اليمن.. تسعة أعوام من المقاومة الشعبية والرفض المجتمعي للمشروع الحوثي

[ في ذكراها التاسعة.. 21 سبتمبر .. نكبة وطن ]

إنها الرابعة عصراً من يوم الأحد الموافق 21 سبتمبر 2014م.. مئات الأطقم والعربات تحمل عشرات المسلحين بزي المدني تجوب شوارع العاصمة صنعاء.

اصوات اشتباكات متقطعة تُسمع من جهة شارع الستين الشمالي والفرقة الأولى مدرع، عناصر مدنية بسلاحهم ينصبون نقاط تفتيش في أغلب شوارع صنعاء!!

ما الذي يحدث؟! تنقل قنوات التلفزة تلك الأحداث تحت عنوان "جماعة الحوثي تسيطر على العاصمة صنعاء وتستولي على مرافق ومؤسسات الدولة بالقوة"! كان ذلك إذن هذا هو المشهد الذي صدم أغلب اليمنيين والمراقبين وأصابتهم حالة من الذهول والارتباك.

تمددت مجاميع الحوثي جنوبا باتجاه ذمار والبيضاء وإب، ووجهت الأخيرة ضربات مميتة لعناصر الحوثي الذين حاولوا دخولها من مديريات القفر والعدين ويريم والرضمة، قبل أن تسقط. فيما واجه الحوثيون في البيضاء قتالا شرسا ومعارك شعبية عنيفة.
 
لا للاستسلام.. كلمة الشعب

صباح الاثنين 22 ديسمبر 2014 تحركت في صنعاء مجاميع شعبية رافضة وأخرى طلابية خرجت من جامعة صنعاء.

تم إشهار حركة رفض الشعبية المناوئة للحركة الحوثية في اليمن، تأسست الحركة من قبل شباب ونشطاء حقوقيين وسياسيين من محافظات عدة ترفض للانتهاكات التي ترتكبها جماعة الحوثي المسلحة ضد خصومها السياسيين والنشطاء من مختلف المكونات.

خرجت في 14 مارس 2015 أول مظاهرة حاشدة، جابت يومها شوارع العاصمة صنعاء ترفع لافتات وشعارات رافضة للانقلاب الحوثي بشكل صريح دفع مسلحي وقيادات الحوثي لإعلان "حالة طوارئ" وقام المسلحون بتفريق تلك المظاهرة الحاشدة بالقوة، في الوقت الذي كانت جحافلهم قد وصلت إلى أغلب مناطق ومحافظات الجمهورية. 

برزت بعد ذلك مظاهر الرفض المجتمعي للمليشيات وتنوعت بين المواجهات المسلحة والانتفاضات وقتل القيادات الحوثية ومقاطعة أنشطتهم ورفض حضور دوراتهم وكتابة عبارات ضد المليشيات في شوارع المدن وتمزيق صور قتلاهم وإحراق ملازمهم.
 
مقاومة مسلحة

تلقت قيادات الحوثي ضربات قاتلة وحرب شوارع عصفت بها داخل العاصمة من خلال مجاميع غير منظمة أطلقت على نفسها "مقاومة آزال" تشكلت داخل العاصمة ووضعت لمسلحيها بنك أهداف لا ينتمي لمستوى قيادي معين، تمت تصفية كثير منهم.

الأمر الذي شوش خطة الرد والمواجهة لدى قيادات الحوثي قبل أن تتوقف تلك العمليات مع بدء المقاومة المسلحة في مأرب وعدد من المحافظات.

وفيما كانت عدد من محافظات شمال اليمن تقاوم المد المليشاوي الحوثي، كانت محافظات عدن ولحج وأبين وشبوة والبيضاء والضالع قد شرعت في مواجهة عسكرية مدعومة بتحالف عاصفة الحزم انتهت بتحرير كامل في يوليو واغسطس من العام 2015.
 
لم يكد يمضي على سيطرة المليشيات على العاصمة وبعض المحافظات سوى عدة أشهر حتى بدأت مظاهر الرفض المجتمعي.

والبداية عام 2015م بانتفاضة مسلحة في ذمار وتحديداً في مديرية عتمة حيث تلقت المليشيات فيها خسائر فادحة في الأرواح. على إثرها تم تأسيس مقاومة عتمة ثم مقاومة ذمار.

انتفضت قبائل الشعاور والأهمول بحزم العدين غرب محافظة إب ولاحقا مديريات بعدان والشعر والرحمة وكريم والقفر في العام 2016م معلنة تأسيس مقاومة إب، والتي تمكنت من تحرير ما يقارب من ١٠ مديريات كانت المليشيات قد سيطرت عليها بعد الإنقلاب.

استمرت المعارك في إب بين المقاومة الشعبية والحوثيين بين الكَرّ والفَرّ، وبالرغم من قلة الإمكانات وفارق التسليح والعتاد العسكري بين المليشيات والمقاومة إلا أن أبناء إب وقبائلها الأحرار كَبّدوا المليشيات خسائر فادحة.

ومع نهاية العام 2017 اندلعت انتفاضة مسلحة من قلب العاصمة صنعاء وعمران وحجة والمحويت فيما بعد عُرفت تلك الانتفاضة التي قادها الرئيس الأسبق علي عبد الله صالح بانتفاضة الثاني من ديسمبر.

بحلول عام 2019م كانت الانتفاضة الأكبر لقبائل حجور بمحافظة حجة، بالرغم من مُضي ما يقارب خمس سنوات على انقلاب الحوثي وسيطرته على مناطق ومحافظات شمال اليمن وامتلاكه قوة وعتادا عسكريا كبيرا، إلا أن صمود قبائل حجور لم يطل كثيراً.

اندلعت انتفاضة مسلحة في مديريات كشر وحجور شمال محافظة حجة استطاعت القبائل طرد المليشيات الحوثية من عدد من المديريات والمناطق وصولاً إلى منطقة عَاهم وأطراف مديرية عذر بمحافظة عمران، استمرت الانتفاضة القبلية ما يقرب من شهرين وسطرت صموداً اسطورياً في مواجهة آلة الحوثي وسلاحه الإيراني.

 في يوليو من العام 2020 ثارت قبائل ردمان آل عواض بالبيضاء ضد مليشيات الحوثي، كما ثارت قبائل قرية خُبزة بمديرية القريشية بمحافظة البيضاء واندلعت مواجهات عنيفة بين القبائل والحوثيين معلنين رفضهم لسيطرة وحكم المليشيات.
 
أساليب الرفض الشعبي

لم تكن الانتفاضات والمواجهات المسلحة ضد مليشيا الحوثي في مناطق سيطرتها هو الأسلوب الوحيد لرفض المليشيات فمع إعلان المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ هدنة الشهرين (2 أبريل - 2 يونيو 2022م) ثم تمديدها إلى أغسطس 2022) برز أنواع مختلفة من الاحتقان الشعبي ضد الحوثيين في محيط العاصمة وعدد من مناطق تواجد الحوثي.
 
أمانة العاصمة.. 250 فعالية رافضة

وثقت منظمات ومراكز رصد إعلامية ما يقرب من "250" فعالية نضالية شهدتها أمانة العاصمة خلال العام 2022 ضد مليشيا الحوثي الانقلابية، تنوعت بين "وقفات احتجاجية، وتظاهرات غاضبة، وإضرابات كُلية وأخرى جزئية" في عدة مؤسسات ومرافق حكومية.

وتصاعدت حدة الرفض المجتمعي خلال النصف الأخير من العام الجاري 2023 بعد الإضراب الذي نفذته نقابات معلمين للمطالبة بصرف رواتب المعلمين، رافقه حملات إعلامية تحولت إلى رأي عام مجتمعي يشهد تصاعداً مضطرداً يوماً بعد آخر.
 
الجوف.. مقتل 21 قيادي حوثي

في محافظة الجوف التي سيطرت عليها المليشيات مطلع العام 2021 اندلعت مواجهات عنيفة بين قبائل دهم وبني نوف وذو حسين وذو محمد من جهة، ضد تواجد مليشيات الحوثي، تكبدت الأخيرة خلالها خسائر كبيرة في العتاد والأرواح.

كما نفذت القبائل كمائن أدت إلى مصرع 21 مشرفا حوثيا، وفقاً لمصدر عسكري في المنطقة السادسة العسكرية التابعة للحكومة، في الخط الرابط بين الجوف ومأرب، ردا على محاولة نعب ومصادرة اراضي المواطنين بالقوة.
 
إب.. الحوثي عدو الله

في عاصمة اللواء الأخضر التي يتجاوز عدد سكانها 4 ملايين، تحولت الجنازة الحاشدة التي جابت شوارع المدينة تحمل جثمان الناشط حمدي الخولاني المعروف بـ"المُكَحّل"، الذي لقي مصرعه معذبا مقيدا في سجون الحوثي.

تحولت الجنازة إلى تظاهرة شعبية ضد المليشيا الحوثية، حيث خرج أبناء إب رجالاً ونساء لتشييع شهيدهم، صادحة حناجرهم بهتافات: "لا إله الا الله، والحوثي عدو الله".
 
صعدة.. انتفاضة في بقايا كهف الكاهن

وفي محافظة صعدة وتحديداً في 03‏/02‏/2023 انتفض أبناء القبائل في منطقة بَركان بمديرية رازح محافظة صعدة مسقط رأس عبد الملك الحوثي ضد عناصر من مليشيات الحوثي حاولت تحويل أراضيهم إلى مكب نفايات الأمر الذي رفضه أبناء المنطقة الذين اشتبكوا مع المليشيات وأجبروها على تغيير مكان مكب النفايات بعيداً عن مناطقهم.
 
عمران.. مقتل 33 حوثياً

وفي محافظة عمران تم رصد 31 حادثة رفض مجتمعي ضد الحوثي حتى اغسطس الماضي قتل فيها 33 قياديا وعنصرا حوثيا من قبل أبناء القبائل.

كان هذا العام مختلفاً عن الأعوام السابقة، حيث أفشلت قبائل عيال سريح محاولات الحوثي بإلغاء ما يسمى لدى القبائل "يوم النُشور" وهي عادة قبلية عيدية يجتمعون فيها لإقامة عادات وتقاليد قبلية، كما قاطعت حضور ما يسمى "يوم الولاية".

وقاومت قبائل بني صريم قراراً حوثياً بتغيير مدير أمن المديرية واستبداله بآخر من صعدة، حيث سيطرت القبائل بالقوة على مبنى الأمن والمجمع الحكومي.

وفتحت قبائل بيت بادي والحجز النيران الكثيفة في وجه مسلحي الحوثي الذي حاولوا السطو بالقوة  على أراضي تابعة لأبناء القبائل، ونجحوا في طرد عناصر المليشيات منها.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر