كيف تستفيد إيران من هجمات الحوثي البحرية وتداعيات ذلك على اليمن؟ (تحليل)

أعلنت مليشيا الحوثي، يوم الأحد الماضي، خطف سفينة تجارية قبالة السواحل اليمنية، وحجزها في موانئ الحديدة على البحر الأحمر التي تسيطر عليها الجماعة التابعة لإيران منذ ثمان سنوات.

السفينة تدعى جالاكسي ليدر، وهي سفينة تجارية في البحر الأحمر مملوكة جزئيًا لقطب شحن إسرائيلي، واحتجزوا 25 فردًا من أفراد الطاقم كرهائن.لم ينتج عن الخطف أي رد فعل صهيوني أو أمريكي مباشر، ولكن الولايات المتحدة أعلنت في اليوم التالي إن خطف الحوثي للسفينة يعد انتهاكا للقانون الدولي.

بيانات عدة صدرت مؤخرا من الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي تطالب الحوثي بالإفراج الفوري عن السفينة وطاقمها دون قيد أو شرط. ومؤخرا أعلنت الولايات المتحدة أنها تدرس احتمالا لإعادة تصنيف مليشيا الحوثي ضمن قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، بعد أن أزالتها فور تولي بايدن مقاليد البيت الأبيض.

سياق الهجوم الحوثي:
 
ظاهريًا ودعائيًا، يصنف الحوثي هجماته الصاروخية وبالطيران المُسيّر على أنه موجّه ضد الاحتلال الصهيوني، ومشاركة من الحوثي "ضمن محور إيران" في مواجهة الاحتلال الصهيوني الذي يدمر غزة بالقصف جوًا وبرًا وبحرًا بدعم أمريكي أوروبي واسع، أسفر عنه اللحظة أكثر من 14 ألف شهيد مدني فلسطيني، غالبيتهم من النساء والأطفال.
 
أما في حقيقة الأمر فإن الهجوم الحوثي يأتي ضمن حملة حرب بالمنطقة الرمادية بين الاحتلال الإسرائيلي وإيران، والمنطقة الرمادية تعرف في القاموس الإيراني هي تصعيد لتحقيق الأهداف بالنقاط لا يؤدي إلى حرب شاملة.

وبالعودة إلى السفينة جالكسي ليدر، التي تعود ملكيتها جزئيا إلى رجل أعمال صهيوني يدعى أرماني، سبق أن خاض مواجهات مع إيران في بحر العرب والمحيط الهندي وخليج عمان.

وتعرضت قبل سنتين إحدى سفنه لهجوم بطيران مسير، في بحر العرب، وردت عليه إسرائيل باستهدف السفينة الإيرانية المرابطة بالمياه الدولية منذ سنوات لإدارة الحرب في اليمن وتدعى سافيز، وأدى ذلك بإيران في 2021 إلى سحبها وإحلال سفينة أخرى تدعى بهشتاد للمرابطة مكانها.

وسبق أن كشف التحالف العربي قبل سنوات أن السفينة الإيرانية في البحر الأحمر هي سفينة لإدارة الأعمال العسكرية الإيرانية عبر الحوثي في اليمن والبحر الأحمر.

ونشر المدون اليمني وائل البدري صورا لأقمار صناعية تظهر أن الحوثي خطف السفينة التي تشغلها شركة يابانية بعد مرورها بوقت قصير جدا من جانب سفينة التجسس الإيرانية بهشتاد، وعلى بعد أميال محدودة منها. 

ورجح البدري في منشور له على فيسبوك أن تكون السفينة الإيرانية هي التي أمدت الحوثيين بكل المعلومات عن السفينة، خصوصا أنها تتبع شركة يابانية، تملكها مجموعة أخرى في إسرائيل.

ويستند البدري إلى معلومات سابقة عن الضربات المتبادلة بين إسرائيل وإيران بحرًا، لتفسير لماذا خطف الحوثي هذه السفينة تحديدًا من إجمالي أكثر من خمسمائة سفينة إسرائيلية، ويقول في منشور آخر له على فيسبوك "إيران هي من حددت للحوثيين اختطاف هذه السفينة على وجه التحديد لإيصال رسالة لإسرائيل بأن الاختطاف ذو صبغة ايرانية وبأن ما قام به الحوثيون  هو استكمال لحرب إيران وإسرائيل غير المعلنة في البحر". 

ويضيف بدري، حسب بيانات الهجمات البحرية الإيرانية-الإسرائيلية فإن آخر عمليات استهداف ايرانية غير معلنة للسفن الاسرائيلية كانت على السفن التابعة لشركة  RAY CAR CARRIERS LTD المالكة لسفينة جلاكسي ليدر.

- في 25 فبرير 2021 إسرائيل تتهم ايران بالوقوف خلف الهجوم على  السفينة الإسرائيلية "هيليوس راي" في خليج عُمان.

- في 13 أبريل/2021، السفينة (هايبريون راي) تتعرض لهجوم بالقرب من ميناء الفجيرة الإماراتي واتهمت اسرائيل ايران بالوقوف خلف الاعتداء.

أبرز الأهداف الإيرانية 

تشير الباحثة اليمنية المتخصصة بالشأن الإيراني وفق ما نشرته على حسابها بمنصة إكس إلى ثلاثة عوامل إيرانية تستفيد من الهجوم البحري الحوثي، أولها تشكيل بيئة خصبة لزيادة النفوذ الإيراني في اليمن، خاصة فيما يتعلق بالحشد والتعبئة وتشكيل مقاتلين خارج اليمن تحت مظلة فيلق القدس تحت شعار الطريق إلى القدس وتخفيف الضغط عن بقية المحور الإيراني، وخصوصاً حزب الله، فيما يتعلق بالدخول في حرب مع إسرائيل، ودفاعا عن شعارتها الزائفة منذ عقود.

وثانيها: "توفير عامل الردع لمنع توسع الحرب وتفادي توجيه ضربة قوية مباشرة لأي أحد في المحور وذلك من خلال فتح خيار تهديد السفن والمدمرات في البحر الأحمر".

وثالثها: دعم الشعارات الأيديولوجية الإيرانية، وتوفير فرصة للحشد، خاصة أن المشاهد المروعة القادمة من غزة.

ويرى مراقبون، أن إحدى أهم التداعيات للهجمات البحرية أنه إثبات لقدرة إيران على تهديد الملاحة في مضيق باب المندب، بجانب تهديدها بمضيق هرمز، وهو ما يعد تطور هائل للقوة البحرية الإيرانية، وطول يد، أثبتت قدرتها على القيام بشيء ضد سفن الملاحة التجارية.

تداعيات الهجوم الحوثي على اليمن:

تشير تقارير اقتصادية، إلى أن التأثيرات الأهم للقرصنة الحوثية الإيرانية له تداعيات على أسعار الشحن إلى اليمن والموانئ اليمنية وارتفاع تكاليف الشحن، إلى بلد ارتفعت فيه أصلا أسعار التأمين البحري أكثر من 16 مرة، وفق بيانات رسمية حكومية وتقرير لخبراء عقوبات مجلس الأمن الخاصة باليمن.

وحسب تصريح، المدير العام المسؤول عن التأمين البحري بشركة المهندس للتأمين العام المصرية، فإن حرب الحوثيين ضد السفن الإسرائيلية وتهديدهم بضرب السفن المرتبطة بإسرائيل في منطقة البحر الأحمر يؤثر على تأمين البضائع التي تمر بالموانئ اليمنية.

وأشار إلى أن الصندوق العربي لتأمين أخطار الحرب (أوريس) ومقره البحرين، يغطي مخاطر الحرب وتسعيرها وتصنيفها وتوفير مختلف أنواع الحماية للشركات الأعضاء؛ بالإضافة إلى “سوق لويدز” في لندن.

كما أنه سيتم الرجوع إلى شركات إعادة التأمين للاستشارة عند تغطية أخطار التأمين البحرى على شحنات البضائع المارة عبر الموانئ اليمنية، متوقعًا أن تتضاعف أسعار التغطيات بنسبة 100% بسبب خطورة هذه السواحل نتيجة حالة الحرب.

كما ذكرت تقارير اقتصادية، عن شركات شحن مسجلة ضمن سوق لويدز في لندن التي تدير معظم شركات الشحن في العالم، فإن احتمالية ارتفاع أسعار الشحن إلى اليمن بنسبة تترواح في حدها الأدنى 100% وفي حدها الأعلى 300% بسبب تلك الهجمات التي ظاهرها دعم غزة، وجوهرها الصراع الإيراني الصهيوني.

جبهة جديدة للصراع الإيراني: 

يشير الباحث اليمني إبراهيم جلال في سلسلة تغريدات له على تويتر إلى خطف الحوثي للسفينة جالكسي ليدر إلى بصمة الحرس الثوري الإيراني التي ظهرت عدة مرات في الخليج العربي، ويزيد من نفوذ بحرية الحرس الثوري، ويفتح له جبهة جديدة. ويؤكد جلال أن التداعيات المباشرة تشمل أيضا أسعار التأمين والشحن البحري إلى اليمن وعبر البحر الأحمر.

على غرار ما حدث في بحر العرب وخليج عدن والمحيط الهندي أثناء ذروة الهجمات الصومالية على السفن، تدفقت أساطيل معظم الدول الكبرى إلى خليج عدن والبحر العربي والمحيط الهندي بقرارات دولية صادرة من مجلس الأمن، وبدونها، وصارت الجيوش البحرية الأجنبية تسيطر على المنطقة البحرية هناك، ويتوقع أن يتكرر الأمر في البحر الأحمر، بما يؤدي إلى فقدان الدول العربية على جانبي البحر الأحمر قدراتها وأمنها لصالح الدول الكبرى.

ويتوقع إبراهيم جلال إلى أن الهجمات الحوثية على السفن ستؤدي إلى زيادة التأهب البحري وزيادة دوريات السفن التجارية والمراقبة، وزيادة عسكرة البحر الأحمر وخليج عدن لإعادة التأكيد على حرية الملاحة وتحسين وضع الأمن البحري.

تحذيرات حكومية

نددت الحكومة اليمنية المعترف بها من خطورة الهجمات الحوثية، والتي ستؤدي في النهاية إلى تعزيز المصالح العسكرية الإسرائيلية في جنوب البحر الأحمر بجانب القوى العسكرية البحرية الأجنبية للدول الكبرى.

وقالت الحكومة في بيان لها :إن “الأعمال الإرهابية للحوثيين التي تشنها بالوكالة عن النظام الايراني من شأنها تعميق الأزمة الإنسانية للشعب اليمني، ومضاعفة الاعباء الاقتصادية، وتكاليف التأمين والشحن البحري على السفن المتجهة الى الموانئ اليمنية”.

وأضاف البيان، “أن مثل هذه الهجمات الإرهابية، ستصب في مصلحة القوى الأجنبية، بما في ذلك تحويل المياه الإقليمية الى مسرح للصراع، وتوسيع النفوذ الاسرائيلي، والجماعات المسلحة في المنطقة" 

ودعت الحكومة الدول العربية بجانبي البحر الأحمر إلى التحرك العاجل لمواجهة هذا العبث الإيراني بأمن المنطقة، وحرية الملاحة الدولية في واحد من أهم الممرات التجارية في العالم.

محليا: لم يحتشد خلف الحوثي الكثير مما كان يتوقعه الحوثي، وأدى تجاهل المقاومة الفلسطينية للهجمات الحوثية وقلة التغطية الإعلامية عربيا للهجمات الحوثية إلى خيبة واسعة لدى الحوثي وأنصاره، مما حدا بمحمد البخيتي إلى طلب أي تعليقات من المغتربين من غير اليمنيين عن الهجمات الحوثية.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر