كاتب أمريكي: تنازلات السعودية جعلت الحوثيين أكثر عدوانية وأي اتفاق بينهما لن يجلب السلام لليمن (ترجمة خاصة)

[ عناصر من مليشيات الحوثي المدعومة من إيران في صنعاء / هاني محمد - أ ب ]

 تحليل للكاتب الأمريكي جورجيو كافيرو نشره موقع الجزيرة الانجليزية ويحتوي تصريحات أبرز المتخصصين الغربيين بالشأن اليمني- ترجمة "يمن شباب نت".
 
 
على مدار العام الماضي، دخل اليمن في حالة اللا حرب واللا سلام. وفي حين أنها مفضلة على الحرب الشاملة، فهي أيضًا حالة غير مستدامة. كان هناك تركيز كبير على الجهود الدبلوماسية لإبرام اتفاق بين المملكة العربية السعودية ومتمردي الحوثي في اليمن المدعومين من إيران.
 
لكن من غير المرجح أن تحل أي صفقة بين هذين الطرفين الحرب الأهلية اليمنية. وبدلاً من ذلك، يقول الخبراء، إن هذه النتيجة ستتطلب مصالحة بين مجموعة من الجماعات اليمنية المختلفة.
 
وقعت المملكة العربية السعودية وإيران اتفاقية بوساطة صينية في 10 مارس لإعادة العلاقات الدبلوماسية.  ساعد هذا الانفراج أيضًا على تهدئة التوترات بين السعوديين والحوثيين.
 
يبدو أن الرياض مصممة على إيجاد مخرج لائق للصراع في اليمن، حتى تتمكن من التركيز أكثر على تنميتها الداخلية.  إذ أدى خفض التصعيد مع طهران إلى تعزيز مصالحها في منع الصراع السعودي-الحوثي من العودة إلى الحرب الشاملة في أعقاب انتهاء وقف إطلاق النار في أكتوبر.
 
وقال نبيل خوري، نائب رئيس بعثة الولايات المتحدة السابق في اليمن، لقناة الجزيرة الانجليزية، إن "ذوبان الجليد في العلاقات السعودية مع إيران كان له تأثير مهدئ على التوترات بين السعودية والحوثيين".
 
على الجانب الإيجابي، أدى انخفاض التوترات إلى إطالة فترة وقف إطلاق النار، على الأقل في شمال اليمن. وقال خوري إن تخفيف الحصار حول الشمال أدى إلى زيادة حركة اليمنيين داخل وخارج صنعاء وبالتالي منح فترة تنفس جيدة لغالبية اليمنيين الذين يعيشون تحت سيطرة الحوثيين.
 
وعلى الرغم من أن العلاقة المحسنة بين المملكة العربية السعودية وإيران قد يُنظر إليها على أنها تفتح الباب أمام سلام دائم مع الحوثيين، فإن المتمردين الحوثيين ليسوا وكلاء إيران.  لذلك، حتى لو أراد المسؤولون الإيرانيون بصدق كبح جماح الحوثيين، فإن مدى نجاح طهران في القيام بذلك غير واضح.
 
وقالت هيلين لاكنر، مؤلفة عدة كتب حول اليمن "قد يكون هناك أشخاص في السعودية يعتقدون أن هذه [الصفقة الدبلوماسية السعودية الإيرانية] قد يكون لها تأثير كبير على الحوثيين، لكني أشك في أن أولئك الذين هم على دراية أفضل وأقرب يدركون أن التأثير الإيراني على الحوثيين محدود للغاية".
 
وأضافت بالقول "عندما يريد الحوثيون والإيرانيون نفس الشيء، فإنهم يفعلون ذلك. عندما يريد الحوثيون شيئًا لا يحبه الإيرانيون، فإنهم ببساطة يتجاهلون ما يقوله الإيرانيون. ليس الأمر كما لو أن الإيرانيين يمكنهم أن يقولوا للحوثيين: افعلوا هذا وهم ينفذون . الأمر ليس بهذه الطريقة ".
 
منذ توقيع الاتفاق الدبلوماسي السعودي الإيراني، شدد ممثلو الحوثيين على أن صفقة إعادة التطبيع بين طهران والرياض لا يمكن أن تكمل صفقة بين الحوثيين والسعودية.
 
وقالت فينا علي خان، باحثة اليمن في مجموعة الأزمات الدولية ، "تم إثبات هذه النقطة خلال زيارة السفير السعودي [إلى] اليمن إلى صنعاء في أبريل / نيسان، حيث التقى بنظرائه الحوثيين والعمانيين. ما مثل مفاجأة للسفير محمد بن سعيد ال جابر، هو أن الحوثيين لم يكونوا مستعدين لتقديم أي تنازلات، حيث خرج خالي الوفاض.
 
وأضافت، "إذا كان هناك أي شيء، فقد استفاد الحوثيون من العلاقات الدبلوماسية الجديدة بين السعودية وإيران لإثبات استقلالهم عن طهران، وهو الأمر الذي طالما كرروه للرياض".
 
مواجهة قوة الحوثيين
 
سيكون من الصعب على الرياض الحصول على نفوذ على الحوثيين الذين يرون أن المملكة العربية السعودية تريد إنهاء مشاركتها في الصراع اليمني المستمر منذ ما يقرب من تسع سنوات. يشعر الحوثيون أن لهم اليد العليا، مما يمنحهم القليل من الأسباب لتقديم تنازلات كبيرة مع الرياض والجهات الفاعلة الأخرى.
 
وقالت إليزابيث كيندال، الخبيرة في شؤون اليمن في كلية جيرتون في كامبريدج، في مقابلة مع قناة الجزيرة الانجليزية  "السعودية حريصة الآن على الخروج من الحرب، لكن بالنسبة للحوثيين، أصبحت الحرب أسلوب حياة". 
 
وتابعت "بعد ما يقرب من عقدين من الحروب المتواصلة، من غير المرجح أن يوافق الحوثيون على السلام دون انتزاع تنازلات كبيرة في شكل قوة وأرض وموارد."
 
في هذا السياق، سيكون من الضروري مراقبة مأرب وعدوان الحوثيين المحتمل على المدينة التي تسيطر عليها الحكومة والغنية بالموارد. حيث قالت الباحثة  لاكنر: "إذا نظرت إلى خطاب الحوثيين، تلاحظ أنه يصبح أكثر عدوانية".
 
وأضافت أن السؤال المهم الذي يجب مراعاته هو ما إذا كان تجدد هجوم الحوثيين على مأرب، والذي فشلت الجماعة في تنفيذه خلال عدة هجمات سابقة، سيؤدي إلى تجديد الضربات الجوية السعودية.
 
وتابعت: "الشيء الوحيد في نظري الذي منع الحوثيين من الاستيلاء على مأرب هو الضربات الجوية السعودية، فهل يبدأ الحوثيون في مهاجمة مأرب مرة أخرى، هل سيتدخل السعوديون والإماراتيون بضرباتهم الجوية مرة أخرى؟  لا أعرف."
 
ويناقش المفاوضون السعوديون والحوثيون صفقة تتكون من ثلاث مراحل: قضايا إنسانية وترتيبات عسكرية ومحادثات بين الفصائل اليمنية.  وفقًا لفينا علي خان، فشل الجانبان حتى الآن في تجاوز المرحلة الأولى.
 
ويريد الحوثيون اتفاقا ينص على أن تذهب حصة من الثروة النفطية للحكومة إلى بنكهم المركزي. إنهم لا يريدون صفقة تجعلهم مدينين بالفضل مالياً للرياض، وهو ما يفسر موقفهم المتشدد بشأن اتفاقية تقاسم الثروة قبل أن يعقدوا محادثات بين اليمنيين. 
 
كما يريد الحوثيون من السعوديين التوقف عن دعم خصومهم اليمنيين وتسديد فاتورة مدفوعات إعادة الإعمار من جانبهم. وأوضحت فينا علي خان أنه "على الرغم من المأزق السياسي، هناك أدلة على الأرض على أن "اتفاق صامت "يمكن أن يكون قيد الإعداد". 
 
وأضافت، "ففي الفترة التي سبقت عطلة العيد، تم افتتاح مطار صنعاء أمام مزيد من الوجهات والرحلات الجوية. قد تكون هذه محاولة من قبل الرياض للحفاظ على الزخم الدبلوماسي لأنها تشتري الوقت للمناقشات الجارية مع الحوثيين ".
 
ومع ذلك، فإن الاعتقاد بأن اتفاقًا سعوديًا حوثيًا في حد ذاته يمكن أن يجلب السلام والاستقرار في اليمن هو أمر ساذج. إذ لن يتم حل العديد من القضايا الخلافية الأخرى تلقائيًا لمجرد توصل الرياض وحكومة الأمر الواقع في صنعاء إلى اتفاق.
 
بحسب الباحثة اليزابيث كيندل فإن "اتفاق سلام طويل الأمد بين المملكة العربية السعودية والحوثيين من شأنه أن ينهي الضربات الجوية بقيادة السعودية بشكل دائم، لكنه لن ينهي الصراع". 
 
وأوضحت كيندال أن هناك العديد من الفصائل والميليشيات المستثمرة في حرب اليمن غير المملكة العربية السعودية والحوثيين فقط، والذين ستحتاج جميع أهدافهم وطموحاتهم إلى معالجة من أجل أن يصبح السلام حقيقة في اليمن.
 
وكما قال خوري، فإن التغلب على "التحدي الصعب" المتمثل في الوصول إلى "تقارب يمني يمني" ضروري لتحقيق سلام أوسع في جميع أنحاء اليمن.
 
 التوترات في جنوب اليمن
 
لا يمكن التغاضي عن دور الإمارات العربية المتحدة، التي تدعم المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي. حيث كانت أبو ظبي غائبة بشكل ملحوظ عن المحادثات السعودية-الحوثية، ويشكك بعض الخبراء في التزامها بتعزيز السلام على الصعيد الوطني في جميع أنحاء اليمن.
 
وقال خوري: "بخلاف وقف الأعمال العدائية مع الشمال، ليس للإماراتيين مصلحة في تعزيز سلام عام داخل اليمن يسمح بتوسيع نفوذ الحوثيين في الجنوب". 
 
وتابع "من الأهمية بمكان بالنسبة للإمارات علاقاتها الوثيقة مع القيادة الجنوبية [الانفصالية] التي تسمح للإماراتيين بالسيطرة على الموانئ البحرية الجنوبية والممرات البحرية حول مدخل البحر الأحمر".
 
إن ضعف وهشاشة الحكومة اليمنية المعترف بها من قبل الأمم المتحدة، والممثلة حاليًا في مجلس القيادة الرئاسي والمدعومة رسميًا من قبل المملكة العربية السعودية، كلها تضعف التحالف المناهض للحوثيين.
 
ساهمت طبيعة المجلس وطريقة إنشائه في عام 2022 - إعلان مفاجئ صدر في الرياض - بشكل كبير في عدم قدرة الكيان على الحصول على أي موطئ قدم في اليمن.  وكما أوضحت لاكنر، فإن الحوثيين والمجلس الانتقالي الجنوبي "يحاولون بنشاط "تقويض" مجلس القيادة الرئاسي.
 
في ظل هذه الخلفية، هناك كل الأسباب التي تدعو إلى القلق بشأن مزيد من التشرذم في اليمن، لا سيما مع إنشاء المزيد من قواعد القوى المتنافسة في جنوب اليمن.
 
وقالت كيندال "المجلس الانتقالي الجنوبي زاد من هجومه الدبلوماسي مع ظهور هياكل سياسية بديلة مثل المجلس الوطني في حضرموت في الجنوب الشرقي". 
 
وأضافت، "سيكون من الخطأ التفكير في اتفاق سلام بين الحوثيين والمملكة العربية السعودية على أنه نهاية الحرب أو حتى بداية النهاية. ما لم يتم تقاسم السلطة بحكمة، يمكن أن تكون مجرد نهاية البداية "

المصدر: الجزيرة الإنجليزية

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر