سطو وعبث بمواقعها.. المعالم التاريخية في المكلا تحت وطأة الإهمال الحكومي

[ قصر السلطان القعيطي في المكلا بحضرموت بني في 1925م ]

تعاني المناطق الأثرية والتأريخية في محافظة حضرموت (شرق اليمن)، وتعرض بعضها للخراب نتيجة عدم الترميم او الاهتمام، وتسببت الامطار والمنخفضات الجوية بأضرار كبيرة لتلك الآثار، والتي اجتاحت المحافظة خلال السنوات الماضية.
 
بسبب الحرب المستمرة في البلاد منذ ثمان سنوات تضررت العديد من المعالم الأثرية نتيجة الإهمال، وهُدِّمت بعضها، ويخشى من اندثار هذه الاثار بسبب عدم الاهتمام بها من قبل الجهات والهيئات المختصة، ونستعرض بعضاً من تلك المعالم في مدينة المكلا حاضرة محافظة حضرموت.
 
تعتبر المعالم الأثرية والتاريخية لأي بلد موروث حضاري تاريخي يعبر عن مدى ثقافته وعمقه الحضاري وتتميز محافظات محافظة حضرموت بوجود العديد من المعالم الأثرية والتاريخية التي نقلت صورة إيجابية عن حضارة اليمن العريقة، وكانت قبل الحرب جاذبة للسياحة والزوار من مختلف دول العالم.
 

حاضرة حضرموت الأثرية

تتميز مدينة المكلا (مركز المحافظة) بالعديد بالمعالم الأثرية القديمة التي تجسد عراقة وحضارة أرض الأحقاف "حضرموت"، يوجد حصن الغويزي الذي بُني عام 1716م، على سفح صخرة بدقة وإتقان في عهد الإمارة الكسادية، حالياً يعاني من الإهمال حيث أصبح سكننا للطيور، ووجُد فيه أحد المشردين ساكنًا فيه، بالإضافة إلى الزحف المعماري الي يقترب منه ويفسد موقعه وتضرره من التقلبات الجوية والمطرية.
 
ومن ضمن الجوامع التأريخية "جامع البلاد" والذي بني عام 840م ويعد من أقدم وأبرز المساجد في مدينة المكلا، وجامع الروضة الذي أسسه أبو علامة بن الشيخ أبو بكر في 1851م، وجامع عمر الذي بناه السلطان عمر بن عوض القعيطي في العام 1930م وغيرها من الجوامع التاريخية.
 
ومن أبز المعالم التأريخية أيضاً قصر السلطان القعيطي الذي أسسه السلطان غالب بن عوض القعيطي مؤسس الدولة القعيطية في عام 1925م، ويقع في مدخل مدينة المكلا، ويوجد فيه حاليًا متحف المكلا الذي يضم مخطوطات ومصنوعات أثرية مختلفة، وبعض ملحقات السلطنة القعيطية.
 
وفي العهد ذاته في عام 1921م بنيت بوابة المكلا أو ما تسمى "سدة المكلا" وتعتبر واجهة المدينة ومدخلها الأول، وفي أواخر العام 1967م هُدِّمت السدة لعدم إدراك الحاكمين في تلك الفترة للأهمية التاريخية لها، وتنبه المسؤولين في تسعينات القرن الفائت لضياع الأثر فبُني مجسم هندسي يمثل سدة المكلا ويقع بالقرب مـن المكان الرئيس للسدة القديمة، وأطلق عليه مجسم السدة.
 
وهذه أبرز المعالم التأريخية في مدينة المكلا فقط، لكن محافظة حضرموت التي تعد الأكبر من حيث المساحة في اليمن يوجد فيها الكثير من الآثار والمواقع التأريخية البارزة، وكلها تعاني من الإهمال.
 

مظاهر الإهمال والأضرار
 
منذ سنوات لا يوجد اهتمام حقيقي بالمعالم الأثرية والتاريخية من قبل وزارة الثقافة والسياحة والهيئة العامة للأثار، ويشكو العاملين في فروعها بالمكلا من عدم وجود ميزانيات تشغيلية مالية للعمل، مما يجعل تلك المعالم في خطر التدمير والتهديم والنهب.
 
وقال مدير الهيئة العامة للآثار والمتاحف بالمكلا رياض باكرموم "أن غياب دور الدولة في توفير ميزانية للهيئة هو أبرز أسباب الأضرار التي لحقت بتلك المعالم مما جعل الهيئة غير قادرة على القيام بمهامها".
 
وأضاف في حديث لـ"يمن شباب نت"، "أن المعالم الأثرية في المكلا معرضة للتدمير والنبش، وغياب الحراسات يعرضها للسرقة والسطو على مواقع الآثار، بالإضافة إلى العوامل الطبيعية مثل الأمطار والرطوبة".
 

جهود محلية

تسعى عدد من الجهود المحلية للحفاظ على الاثار بمبادرات فردية تعمل إلى جانب المنظمات المهتمة بالعمل على ترميم بعد المواقع التأريخية، وإحياء التراث الثقافي والمادي في المحافظة من الاندثار.
 
أسس الباحث "خالد مدرك" المهتم بالآثار والتاريخ الحضرمي مؤسسة مستقلة قبل نحو عقدين تهتم بالحفاظ على الآثار والمخطوطات والمؤلفات القديمة للتمسك بالهوية الثقافية والوطنية والتراث الثقافي الحضرمي من الطمس، وإقامة الفعاليات والمحاضرات التي تُسهم في صون وحماية التراث الحضرمي.
 
وقال في حديث لـ"يمن شباب نت"، "أن هناك نقص في الوعي المجتمعي بأهمية الحفاظ على آثار البلد وإرثها الثقافي، لذا جاءت المؤسسة للإسهام في خلق ذلك الوعي وترسيخه لدى الناس، ولأن الآثار تمثل ذاكرة الشعوب وواجهة الدول الحضارية وبلد بدون موروث يصبح بلا هوية، لذلك أصبح من الواجب الحفاظ على ما تمتلكه اليمن من كنز ثقافي وتاريخي كبير".
 
ويقترح مدرك:" بضرورة احتواء المنهج الدراسي -في عموم البلد- مساحات معينة للتعريف بآثار البلد وتراثها وتاريخها الثقافي، من أجل تأسيس قاعدة ثقافية ومعرفية عميقة لدى الطلاب، وإدراكهم بأهمية هذه الآثار والحفاظ عليها".
 
وخلال السنوات الماضية تضررت الكثير من المواقع التأريخية وبعضها تعرض للقصف المباشر من قبل ميلشيات الحوثي ومقاتلات التحالف الذي تقوده السعودية، وأحدثت تلك الهجمات أضرار بليغة، بالإضافة إلى أسباب أخرى كالإهمال وغيرها.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر