الهجمات الحوثية البحرية تركزت في الآونة الأخيرة في خليج عدن وبحر العرب.
 
وقال مراسل قناة المنار -التابعة لحزب الله اللبناني -في صنعاء خليل العمري، إن "الهجمات الحالية على الملاحة الدولية وسفن الشحن إلى الاحتلال كما تزعم الجماعة، تفتح معادلات جديدة، وواقع جديد".
 
وأضاف عبر منصة "إكس"، أنه "ينبغي أن ينتج عنه فتح موانئ الحديدة بالكامل أمام سفن الملاحة دون الحاجة إلى مفاوضات مع الحكومة والسعودية، لأن المعادلة التي تخلقت بعد الهجمات: موانئ الحديدة مقابل موانئ جدة السعودية" على حد قوله.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر