مقتل الطبيب "السامعي" بنيران مسلح حوثي يفجر انتفاضة طلابية بجامعة ذمار.. هل انفرط العقد؟

[ طلاب جامعة ذمار خلال تظاهرة حاشدة تنديدا بجريمة قتل الطالب السامعي ]

بشكل يومي؛ يواصل طلاب جامعة ذمار جنوبي صنعاء، مظاهراتهم  احتجاجًا على مقتل زميل لهم، برصاص مسلح حوثي عمدًا وعدوانًا وفق ما يقولون، بدوافع مناطقية.

واعترفت المليشيا بأن عنصرًا حوثيًا يعمل في حراسة جامعة ذمار يدعى "عبدالله عبدالعزيز شرف الدين المتوكل" قَتَلَ بالرصاص الطالب الموشِك على التخرج في كلية الطب "جمعان السامعي" في مستشفى الوحدة التعليمي الجامعي بذمار فجر الأحد 24 سبتمبر الماضي، وزعمت أنها ألقت القبض عليه.

شرارة التظاهرات الطلابية تواصلت حتى وصلت إلى المناطق المحررة، حيث تظاهر الطلاب وخاصة طلبة كلية الطب في جامعة تعز نهاية سبتمبر الماضي في المدينة، ضد جريمة القتل. طلاب جامعة التربة بتعز نظموا أيضا وقفة احتجاجية أخرى متزامنة مع وقفة طلبة جامعة تعز.

وفي سامع مسقط رأس الطالب جمعان السامعي، يواصل الأهالي وخاصة الطلاب تنظيم التظاهرات باستمرار حتى يوم الخميس 5 أكتوبر، كما امتدت التظاهرات إلى كليات خاصة في مناطق سيطرة الحوثي بتعز مثل تظاهرة طلبة كلية سماء في منطقة خدير.

كان أبرز شعارات الطلبة الغاضبين "لن نرتاح لن نرتاح حتى يعدم السفاح"، والقاتل ينتمي إلى أسرة هاشمية إمامية  إجرامية كبيرة، وفي العقائد الزيدية الجارودية لا يُقتل هاشمي بيمني أو كما يسمونه بقبيلي، لأنهم من طبقتين اجتماعيتين متفاوتين.

ما جعل مليشيا الحوثي أمام وضع صعب، فمن جهة القاتل هاشمي من عناصرها، ومن أسرة قوية، ومن جهة أخرى شرارة الاحتجاجات المتواصلة بهذه الكثافة بقيادة الطلاب انطلقت في أكثر من منطقة، والمرشحة لارتفاع مطالبها أكثر فأكثر من مطالب حقوقية إلى مطالب سياسية، على غرار ما فعله الطلاب بجامعة صنعاء والجامعات الحكومية والخاصة في ثورة  2011.

تظاهرات الطلاب الجامعيين تزامنت أيضا مع قيام عدد من مدارس محافظة إب إلى تنظيم فعاليات جمهورية بذكرى ثورة السادس والعشرين من سبتمبر رغم الاقتحامات الحوثية المتواصلة للمدارس لمنع تلك الفعاليات وإطلاق الرصاص الحي فيها، خاصة مدارس الطالبات.

الطلاب يتحدون الحوثي

تظاهرات الطلاب المستمرة دفعت بقيادة المليشيا إلى إرسال كبار قادتها الأمنيين لإيقاف التحركات الاحتجاجية، وقال مدير أمن ذمار المعين من الحوثي بعد أسبوع من الجريمة البشعة التي هزت التيار الطلابي في اليمن، إن جريمة قتل الدكتور جمعان السامعي مكتملة الأركان. 

الأهم في حديث مدير الأمن الحوثي العميد أحمد الشرفي أبو حمزة،  أنه طالب الطلاب بوقف الاحتجاجات، وأنه سيقف ضد أي محاولة لتمييع إجراءات المحاكمة، ودعا الطلاب لمتابعة المحامي بدلا من التظاهرات.

وطالب المشرقي من الطلاب وقف الاحتجاجات، خشية تحولها إلى تظاهرات عارمة، أو تحريف مطالبها، بعيدا عن الجريمة الجنائية، وتوعد بوقف أي تظاهرات ومنع الطلاب من الجلوس والوقوف حد قوله.

ووفق المعلومات التي حصل عليها "يمن شباب نت" إن التهديدات التي أطلقها المشرقي ضد الطلبة، جاءت بعد فشل محاولات لإيقاف الاحتجاجات قام بها محمد البخيتي القيادي البارز في المليشيا المعين محافظا لذمار من الحوثي.

ومع استمرار الاحتجاجات وتوسعها في محيط كلية الطب بجامعة ذمار بنفس المدينة التي تحمل ذات الاسم، أطلقت مليشيا الحوثي الرصاص الحي في الهواء لتفريق المتظاهرين يوم الأربعاء 4 أكتوبر الجاري، وكادت أن تهاجم المتظاهرين بالقنابل وفق شهود عيان من الوقفات الطلابية.

وقالت كلية الطب في جامعة ذمار منتصف في الثالث من أكتوبر الجاري إن التحقيقات التي أجرتها نيابة الحوثي أقرت تحويل الجريمة إلى المحكمة، على أن تبدأ الجلسات في الأسبوع الثاني من أكتوبر، في محاولة حوثية يائسة لاحتواء الحراك الطلابي، الذي اشتعلت شراراته بجريمة قتل الطالب السامعي، واحتفالات الشعب بتظاهرات واسعة بمناسبة ذكرى الثورة في عدد من المحافظات.

أهمية التظاهرات 

تكمن أهمية تظاهرات الطلاب في أنها تمثل أهم شريحة يعول عليها التحرك الفاعل على المستوى الوطني، وعبر المحافظات، والصمود لمدة أطول من أي فئة اجتماعية أخرى. وقد أثبت الطلاب خلال أسبوعين من التظاهرات قدرتهم على كسر إنهاء الحظر الحوثي على التظاهرات المرتبة والمعد لها من سابق. 

وتعد تظاهرات الطلاب في جامعة ذمار وبقية الجامعات أشبه بانتفاضة طلابية متواصلة منذ 12 يوم تقريبا، ولم تفلح التهديدات الحوثية من أعلى المستويات بقمعها، أو احتوائها، كما أنها لم تتعثر نتيجة ارتفاع وتيرة القمع الحوثي الذي بدأ بمفاوضات قادها محافظ ذمار المعين من الحوثي محمد البخيتي ثم التهديدات التي أطلقها مدير أمنها أبو حمزة المشرقي، ثم إطلاق النار في الهواء والتلويح بضرب القنابل عليهم.

بدلا من ذلك، ازداد عدد المتظاهرين وتوسعت إلى عدة جامعات خاصة في محافظة تعز، حتى في مناطق سيطرة الحوثي. وحظيت أخبار التظاهرات بالصدارة في وسائل الإعلام المحلية خلال الأيام القليلة الماضية، إلى الحد إلى جعل الإعلام الأمني الحوثي ينشر خبرا على موقعه الإلكتروني أن التظاهرات نظمها ملتقى الطالب الجامعي الحوثي، وليس الطلاب من خارجه. 

وعلى ذكر ملتقى الطلاب الجامعي انتشرت أخبار أن الملتقى وهو تجمع حوثي طلابي على غرار الباسيج الإيراني يعمل على إثناء الطلاب عن التظاهر والرفع بأسماء المتظاهرين والمحشدين من الطلاب، وحاول منع التظاهرات خلال الأيام الماضية وفق مصادر طلابية ومنشورات طلابية على وسائل التواصل الاجتماعي.

كما أن التظاهرة جاءت من محافظة ذمار وفيها، حيث يعدها الحوثي وأساطير الإمامة كرسي الإمامة الإجرامية، ليشير إلى تحولات اجتماعية هائلة تنسف الأساطير والدعايات الحوثية، وتجعلها معزولة من المجتمع وأن من تظن أنهم يوما بجانبها هم من سيكونون أول المنتفضين ضدها.

دلالة التوقيت

اندلعت المظاهرات في وقت متزامن مع تظاهرات شعبية عارمة في عدة محافظات تسيطر عليها المليشيا أبرزها صنعاء وإب والحديدة بمناسبة الذكرى الحادية والستين للثورة الجمهورية 26 سبتمبر، التي خطفت فيها مليشيا الحوثي أكثر من 1500 شاب في صنعاء وحدها، كما خطفت أعدادا أخرى في كل من الحديدة بما فيهم قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام، وشبابا آخرين في إب.

وبحسب مصادر خاصة حصل عليها "يمن شباب نت"، فإن الشريحة الأعظم للمتظاهرين بمناسبة سبتمبر كانت من الطلاب. وبينما نشرت مليشيا الحوثي آلافا من عناصرها ومئات الأطقم والآليات وسحبت أعدادا كبيرة من جبهات القتال ضد الحكومة، للسيطرة على التظاهرات الشعبية، فإن الحراك الطلابي لجامعة ذمار وتظاهراته عمق من الانهيار الحوثي أمام حركة التظاهرات، وجعل قدرة الحوثي على منع التظاهرات أقل من ذي قبل، وشجع عددا من الطلاب والجامعات على استمرار التظاهر.

كما أن المظاهرات جاءت في وقت أقال فيه الحوثي حكومة بن حبتور الناتجة عن تحالفه السابق مع المؤتمر الشعبي العام الموالي له في صنعاء، وفشله منذ 27 سبتمبر الماضي في تكليف شخص بتشكيل حكومة جديدة، ويشجع موقف المؤتمر الشعبي الرافض لأي إجراءات حوثية تمس بشكل النظام السياسي أو الجمهورية، أو مضامين ثورتي سبتمبر وأكتوبر.

تداعيات تظاهرات طلاب الجامعات

في اليمن الجمهوري يقول عبدالله البردوني إن التيار الطلابي كان أقوى توهج الحركات الطلابية في مواجهة الإمامة، وكانت ثورة فبراير1948  تعتمد على الطلاب.

"تتسم ثورات الشباب بالتواصل الحار والنشاط الذي لا يهدأ لأنه عجول للغاية وقوي التحمل...ويحس نفسه معنيا بالوطن". كما يشير البردوني إلى أن زيادة الغضب الطلابي ازداد في عدة محافظات مع نهاية الخمسينيات من القرن الماضي، وكان أول انفجار في وجه أحمد يحيى حميد الدين عبر الطلاب ردا على مجازر 1955 في تعز. وعند البردوني مثلت تلك التظاهرات انتقالا للدور الطلابي من الهمس إلى الفعل بعد سنوات من الخمود إثر فشل الثورة الدستورية.

ويقول إنها كانت أول فعل شعبي وليست طلابي فقط، ينبه إلى أهمية حركة الجماهير. ويؤكد البردوني أن التظاهرات الطلابية في نهاية خمسينيات القرن الماضي ضد الإمامة كانت في البدء احتجاجية ثم مطلبية، ثم تحولت إلى مظاهرات تضامنية واسعة في عدة محافظات تنتقد الأوضاع العامة كليا.

ويشير البردوني إلى أن تظاهرات الطلاب في منتصف1962 كانت أبرز المؤشرات على قرب االثورة الشاملة في 26 سبتمبر وكان عناصر الحركة الطلابية وقود تلك الثورة.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر