تصاعد هجمات البحر الأحمر ضد السُفن.. هل تُغير نظرة المجتمع الدولي للحوثيين في اليمن؟

تضاعفت الهجمات التي يشنها الحوثيين على السفن الدولية التي تمر عبر البحر الأحمر من حيث العدد والشدة منذ اندلاع الحرب على غزة في أكتوبر، مما أثار قلق الكثيرين من أنها قد تؤدي إلى تصعيد إقليمي. وفق مركز ACLED الأمريكي.
 
برغم ذلك يرى تحليل أعده لوكا نيفولا، المتخصص الإقليمي في الشرق الأوسط، أن الحوثيين، وعلى الرغم من خطابهم، من المرجح أن يتجنبوا المزيد من التجاوزات، إذ اعتبر بان الحوثيين يهدفون من وراء تحركاتهم إلى إلهاء اليمنيين عن الإحباطات الداخلية ضدهم والاستفادة من المشاعر المناهضة لإسرائيل المتزايدة في الشرق الأوسط. على حد وصفه.
 
وتوقع التحليل الذي نشره المركز الأمريكي، - ترجمة "يمن شباب نت"-  بأن يكون لهذا التصعيد عواقب طويلة الأمد على نظرة المجتمع الدولي إلى الحوثيين. وسيكون من الصعب عليهم، على الأقل في المستقبل القريب، الترويج لفكرة أنهم يمكن أن يكونوا قوة معتدلة تحكم اليمن.
 
ووفقا للكاتب، نظراً لأنه يُنظر إلى الحوثيين على أنهم قريبون للغاية من إيران، فهناك حركة قوية في الولايات المتحدة، بما في ذلك متخصصون بارزون في اليمن، تدعم الاعتراف الكامل وتسليح الحكومة المعترف بها دولياً والتي لا تزال في جنوب اليمن. كما تطالب الإمارات الولايات المتحدة بإعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية والتدخل عسكريا.
 
ومن وجهة نظر الولايات المتحدة، تجاوز الحوثيون الخط الأحمر من خلال زيادة عدد الهجمات ضد السفن التجارية. ومع ذلك، في كثير من الأحيان، يقوم الحوثيون بتصعيد النشاط العسكري قبل المحادثات مباشرة أو قبل الاتفاقيات مباشرة من أجل إظهار أنهم بعد الاتفاق يتراجعون عن التصعيد.
 
لا يعتقد الكاتب أن الحوثيين على استعداد لإثارة تصعيد إقليمي أو تدخل مباشر من جانب الولايات المتحدة. وهم يأملون في إنشاء توازن في الردع يمكن التحكم به بحيث يكون احتمال حدوث المزيد من الانتقام الأمريكي أو غيره ضئيلاً.
 
وإذا أرادت الولايات المتحدة الرد، فمن المرجح أنها ستنفذ عمليات سرية لاستهداف البنية التحتية في اليمن بشكل انتقائي. وبشكل عام، فإن التوازن بين المواقف المختلفة غير مستقر، وقد يؤدي سوء التقدير إلى حدوث حلقة تصعيدية. لكن التحليل يرجح أننا سنشهد انخفاضًا في عدد الهجمات ضد السفن التجارية في البحر الأحمر في الأسابيع المقبلة.
 
 
لماذا قرر الحوثيون التصعيد؟

كانت رغبة الحوثيين المعلنة هي مواجهة الهجمات الإسرائيلية الساحقة على الفلسطينيين، لكننا نحتاج أيضًا إلى النظر في التطورات داخل اليمن منذ أبريل/ نيسان 2022، عندما توسطت الأمم المتحدة في هدنة في الحرب الأهلية المستمرة منذ عام 2015. حيث يبدو أن الحوثيين كانوا يحاولون تطبيع نخبتهم السياسية للتحضير لاتفاق سلام مع المملكة العربية السعودية.
 
لكن الحوثيين لم يحققوا نجاحاً كبيراً. ففي الأسابيع والأشهر التي سبقت اندلاع الصراع في غزة، بدأت الاضطرابات تتصاعد في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون للمطالبة بدفع الرواتب والتنفيس عن السخط العام على سوء الإدارة. دخل المعلمون في إضراب. وخرج مئات الآلاف من اليمنيين إلى الشوارع للاحتفال بيوم الثورة اليمنية في 26 سبتمبر 1962، وهو يوم مقدس بالنسبة للنظام الذي سبق الحوثيين. وقام الحوثيون بقمع المظاهرات واعتقلوا مئات الأشخاص.
 
لذا فمن المحتمل أن يكون السبب الآخر لتصعيد الحوثيين في البحر الأحمر هو صرف انتباه اليمنيين عن إحباطهم من حكومة الحوثيين.
 
ولا شك أن هناك أسبابا أخرى أيضا. وفي وقت المحادثات الثنائية مع المملكة العربية السعودية، كان من الممكن أن يرى الحوثيون التصعيد البحري كوسيلة لكسب النفوذ ضد الرياض.
 
 ويحاول الحوثيون الترويج لصورة الشعب اليمني النبيل الداعم للمقاومة الفلسطينية. وأن اليمن هو الدولة الوحيدة التي تدعم فلسطين، سواء من خلال التعبئة الشعبية، أو المظاهرات الحاشدة المؤيدة لفلسطين في الأشهر الأخيرة، أو الدعم الإعلامي، وكذلك الأعمال العسكرية. كما أنهم يقارنون موقفهم بدول عربية أخرى مثل السعودية والإمارات، التي يصورونها بأنها متقاعسة ولا تفعل شيئا.
 
في العلن، يدعي الحوثيون أن خطوط الشحن الدولية آمنة بالفعل لأنهم يستهدفون فقط السفن الموجهة إلى الموانئ الإسرائيلية أو المرتبطة بإسرائيل. وهم يتهمون الولايات المتحدة باستخدام هذا التصعيد كذريعة لعدم حماية حرية الملاحة وعسكرة البحر الأحمر وحماية إسرائيل. وفي الحقيقة، فإن الهجوم الذي وقع في 31 ديسمبر/ كانون الأول والذي أدى إلى رد فعل أمريكي كان ضد سفينة مملوكة للدنمارك.
 
وفي 2 يناير، هاجموا سفينة كانت متجهة بالفعل نحو مصر. يُظهر هذا التحريف الواضح إلى أي مدى نحن في عصر ما بعد الحقيقة: فالجمهور الحوثي المحلي سوف يصدقهم؛ وسوف يصدقهم الجمهور الإقليمي؛ وهم يحققون ما يريدون، ويلومون الولايات المتحدة على التصعيد.
 
لكن الدول الخارجية لن تصدق ذلك. في ديسمبر/كانون الأول، بدا الأمر كما لو أن المجتمع الدولي كان، للمرة الأولى، على وشك الاعتراف بالحوثيين كجزء من الحكم في اليمن.
 
لذا، حتى لو شعر الحوثيون بالتمكين في حساباتهم على المدى القصير، فهم يخوضون مقامرة طويلة المدى في نهاية المطاف.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر