معهد أمريكي: استحالة قطع إيران روابطها العسكرية مع الحوثيين "أبرز التحديات التي تواجه رؤية 2030 السعودية"

قال معهد أمريكي إن من بين جميع التحديات التي تواجه الرؤية السعودية 2030 يمكن القول إن ليس هناك ما هو أكبر من تهديد إيران للأمن القومي السعودي، مشيرا إلى أنه لتحقيق النجاح، يجب على محمد بن سلمان حماية المملكة، الأمر الذي لن يتطلب فقط تعزيز دفاعاتها ضد المزيد من الهجمات الإيرانية والحوثية، ولكن أيضًا إنشاء مستوى من الردع ضد طهران.
 
وأشار معهد الشرق الاوسط «MEI» في تحليل - ترجمة "يمن شباب نت" - بالقول "بأنه برغم أن وقف إطلاق النار في اليمن ظل صامدًا إلى حد كبير، إلا أن الحوثيين لايزالون يمتلكون أسلحتهم الثقيلة، مما يعني أنهم لا يزالون يشكلون تهديدًا أمنيًا للمملكة العربية السعودية".
 
ووفق المعهد، لدى الرياض ثلاثة خيارات ردع رئيسية، وهي لا تتعارض بأي حال من الأحوال: الدبلوماسية؛ الحماية الخارجية وقدرات عسكرية أكثر فعالية. ربما يكون الخيار الدبلوماسي، رغم أنه غير كامل إلى حد كبير، هو أفضل رهان للسعودية في الوقت الحاضر للحفاظ على الهدوء.
 
ولكن للحفاظ على السلام على المدى الطويل، ليس هناك بديل عن قيام المملكة العربية السعودية بتطوير قدرات عسكرية أكثر فعالية، خاصة حيث أن خيار الحماية الخارجية يبدو أقل احتمالا.


الأمن هو الهدف الأسمى
 
 فالأمن جزء لا يتجزأ من إعادة الهيكلة الاقتصادية في المملكة العربية السعودية، وخاصة على هذا النطاق الضخم. وفي حال تعرضت المملكة لضربة تقليدية كبيرة أخرى، مثل تلك التي وقعت في سبتمبر/أيلول 2019، عندما أطلقت إيران 25 طائرات بدون طيار وصواريخ كروز ضد منشآت معالجة النفط السعودية في بقيق (أكبر مركز لمعالجة واستقرار النفط في العالم) وخريص، أو في حال استأنف الحوثيون المدعومين من طهران هجماتهم ضد أهداف مدنية سعودية، فقد تتلقى رؤية 2030 ضربة قوية. إذ يمثل هجوم سبتمبر 2019 أكبر انقطاع يومي لإمدادات النفط في التاريخ، مع خسارة 5.7 مليون برميل من إنتاج الخام السعودي.
 
حتى مع بدء حربها في اليمن عام 2015، كانت المملكة العربية السعودية تعيش في بيئة أمنية متساهلة نسبياً. ومن المؤكد أن التوترات كانت قائمة دائما مع إيران، وكان التهديد المتمثل في التطرف العنيف المحلي أو الإقليمي حاضرا في كل مكان.
 
لكن الأزمة الأولى لم تتصاعد قط إلى أزمة عسكرية، أما الأخيرة فقد تم احتواؤها نسبياً منذ عام 2003، وفي ذروة تهديد تنظيم الدولة الإسلامية في عام 2014، كانت المملكة العربية السعودية آمنة نسبياً.
 


وبدأ الوضع الأمني ​​في المملكة العربية السعودية في التدهور عندما أطاح الحوثيون، وهم جماعة متمردة يمنية تدعمها طهران، بالحكومة المركزية في صنعاء في سبتمبر 2014 واستولوا لاحقًا على جزء كبير من اليمن.
 
وعلى الرغم من أن اليمن كان شوكة في خاصرة المملكة العربية السعودية لعدة عقود، قدر السعوديون هذه المرة أن استيلاء الحوثيين على السلطة يمثل تهديدًا أكثر إلحاحًا لأمنهم القومي نظرًا لروابط الميليشيا المباشرة والمتنامية مع إيران. 
 
تسلح إيران الحوثيين بأسلحة متطورة، بما في ذلك الطائرات بدون طيار والصواريخ، وفي المقابل، يسمح الحوثيون لإيران بتوسيع نفوذها في البحر الأحمر، وهو رابط حيوي في شبكة من الممرات المائية العالمية ذات أهمية كبيرة للاقتصاد العالمي.
 
 وبعد أن رأوا كيف قامت طهران بإضفاء الطابع المؤسسي على نفوذها في أماكن مثل لبنان والعراق من خلال وكلاء شيعة محليين، خشي السعوديون من وجود موقع إيراني مماثل في الجوار.  ولمنع حدوث ذلك، شن محمد بن سلمان حربًا ضد الحوثيين، في البداية بمساعدة تحالف عربي من الشرق الأوسط وأجزاء من شمال إفريقيا.
 
لكنه فشل في نهاية المطاف في كسر خصمه، الذي لا يزال يسيطر على الجزء الأكبر من المرتفعات الشمالية في اليمن وكذلك العاصمة صنعاء. وقد أدى الجمود العسكري المضر بالطرفين بين الحوثيين والقوات اليمنية المدعومة من السعودية إلى هدنة في أبريل 2022 تحت رعاية الأمم المتحدة.
 
ولكن بينما كانت تكافح من أجل إنهاء حربها المكلفة في اليمن، وبينما كانت تشاهد الولايات المتحدة تسحب قواتها القتالية من العراق وأفغانستان وتحد من تدخلها العسكري في جميع أنحاء المنطقة، بدأت حسابات المملكة العربية السعودية بشأن المفاوضات مع إيران في التحول.  وكان هناك شعور بالإلحاح يتزايد في الرياض.
 
لم يكن المتمردون الحوثيون يشكلون مقاومة فعالة ضد المجهود الحربي السعودي فحسب، بل هاجموا أيضًا المدن والمطارات السعودية، مما ألحق أضرارًا بالغة بصورة الدولة التي تريد أن يُنظر إليها على أنها آمنة للأعمال والاستثمار الأجنبي المباشر.
 
 في أبريل 2021، بدأ المسؤولون السعوديون في الانخراط في محادثات مع نظرائهم الإيرانيين في بغداد حول مجموعة من القضايا، بما في ذلك، على الأخص، دعم طهران العسكري للحوثيين. وبحسب ما ورد التقى الجانبان لمدة خمس جولات على مدى عامين، وفي مارس/آذار 2023، أعلنا عن اتفاق برعاية الصين لتطبيع علاقاتهما الدبلوماسية.
 
 وحتى كتابة هذه السطور، مر أكثر من خمسة أشهر منذ توقيع الاتفاق السعودي الإيراني، لكن لا أحد يعرف ما هي الاتفاقيات، إن وجدت، التي توصلت إليها الرياض وطهران بشأن الأمن.  هناك لغة في الاتفاق الثنائي بشأن عدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، لكنها عامة وغير ملزمة.
 


وفي اليمن، على سبيل المثال، ليس من الواضح ما إذا كانت إيران ملتزمة قانونًا بوقف المساعدات العسكرية للحوثيين. فعلى الرغم من أنها وافقت على وقف شحنات الأسلحة السرية إلى الحوثيين كجزء من اتفاقها الدبلوماسي مع المملكة العربية السعودية لكنها في الواقع، لم تفعل ذلك. ففي مايو/ أيار 2023، صرح المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن، تيم ليندركينغ، أن إيران واصلت تزويد الحوثيين بالأسلحة والمخدرات.
 
وقف إطلاق النار الذي اتفق عليه الحوثيون والمملكة العربية السعودية في أبريل/نيسان 2022 صامد حتى الآن، ولكن من الممكن ألا يستمر كذلك. سيتم كسره في أي لحظة إذا قرر الحوثيون توسيع سيطرتهم الإقليمية. وحتى لو كان لإيران دور في تسهيل الهدنة، فمن غير الواضح ما إذا كان بإمكانها منع الحوثيين من شن هجمات جديدة ضد أهداف مدنية سعودية.
 
هناك أسباب تجعلنا أقل تفاؤلاً بشأن طول أمد الهدوء الحالي بين المملكة العربية السعودية وإيران.

أولاً، من غير المرجح أن تقطع إيران روابطها العسكرية مع الحوثيين لأن ذلك سيحرمها من موطئ قدم استراتيجي على مضيق باب المندب، وهو ممر بحري عالمي بالغ الأهمية يتحكم في الوصول إلى البحر الأحمر. وإذا امتلك الحوثي أسلحة إيرانية قادرة على ضرب أهداف في عمق المملكة العربية السعودية، فإن الأمن السعودي سيكون في خطر.
 
ثانيًا، من غير المرجح أن تتوقف إيران عن الاستيلاء على الناقلات التجارية في مياه الخليج لأنها ترى أن أفعالها هي رد فعل على قيام الولايات المتحدة أحيانًا بمصادرة شحنات النفط الإيراني.

ثالثاً، من المشكوك فيه أن تتوقف إيران عن دعم حلفائها المتشددين في لبنان والعراق، وأن تحترم فجأة سيادة هذين البلدين.  وهذا من شأنه أن يتعارض إلى حد كبير مع الأيديولوجية الإيرانية وعقود من ممارسة السياسة الخارجية في العالم العربي.
 
رابعاً، من المحتمل أن يتصاعد النزاع بين المملكة العربية السعودية والكويت من جهة، وإيران من جهة أخرى، حول حقل الدرة البحري للغاز الطبيعي. وقد قال الكويتيون إنهم والسعوديون يمتلكون حصراً الثروة الطبيعية في منطقة الخليج. أما "المنطقة المقسمة" البحرية، فقد ادعى الإيرانيون أن لديهم حصة فيها، ووصفوا الاتفاق السعودي الكويتي الموقع العام الماضي لتطويره بأنه "غير قانوني".

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر